الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

" بورتريه" حجازي.. سيد درويش الكاريكاتير

من أعمال أحمد إبراهيم
من أعمال أحمد إبراهيم حجازى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للفن التشكيلى مع أصحابه قصص وحكايات كثيرة، فمثلما ترك الفن بصمته عليهم، هم أيضًا بالتأكيد تركوا بصمة غائرة فيه، فسواء أكان فنانا غائبا أم حاضرا، وسواء أكان مشهورا أو لم يلق من المعرفة والأضواء ما يستحق، فبالتأكيد تلقيبه بـ«فنان» قد أخذت منه العديد من السنوات والمعرفة والخبرة والممارسة.. 
تدور الحلقة الثانية من سلسلة «بورتريه» في موسمه الثانى، حول رسام كاريكاتير لم تطأ قدماه على أى من الأراضى الأجنبية، وعلى الرغم من ذلك كانت أعماله تلقى إعجابًا، وتلفت أنظار كل الفنانين من حول العالم كله، هو رسام الكاريكاتير السكندرى أحمد إبراهيم حجازى، والشهير بـ «حجازى».
وُلد «حجازى» في أسرة بسيطة بالإسكندرية في عام ١٩٣٦، ثم عاش أولى خطواته في الحياة في طنطا ودرس في مدرسة الأحمدية بها، وكان والده رجل بسيط يعمل سائقًا للقطار، وكان «حجازى» يذهب معه في رحلته إلى محافظات مختلفة وكثيرة، كان يتعرف عليها فقط من خلال شباك القطار. 
بدأت نظرة «حجازى» نحو المجتمع تختلف، منذ بدأ في زيارة بعض أصدقائه من المدرسة ذوى الطبقة الاجتماعية العليا، فكانت لهذه الزيارات معنى عميق في نفس الصبى، أثرت عليه بالإيجاب والسلب، حتى حكى عنها حجازى قائلًا: «عندما التحقت بالمدرسة، كنت أشعر عندما يدعونى بعض زملائى الأغنياء إلى بيوتهم، وأرى الفخامة، بأن هناك شيئا غير مضبوط في الدنيا، ولم أكن أفهم أبدا وقتها لماذا نحن فقراء جدا إلى هذا الحد».
تزامنت هذه الفترة مع اكتشاف الفنان لموهبته الفنية، فكان دائمًا ما يرسم الرسوم التعبيرية، ولكنه بعد مشاهدة تلك الطبقة من الأغنياء، قرر أن يُسافر ويعمل لجلب الرزق، وبالفعل رافق أحد أصدقائه واتجهوا نحو القاهرة في رحلة جديدة للبحث عن العمل. بعدما أنهى «حجازي» دراسته الثانوية، التحق بكلية الفنون الجميلة، ومن بعدها بدأت أولى خطواته للعمل كرسام في الصحف والمجلات، تزامن قدومه إلى القاهرة مع فترة اهتزاز نسبى، حيث دخلها في عام ١٩٥٤ أى بعد انتهاء ثورة يوليو بفترة وجيزة.
ولكنه بالفعل بدأ أولى خطواته العملية مع مجلة «روز اليوسف» بعدما رشحه الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين، حيث التقى فيها بكبار الفنانين مثل صلاح جاهين وجورج البهجورى، حتى صار هذا الصبى في سن شبابه واحدًا من أبرز الرسامين في الصحافة المصرية.
وفى خطوة محورية من حياة «حجازى»، والتى بدأت بعدما ترأس الكاتب أحمد بهاء الدين رئاسة مجلس إدارة دار الهلال، حيث طلب من الفنان السكندرى أن يعمل معه في مجلة «سمير»، وبالفعل عمل حجازى بها وأحدث التغير الشامل برسمه في هذه المجلة التى كانت تعتمد بشكل أساسى على رسومات أجنبية، وكان «حجازى» يهتم أن يكون المواطن على وعى ودراية بما يحدث حوله في المجتمع، وأن الطفل مواطن صغير يتصور أنه يعرف كل شىء بما في ذلك السياسة.
قال رائد الكاريكاتير الفنان «رخا» عن حجازى إنه سيد درويش الكاريكاتير، كما قال عنه الرسام الفرنسى بلانتو عندما رأى رسومه مع أشعار فؤاد حداد، لم أصدق أنها من إبداع يد فنان، لا يمكن أن تكون خطوط فنان ولكنها خطوط كمبيوتر لا شبيه له في العالم.
كما جاء رسمه غلاف «كتاب الأيام» لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، كأحد أبرز المهام الفنية التى قام بها، حتى اعتزل الفن في هدوء وهو في أزهى فترات نجاحه، وعاد إلى طنطا ليعيش من جديد وسط أهله، حتى رحل عن عالمنا في أكتوبر من عام ٢٠١١ عن عمر يُناهز ٧٥ عامًا.