الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في ذكرى رحيله.. محمود درويش: بيروت نجمتنا الوحيدة

محمود درويش
محمود درويش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بينما لا تزال العاصمة اللبنانية بيروت تنزف جراحها إثر التفجير المُفجع الذي شهده أهل المدينة قبل أيام؛ كان الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش، والذي تحل ذكرى رحيله الثانية عشرة اليوم الأحد، قد عاش مثل هذه الأوجاع خلال إقامته في العاصمة اللبنانية؛ والتي لخّص رؤيته نحوها بقوله "بيروت نجمتنا الوحيدة".
عاش درويش في بيروت واحدة من أطول وأقسى مرحلة من حياته، حيث انفجرت أشعاره مع انفجارات بيروت وحروبها الأهلية والطائفية، مع اعتداءات إسرائيلية لا تتوقف توجت بحصار بيروت عام 1982 وخروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان؛ حينها، في الفترة الممتدة من 1973-1982، كان درويش يرأس تحرير مجلة "شئون فلسطينية" وأصبح مديرا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، قبل أن يؤسس مجلة "الكرمل" عام 1981. كان يقول "عشت فيها عشر سنين أكثر مما عشت في حيفا، ولا يأذن لك أحد بأن تواصل الإصغاء إلى إيقاع ما فيها من أسرار".
ترك درويش بيروت بعد الغزو الإسرائيلي بقيادة شارون وحصارها وارتكاب مجازر صبرا وشاتيلا، لكنه كان قد عاش التجربة اللبنانية بكل تفاصيلها؛ وكانت مذبحة مخيم تل الزعتر هاجسه المرعب، فقد كان يرى الصمت والسلاح العربي يدخل إلى بيروت ليقتل من فيها ولا يتوجه نحو الاحتلال الإسرائيلي، فقال "أيها النسيان.. إنك تليق بكل الأسماء.. ولكنك لن تكون تل الزعتر".
قَمَرٌ على بْعَلْبَكَ
ودمٌ على بيروتْ 
يا حلوُ، من صَبَّكْ
فرسًا من الياقوتْ!
جاءت قصائد محمود درويش في بيروت مختومة بأصابع الشهداء والمقاتلين، تجمع الولادة والموت والبقاء والرحيل، المخيم وحق العودة، البحر والبّر؛ فقد كان يحاول أن يجد نافذة لمأزق الوجود الفلسطيني وهويته القلقة في بحر بيروت؛ قال "اعتبر أن المرحلة البيروتية في شعري ملتبسة بسبب ضغط الحرب الأهلية أولًا، وبسبب الشعور بألم العاطفة ثانيًا"
وأَنا أُحبكِ 
غَمِّسي بدمي زهوركِ 
وانثريها حول طائرةٍ تطاردني 
وتسمع ما يقول البحرُ لي 
بيروت لا تعطي 
لتأخذَ أَنت بيروتُ التي تعطي ل
تعطي ثم تسأم من ذراعيها 
ومن شَبَقِ المُحِبْ
ويظل الخروج الفلسطيني من بيروت نقطة تحول في تجربة درويش الشعرية، حيث إن لغة المنفى كانت أمدت جذورها في لغة درويش، لتعطيه مبررًا لصياغة ملحمة أو تراجيديا فلسطينية مثل انهيار بغداد وسقوط غرناطة، ليخرج لجمهوره بعد فترة لا بأس بها في باريس عقب خروجه من بيروت برائعته النثرية "ذاكرة النسيان" في عام 1986 وهي "أوديسا فلسطينية، سيرة ذاتية على شكل يوميات بيروتية تجري خلال يوم واحد من القصف الإسرائيلي الثقيل في السادس من أغسطس 1982" كما وصفها درويش، وهى نفسها ذكرى قنبلة هيروشيما؛ وكان قبلها قد وصف الحرب الإسرائيلية على بيروت وارتكاب المجازر والمذابح بحق الشعب الفلسطيني واللبناني في قصيدته التسجيلية "مديح الظل العالي".