الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"بطرس الراعي": الصلاة فعل حب يصدر من القلب لا من الشفاة

 الكاردينال مار بشاره
الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترأس الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي البطريرك الماروني اللبناني،اليوم الأحد، قداس الأحد الرَّابع من زمن العنصرة، بعنوان" يسوع يبتهج بالرُّوح"
وقال البطريرك الماروني في عظته،"وَصَلَّى يَسُوع: أَعْتَرِفُ لَكَ يَا أَبَتِ" (لو 21:10)، موضحا بانه لمَّا عاد التَّلاميذ الإثنان والسَّبعون فرحين لنجاح الرِّسالة التي أرسَلَهم لأجلها الرَّبُّ يسوع، صلَّى قائلًا: "اعترِفُ لكَ يا أبتِ، يا سيّدَ السَّماء والأرض، لأنَّكَ أخفيتَ هذه عن الحكماء والفهماء، وأظهرتها للأطفال" (لو 21:10). إنَّها صلاة الشُّكر رفَعَها إلى الآب متهلِّلًا بالرُّوح القدس، على نجاح الرِّسالة، وإيمان التَّلاميذ بقدرة المسيح الظَّاهرة على أيديهم.
وأضاف "الراعي"، هذه هي صلاة الكنيسة بمؤمنيها وجماعاتها، برعاتها وكهنتها ورهبانها وراهباتها، وهي اشتراكٌ في صلاة يسوع، وتتمُّ بإسمه، والآب يستجيبها. هذا ما أكَّده الرَّبُّ يسوع بقوله: "كلُّ ما تسألون الآب باسمي يُعطيكموه" (يو 23:16).
تابع "الراعي": يُسعِدُنا أن نحتفل معًا بهذه اللِّيتورجيَّا الإلهيَّة، مع إخواني السَّادة المطارنة والآباء أعضاء الأسرة البطريركيَّة في كرسيّ الدّيمان، والإخوة والأخوات الحاضرين، وكلِّ الذين يشاركون معنا روحيًّا عبر محطَّة تيلي لوميار – نورسات والفايسبوك. فنحيّيكم ونحيِّيهم جميعًا، ونرفع صلاتنا بصوتٍ واحدٍ إلى الله الآب بيسوع المسيح وشركة الرُّوح القدس، شاكرينه على كلِّ شيءٍ ومن أجل كلِّ شيء.
ونوجه إلى كل الآباء في يوم "عيد الاب" التهاني ونرفع الصلاة من اجلهم ومن اجل عائلاتهم. كما نصلي لراحة نفوس الذين سبقونا إلى بيت الآب.
وأستطرد "الراعي"، صلَّى يسوع في كلِّ مفصلٍ من حياته على أرضنا. وبصلاته علَّمَنا كيف نُصلِّي، واستحثَّنا على الصَّلاة، صلَّى بإسم كلِّ الخطأة عند قبوله معموديَّة يوحنَّا، فانفتحتِ السَّماء وجرى ينبوع الغفران على التَّائبين (راجع لو3: 21-22). وصلَّى في الصَّباح الباكر، استعدادًا للتَّبشير بإنجيل الملكوت وفقًا لإرادة الآب (مر 35:1). وصلَّى قبل اختيار رسله الاثني عشر لكي يأتي الاختيار وفقًا لقلب الله (متى 9: 35-38؛ 10: 1-5). وصلَّى قبل أن يقيم لعازر من الموت لكي يؤمن الجمع بأنَّه مرسَل من لدن الآب (راجع يو11: 41-45). وصلَّى من أجل وحدة المؤمنين به الذين اختارهم من العالم، "ليكونوا واحدًا كما هو والآب واحد" (راجع يو17: 20-23). وصلَّى إلى الآب ليُرسِل على الكنيسة النَّاشئة، "الرُّوح المعزِّي، روح الحقّ، الذي يعلِّم كلَّ شيءٍ ويذكِّر بكلِّ شيء" (راجع يو14: 15-17؛ 25-26). وصلَّى ملتمسًا الغفران لصالبيه (متى 46:27).
وأضاف "الراعي"، وعلَّمَنا كيف نُصلِّي بصلاة الأبانا (متى 6: 9-13)، التي بتلاوتها نعترف بأنَّنا أبناء وبنات لأبٍ واحدٍ في السَّماء، وبأنَّنا إخوة وأخوات. وبهذه الصِّفة نبني علاقاتنا الاجتماعيَّة، من دون أيِّ تمييز في لون أو عرق أو انتماء.
واستحثَّنا على الصَّلاة، قائلًا: "إسألوا تُعطَوا، أطلبُوا تجدوا، إقرعوا يُفتَح لكم. لأنَّ مَن يسأل ينَل، ومَن يَطلُب يجِد، ومَن يَقرع يُفتَح له" (لو11: 9-11). هذا الإلحاح على فاعليَّة الصَّلاة يشرحه القدِّيس أغسطينوس بقوله: "عندما نصلِّي، المسيح يُصلِّي معنا كرأس، ويصلِّي من أجلنا ككاهن، ويستجيب لنا كإله".
وكشف "الراعي" بان الصَّلاة فعل حُبٍّ يَصدُرُ مِن القلب لا مِن الشِّفاه. وهي سعيٌ إلى التماس إلهامات الرُّوح القدس، وحُسن قراءة علامات الزَّمن، وإلى اكتشاف إرادة الله في حياتنا والتزام العمل بموجبها. إنَّها ضروريَّةٌ لكلِّ واحدٍ وواحدةٍ منَّا في حياته الخاصَّة والعامَّة على السَّواء. إنَّها حاجةُ الأزواج والوالدين في العائلة، وحاجةُ المواطنين في المجتمع، وحاجة الأساقفة والكهنة والرُّهبان والرَّاهبات في الكنيسة، وحاجة المسؤولين السِّياسيِّين في الدَّولة.
وأختتم الراعي عظته بانه لا يستطيع أحدٌ ان يُحسِن القيام بوظيفته والاضطلاع بمسؤوليَّاته من دون العودة اليوميَّة إلى الله بالصَّلاة. فهي حوارٌ وجدانيٌّ مع الله من القلب إلى القلب. بها يتنقَّى العقل من كلِّ انحرافٍ إلى الكذب والازدواجيَّة، ويستنير بنور الحقيقة المطلقة الآتية من الله. وبها يتنقَّى القلب من كلِّ حقدٍ وضغينةٍ وبغض، ويمتلئ محبَّةً ومسامحةً وغفرانًا؛ وبها تتنقَّى الذَّات من كلّ انانيَّة وكبرياء وانحراف، وتمتلئ نعمةً تُزيِّن داخل الإنسان بالحياة الإلهيَّة. فتنعكس هذه كلُّها في الأعمال والأقوال والمواقف والأداء.