السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مدرسة الإتيكيت الغربي "أكاديمية زرياب سابقا"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحن بالحقيقة نعرف "زرياب" ذلك الموسيقي والمطرب الفذ؛ الذي يعد واحدًا من تلامذة إسحاق الموصلي المغني الأشهر للخليفة العباسي هارون الرشيد، كما نعلم كذلك أهمية وحجم مساهمته في الحضارة الموسيقية الحديثة، إلا أن هناك جانب آخر مساوي لهذا الإسهام الموسيقي ويعد فخرا لهذا الرجل ولحضارته العربية التي تحدث بإسمها، ويتمثل هذا الجانب في أن زرياب قد أسس مدرسة الإتيكيت والجمال في الأندلس ومنها إلى الغرب كله، فهو قد علم أوروبا كيف تلبس؟ وكيف تأكل؟ بالطريقة المُثلى. مع العلم بأن زرياب هذا الذي نتحدث عنه كان داكن البشرة، إلا انه رغم هذا نجح في أن يجبر الجميع على أن يصفوه وبإستحقاق رجل أوروبا الجميل، فأصبحوا يقلدونه في مأكله ومشربه حتى وصل الأمر به إلى إنشاء أكاديمية لتعليم فن الإتيكيت نظرا لذيوع صيته في هذا المجال.
ومن المواد التي قدمها زرياب في أكاديميته الجمالية مادة الاستخدامات المتعددة للمناديل، إذ علم النساء كيف يستخدمن المناديل بصور مختلفة في اللون والحجم مع تعطيرها كي تجذب الرجال لهن، وفي مجال إتيكيت المأكل والمشرب وما يرتبط بهما أدخل زرياب إلى أوروبا وجبات الطعام الثلاثية الأطباق والتي تبدأ بطبق المقدمة أو التمهيد بالشوربة ثم من بعده الطبق الرئيسي، ثم الطبق الثالث والأخير والمشهور لدينا بالحلو وقد تفتق ذهن زرياب الذهني عن ابتكار حلوى الزلابيه، وإليه تنسب طريقة إختراعها، كما كان له ذوقه المتفرد في تنسيق الموائد وترتيبها واتخاذ الأكواب من الزجاج الرقيق بدلا من المعادن، واصطناع الأصص للأزهار من الذهب والفضة. 
والظاهر على أعمال زرياب الإبداعية في مجملها أن الهجرة التي قام بها من بغداد إلى الأندلس قد حررته عقليا وفكريا بإلهامه خيالا خصبا وجوا مناسب للإبداع؛ ولهذا أبدع وقدم براءات إختراع حازت العالمية وشهد بها الجميع. إلا أنه وإن كانت الأرض الجديدة قد منحت زرياب الحرية إلا أن وعيه بما يفعله كان له الدور البارز في عملية الخلق الإبداعي، أي أن الوتر الخامس للعود وبورتريهات الأزياء والملابس وكذا الحلوى كانت في عقل ومخيلة زرياب قبل أن تطأ قدميه أرض الأندلس.
والظاهر على شخصية فنان كزرياب أنه كان متحررًا في طريقة تفكيره منذ مولده، كما كان من فصيلة الرجال الصامتين الأذكياء، لهذا استطاع الرجل وبقوة تغيير مفهوم الجمال وجعل الجميع لا يترددون في منحه لقب ملك جمال الأندلس، رغم سمرته الداكنة كما أشرنا من قبل.