الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حكايات مجهولة|| الشدة المستنصرية.. كيف صار حال الخليفة وقت الأزمة؟

الشدة المستنصرية
الشدة المستنصرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
واصل المقريزى رصد أحداث الأزمة والمجاعة الكبيرة التى وقعت في عهد الخليفة الفاطمى الخامس المستنصر بالله والتى راح ضحيتها كثير من الناس، وقد طال الأمر الخليفة نفسه فقد وصل به الحال إلى الجلوس على حصير وتعطيل الدواوين وأرادت النساء الهروب من الأزمة إلى العراق فمتن قبل الخروج من القاهرة، وقد تصدقت إحدى الشريفات كل يوم بقوت المستنصر.
ووفق رواية المقريزى في كتابه «اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء» فلقد «آل أمر الخليفة المستنصر إلى أن صار يجلس على نخ أو حصير؛ وتعطلت دواوينه وذهب وقاره، وخرج من نساء قصوره ناشرات شعورهن يصحن: الجوع الجوع، وهن يردن المسير إلى العراق، فتساقطن عند المصلى بظاهر باب النصر من القاهرة، ومتن جوعا». 
وجاء الوزير يوما على بغلة فأكلها العامة، فأمر بهم فشنقوا، فاجتمع الناس على المشنقين وأكلوهم. وعدم المستنصر القوت جملةً حتى كانت الشريفة بنت صاحب السبيل تبعث إليه كل يوم بقعب من فتيت من جملة ما كان لها من البر والصدقات في سنى هذا الغلاء، حتى أنفقت مالها كله، وكان يجل عن الإحصاء، في سبيل البر؛ فلم يكن للمستنصر قوت سوى ما كانت تبعث به إليه، وهو مرة واحدة في اليوم، لا يجد غيره.
وبعث بأولاده إلى الأطراف لعدم القوت، فسير الأمير عبد الله إلى عكا فنزل عند أمير الجيوش، وأرسل الأمير أبا على معه؛ وبعث الأمير أبا القاسم والد الحافظ إلى عسقلان، وسيره أولا إلى دمياط؛ ولم يترك عنده سوى ابنه أبى القاسم أحمد.
ومن عجيب ما وقع أن امرأة من أرباب البيوت عرضت عقدًا لها قيمته ألف دينار على جماعة ليعطوها به دقيقًا وهم يعتذرون إليها ويدفعونها، إلى أن رق لها رجل وباعها به تليس دقيق، فحملته من مصر واكترت معها من يحفظه من النهابة، وسارت تريد منزلها بالقاهرة، فسلمه الحملة إليها عند بابى زويلة، فلم تمش به غير قليل حتى تكاثر الناس عليها، وانتهبوه منها فانتهبت هى أيضا منه مع النهابة، فصار إليها ملء يديها دقيقًا لم ينبها منه غيره، فعجنته وشوته، ثم مضت إلى باب القصر ووقفت على موضع مرتفع، ورفعت القرصة في يدها حتى يراها الناس، ونادت بأعلى صوتها: يأهل القاهرة، ادعوا لمولانا المستنصر الذى أسعد الله الناس بأيامه وأعاد عليهم بركات حسن نظره، حتى تقومت على هذه القرصة بألف دينار.