الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الأوبئة.. تاريخ مخيف فى حياة البشرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لقد أثرت الأوبئة على بناء الحضارات المختلفة على مر التاريخ البشرى، وكان للعديد من هذه الأوبئة آثار متفاقمة، راح ضحيتها عدد كبير من سكان العالم؛ وبالتالى أهدر جزء كبير من الثروة البشرية التى تمثل موردًا مهمًا من موارد تحقيق التنمية الاقتصادية، كما استنزفت مبالغ كبيرة لمواجهتها، وفيما يلى عرضًا قدمته د.جيهان عبدالسلام، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، لأكثر أوبئة أصابت العالم، وأثرت سلبًا على عملية التنمية الاقتصادية لدول العالم:
طاعون جستنيان (٥٤١ – ٧٥٠ م) 
شهد عهد جستنيان الأول، إمبراطور الإمبراطورية البيزنطية في القرن السادس الميلادي اندلاع الطاعون الدبلى الذى يُعرف الآن باسم (طاعون جستنيان)، وقتل هذا الوباء ما بين ٣٠ مليونا إلى ٥٠ مليون شخص، وهو ما يساوى نصف سكان العالم فى هذا الوقت؛ نتج عن هذا الوباء توقف حركة التجارة بشكل كبير مما أضعف من تلك الإمبراطورية، وسمح للحضارات الأخرى باستعادة الأراضى البيزنطية في السابق فى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا.
الموت الأسود (١٣٤٧ – ١٣٥١م): 
انتشر الطاعون الدبلى في جميع أنحاء أوروبا خلال الفترة ( ١٣٤٧-١٣٥١ م)، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من ٢٥ مليون شخص عبر دول أوروبا وآسيا، كذلك الصين حيث يعتقد أنها كانت منشأ المرض. وقد نتج عن هذا الوباء العديد من الآثار السلبية الذى جعل الدول الأوروبية تستغرق نحو أكثر من ٢٠٠ عام للعودة إلى مستواها قبل عام ١٣٤٧.
الجدرى (القرنين الخامس عشر والسابع عشر):
دخل الأوروبيون عددًا من الأمراض الجديدة عندما وصلوا لأول مرة إلى قارات الأمريكتين في عام ١٤٩٢؛ وكان أحد هذه الأمراض هو مرض الجدرى، وهو مرض معدٍ يقتل نحو ٣٠٪ من المصابين به؛ وخلال هذه الفترة أودى الجدرى بحياة ما يقرب من ٢٠ مليون شخص، أى ما يقرب من ٩٠ ٪ من السكان فى الأمريكتين. 
وقد ساعد هذا الوباء الأوروبيين في استعمار وتطوير المناطق التي تم إخلاؤها في الأمريكتين واستغلالها اقتصاديًا، حيث تم استغلال الثروة المعدنية مثل الفضة والذهب، مما أدى إلى تضخم هائل داخل الإمبراطورية الإسبانية، وهو ما أشار إليه المفكر الاقتصادى الكبير جون ماينارد كينز، في كتابه بعنوان «ثورة الأسعار» عام ١٩٣٠، الذى شكل بعد ذلك نقطة تحول حاسمة فى تشكيل الرأسمالية الحديثة.
الكوليرا (١٨١٧ – ١٨٢٣):
بدأ ظهور وباء الكوليرا لأول مرة في مدينة جيسور بالهند، ثم انتشر فى معظم أنحاء الدولة والدول المجاورة لتودى بحياة الملايين؛ وقد حاول طبيب بريطانى يدعى (جون سنو) التوصل إلى سبل مختلفة لمنع انتشار هذا الوباء، وفى عام ١٨٥٤ توقف انتشار المرض عن طريق عزل مصدره إلى مضخة مياه معينة فى حى سوهو في لندن.
وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا بأنها «الوباء المنسى»، وأكدت أنه تفشى للمرة السابعة فى دول العالم، حيث كانت البداية في عام ١٩٦١، ثم استمر في الظهور بين فترة وأخرى حتى يومنا هذا.
كما أفادت التقارير، أن الكوليرا تصيب ١.٣ مليون إلى ٤ ملايين شخص كل عام، وتتراوح الوفيات السنوية بين ٢١ و١٤٣ ألفا؛ ونظرًا لأن الكوليرا ناتجة عن تناول طعام أو ماء ملوثين بجراثيم معينة، فإنها تلحق الضرر بأغلبية ساحقة بالبلدان التي ينتشر بها عدم المساواة في توزيع الثروة والافتقار إلى التنمية الاجتماعية وأغلبها الدول النامية والفقيرة.
الإنفلونزا الإسبانية (١٩١٨-١٩١٩): 
تفشى وباء الإنفلونزا الإسبانية بين (١٩١٨-١٩١٩)، وأصاب نحو ٥٠٠ مليون شخص أو ثلث سكان العالم في أوائل القرن الحادى والعشرين، حيث كان مسئولًا عن قتل أكثر من ٥٠ مليون شخص على مستوى العالم.
وفي وقت تفشى المرض، كانت الحرب العالمية الأولى على وشك الانتهاء، ولم يكن لدى سلطات الصحة العامة سوى عدد قليل من البروتوكولات الرسمية للتعامل مع الأوبئة الفيروسية، مما ساهم في تزايد تأثيرها، ومع مرور الوقت أدى البحث العلمى إلى فهم كيفية حدوث الوباء وكيف يمكن الوقاية منه، مما أدى إلى الحد من تأثير تفشي فيروسات مشابهة للأنفلونزا بعد ذلك.
