الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

رغم اغتياله.. فرج فودة مفكر يأبى الرحيل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تستطع الجماعات الإرهابية المتطرفة، التي قامت باغتيال المفكر الإسلامي الكبير فرج فودة، في مثل هذا اليوم من عام ١٩٩٢ أن تقتل أفكاره وتدفنها معه، وإنما انطلقت محلقة في سماء الفكر والإنسانية، لتكتشف هذه الفئات الباغية أن فرج فودة رغم اغتياله إلا أنه يأبى الرحيل، وأنه صار شبحا يطارد كل المتعصبين والمتخلفين من شراذم وأرامل جماعة الإخوان.
رفض فودة طريقة التيارات الإسلامية في تجهيل الناس، مشيرًا إلى أن أحد أقطاب تلك التيارات بعد زيارة له للسودان الشقيق صرح بأن السودان يعاني فقرا شديدا ومشكلات اقتصادية صعبة، وأن ذلك راجع إلى ابتعاده عن الله وعن شرعه في فترة سابقة، وأن الأمل في تطبيق الشريعة يمكن أن يبدل فقرهم غنى وعسرهم يسرا.
كان فودة قد انتقد تلك الطريقة التي يتعامل بها الإسلاميون من حيث إيهام الناس أن العدل والخير والرخاء سوف يعم البلاد بمجرد تطبيق الشريعة، والآن بعد مرور عقود طويلة على آراء فودة فإن الحركات الإسلامية التي وصلت للسلطة في السودان قد ثار عليها الشعب وأسقطها، ولا يزال السودان يعيش الفقر والضنك والمشكلات الاقتصادية، فلم تحقق لهم تلك التيارات أي رخاء مما وعدتْ به.
أفكار فودة التي أثبت صحتها الزمن، وتلك التغيرات السريعة والمتلاحقة التي طرأت على مجتمعنا العربي والإسلامي، حيث يعاني الكل من موجة التطرف والإرهاب التي تقوم بها جماعات الإسلام السياسي المتمثلة في الإخوان والجماعات الموالية لها مثل أنصار بيت المقدس وحسم وتنظيم داعش في سوريا والعراق.
تعرض فودة لموجة من الهجوم من أنصار الجماعات الإسلامية المتطرفة وصلت حدتها إلى اغتياله، بينما هو لم يكن يعنيه ذلك، وفق ما كتبه في مقدمة كتابه "قبل السقوط" الذي صدرت طبعته الأولى في العام 1985، حيث قال: "لا أبالي إن كنت في جانب والجميع في جانب آخر، ولا أحزن إن ارتفعت أصواتهم أو لمعت سيوفهم، ولا أجزع إن خذلني من يؤمن بما أقول، ولا أفزع إن هاجمني من يفزع لما أقول، وإنما يؤرقني أشد الأرق ألا تصل هذه الرسالة إلى من قصدت، فأنا أخاطب أصحاب الرأي لا أصحاب المصالح، وأنصار المبدأ لا محترفي المزايدة، وقُصاد الحق لا طالبي السلطان".
في العام 1987 وإبان الكشف عن جماعات متطرفة مثل "الناجون من النار"، وقبل محاولات اغتيال وزير الداخلية آنذاك كتب فرج فودة كتاب "الإرهاب" مما أثار ضغينتهم ضده.
وخلال كتابه تساءل فودة عن أهمية أبطال مثل طه حسين وعلي عبدالرازق لو عاشوا مثل بقية الناس يأكلون وينامون دون أن يفككوا مقولات تراثية مثل فكرة الخلافة، حيث قال: "إنني أتساءل عن أهمية وقيمة ما يمكن أن يقدمه سعد زغلول لو كان دوره اكتفى بكتابة مذكرة في الأحوال الشخصية وهو الدارس للقانون، ولو اقتصر دور طه حسين على تقييم أدب أبي العلاء أو دور على عبدالرازق على كتابة مذكرات أحكام القضاء الشرعي".
شدد فودة خلال مقالاته ومؤلفاته وحتى مناظرته التي جذبت أنظار الشباب مجددًا، إلى أن أبواق التيارات الإسلامية تقوم على الوهم وتهيئة المجتمع من أجل سقوطه في أيديهم، وقد أشار إلى عدد من الملاحظات والأساليب التي تعتمد عليها تلك التيارات.