أنفلونزا هونج كونج أو H٣N٢ خلال (١٩٦٨-١٩٧٠):
بعد مرور خمسين عامًا على الإصابة بالأنفلونزا الإسبانية، انتشر فيروس آخر للأنفلونزا وهو (H٣N٢) في جميع أنحاء العالم، وتشير التقديرات إلى أن عدد الوفيات العالمية بسبب هذا الفيروس بلغ نحو مليون شخص، منهم نحو ١٠٠ ألف منهم في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن(H٣N٢) لم يكن قاتلًا مثل تفشى أنفلونزا عام ١٩١٨، إلا أنه كان معديا بشكل كبير، حيث أصيب ٥٠٠ ألف شخص فى غضون أسبوعين من أول حالة تم الإبلاغ عنها في هونغ كونغ.
فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز (١٩٨١ - حتى الآن): 
تعرف العالم على فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز قبل ٤٠ عامًا، ولا يزال هذا المرض يصيب الناس ويقتلهم حتى يومنا هذا، وفي عام ١٩٨١ أصيب ٧٥ مليون شخص بفيروس نقص المناعة البشرية، وتوفى منهم نحو ٣٢ مليون شخص، وينتقل هذا المرض عن طريق طريق الاتصال الجنسى أو نقل الدم.
يعتبر فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز وباء مستمر لا يزال يؤثر على ملايين الناس كل عام؛ وعلى الرغم من عدم وجود علاج لمرض الإيدز، إلا أنه يمكن للأدوية المضادة للفيروسات القوية السيطرة على فيروس نقص المناعة البشرية وإبطاء تقدمه بشكل كبير، مما يتيح لشخص مصاب أن يعيش حياة أطول.
وما زال التأثير السلبي لفيروس نقص المناعة البشرية على الاقتصاد العالمي قيد الدراسة خاصة في أفريقيا، حيث إنها تعتبر القارة التي تضم أكبر نسبة من حالات الإصابة بفيروس الإيدز في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين.
السارس (٢٠٠٢ – ٢٠٠٣)
يعتبر مرض سارس أو المتلازمة التنفسية الحادة، مرض يسببه أحد الفيروسات السبعة التاجية التي يمكن أن تصيب البشر؛ ففى عام ٢٠٠٣، نشأ وتفشى هذا المرض في مقاطعة قوانغدونغ الصينية، وسرعان ما تحول إلى وباء عالمى، حيث انتشر سريعًا إلى ٢٦ دولة، وأصاب ما يزيد قليلًا على ٨٠٠٠ شخص وقتل ٧٧٤ منهم.
وكانت عواقب وباء السارس لعام ٢٠٠٣ محدودة إلى حد كبير بسبب استعداد قوى من جانب السلطات العالمية لحماية الصحة العامة، حيث تم عزل المناطق المتأثرة وعزل الأفراد المصابين؛ وتجدر الإشارة هنا إلى أن العلماء الذين يدرسون فيروس كورونا الجديد، وجدوا أن تركيبته الوراثية مطابقة بنسبة ٨٦.٩٪ لفيروس السارس.
أنفلونزا الخنازير أو H١N) ٢٠٠٩-٢٠١٠)
ظهر نوع جديد من فيروس الأنفلونزا في عام ٢٠٠٩، حيث أصاب نحو ٦٠.٨ مليون شخص في الولايات المتحدة، ويطلق على هذا الفيروس أيضا «أنفلونزا الخنازير»، لأنه ينتقل من الخنازير إلى البشر، ويختلف H١N١ عن فيروس الأنفلوانزا العادية فى أن ٨٠ ٪ من الوفيات المرتبطة بالفيروس حدثت فى أشخاص تقل أعمارهم عن ٦٥ عاما فى الأغلب.
وأثبتت الدراسات أن نحو ٧٠ ٪ إلى ٩٠ ٪ من الوفيات الناجمة عن تفشى أنفلونزا الخنازير تكون من بين الأشخاص الأكبر من ٦٥ عامًا، وقد أظهر H١N١ مدى سرعة انتشار الوباء الفيروسى فى القرن الحادى والعشرين، مما يشير إلى أن هناك حاجة إلى استعدادات إضافية لكي يستعد المجتمع العالمي بشكل أسرع في المستقبل لمواجهة مثل تلك الفيروسات.
الإيبولا (٢٠١٤-٢٠١٦)
كان فيروس الإيبولا، الذي كانت تسميته على اسم نهر قريب من تفشى المرض لأول مرة فى غينيا، محدودًا في نطاق انتشاره مقارنة بأغلب الأوبئة الحديثة، ولكنه فيروس مميت بشكل كبير؛ وقد بدأت قصته فى قرية صغيرة فى غينيا فى عام ٢٠١٤، وانتشر إلى مجموعة من الدول المجاورة فى غرب أفريقيا؛ وقد أدى الفيروس إلى قتل ١١ ألف حالة، من أصل ٢٩ ألف مصاب، وتركزت معظم الحالات فى غينيا وليبيريا وسيراليون؛ وقدرت تكلفة مواجهة إيبولا بنحو ٤.٣ مليار دولار في البلدان الثلاثة المذكورة.