الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صورة المرأة في الفلكلور والأمثال الشعبية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المرأة حاضرة بقوة في الثقافة الشعبية، عبر الفلكلور والحكايات والسير الشعبية، والأمثال تعكس بما لا يدع مجالًا للشك أحاسيس ومشاعر الشعوب.
كما جسدت الأمثال الشعبية أحلام الشعوب وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها، في قالب بسيط، جملة قصيرة، مثلت خلاصة ذاكرة وحكمة الشعوب.
والأمثال الشعبية أيضًا لها تأثير بالغ على سلوك البشر، وعبرت عن أفكار الشعوب ومدى تحضرها، وتتميز الأمثال الشعبية بقدرتها الفائقة على الانتشار، وانتقالها عبر الأجيال المتعاقبة نظرًا لجمالها وكثافة معانيها، لذا فالمثل الشعبى من أكثر الأشكال التعبيرية انتشارا في الثقافة العربية.
المثل الشعبى هو «جمـلة مفيدة موجزة متوارثة شفاهة مـن جيل إلى جيل»، وتعرف الموسوعة البريطانية المثل على أنه «قول بليـغ محكم، يستخدم في نطاق عام، إذ إنه من التعبيرات المتداولة بين الناس، والأمثال جزء من أية لغة وتعود إلى بعض أشكال الأدب التراثى (الفلكلورى) المتناقل شفاهة».
المؤسف أن هناك أمثالا شعبية عديدة كرست لدونية وضع المرأة وإعلاء قيمة الرجل، مقابل أمثال شعبية أخرى أقل منحت المرأة تقديرا وأعلت من شأنها ومكانتها في تأكيد للرؤية الدونية من قبل المجتمعات العربية التى مازالت تقلل من شأن المرأة، حيث تعانى المرأة من الظلم الاجتماعي والتخلف، سواء بفعل العادات والتقاليد البالية أو من النظام البطريركى، وما تقدمه الأمثال الشعبية من صور للعنصرية والتمييز ضد المرأة يؤكد على تدنى حال المرأة في المجتمع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر «ضل رجل ولا ضل حيطة»، «هم البنات للممات»، «لما قالوا لى ولد انشد ظهرى واتسند وأما قالوا لى بنية انهدت الحيطة عليا».
على الرغم من أن المرأة تملك من الإرادة والعزيمة القوية ما يؤهلها لتحقيق ما تتمناه، وقادرة دوما على مواجهة كل التحديات والصعوبات التى تقابلها، وهى نصف المجتمع وشريك أساسى في بنائه وتقدمه وتطوره على كل الأصعدة، ولها دور رائد وسباق في كل المجالات المعرفية والإنسانية، فمثلًا أول ملكة في العالم كانت امرأة، وهى «الملكة مريت ـ نيت»، والتى تعد أول سيدة حكمت في مصر وفى تاريخ البشرية، حيث حكمت نحو ١٠ سنوات «٢٩٣٩ ـ ٢٩٢٩ ق.م».
وأول قاضية وأول وزير عدل عرفها العالم ظهرت في مصر الفرعونية كانت «نبت».
كذلك إله الحق والعدل والنظام في الكون كانت امرأة «ماعت»، التى تظهر بهيئة سيدة تعلو رأسها ريشة النعام رمز العدالة، لذا كل المحاولات لتهميش دور المرأة لن تجدى، وقد لعب الفن دورا مهما في تقديم المرأة وتوظيف التراث الإنسانى، مع الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع.
ومع دخول المرأة الألفية الثالثة أيضًا أثبتت نبوغًا مدهشًا وقدرة على القيادة والإبداع، ونجحت في مختلف المجالات وتقلدت أعلى المناصب، كما اقتحمت المرأة ميادين جديدة كانت قاصرة على الرجل، وزير، محافظ، مأذون، ولعبت أيضًا أدوارًا بارزة في النضال السياسى، والنقابات، وتكوين الأحزاب، والتفاعل الإيجابى مع قضايا المجتمع، باختصار نجحت المرأة من خلال الإصرار والعزيمة في الدفاع عن حقوقها وإثبات ذاتها، كذلك كان للمرأة المصرية دور بالغ الأهمية في نقل وحفظ التراث الشعبى.
على الرغم من ذلك نرى أن الصورة السلبية التى ترسمها الأمثال الشعبية للمرأة في الثقافات العالمية باعتبارها مثلًا مسئولة عن النسل، ليست قاصرة على الثقافة العربية وحدها، بل هى موجودة في ثقافات كثيرة أوروبية، والتاريخ الحديث يكشف لنا أن التعامل مع النساء لا يتم على قدم المساواة مع الرجل، تحديدا في ساحات العمل، وأنهن لا يتلقين الدعم، ويتقاضين رواتب أقل، بل ويتعرضن للإقصاء، لذلك نجد الكثير من النساء على مستوى العالم يناضلن من أجل المزيد من المساواة والحرية، والتصدى لكل أشكال الظلم والتنكيل.
والأمثال الشعبية التى تضع المرأة في قالب سلبى جاءت من قلب المجتمع الذكوري، والمفارقة المحزنة، أن المرأة مسئولة إلى حد بعيد عن تكريس صورتها السلبية على الرغم من أنها فاعل أساسي في المجتمع ولديها إمكانات كبيرة ومع ذلك فهى الأكثر خنوعًا وخضوعًا للموروثات البالية التى كبلتها على مر الزمن.
تُعد الأمثال الشعبية من أبرز عناصر الثقافة الشعبية ومن أهم الموروثات السردية الشفهية وتنبع أهميتها لسهولة تداولها وتناقلها عبر الأجيال، وقد شملت الأمثال الشعبية كل الجوانب الحياتية للمرأة فقالوا عن المرأة الجميلة «إن عشقت اعشق قمر، وإن سرقت اسرق جمل»، و«اعشق غزال وإلا فُضّها»، «خُد الحلو واقعد قُباله.. وإن جُعت شاهد جماله»، «الحلوة حلوة ولو قامت من النوم، والوحشة وحشة ولو استحمت كل يوم»، «يا ريتنى يا امه كنت بيضة وبضبّ، أصل البياض يا امه عند الرجال يتحبّ»، ويقول المثل في المرأة الطويلة «الطويلة تقضى حاجتها، والقصيرة تنده جارتها!».
وعن المرأة الدميمة قالوا: «إيش تعمل الماشطة في الوش العكر»، «لبّس البوصة تبقى عروسة»، و«سوق الحلاوة جبر وادلعوا الوحشين»، و«عمية، وعرجة، وكيعانها خارجة»، و«ادلعى يا عوجة في السنين السودة»، و«القرعة تتعايق بشعر بنت أختها»، و«عمشة وعاملة مكحلة»، و«على ما تتكحل العمشة، يكون السوق خرب». 
فيما حذّرت الأمثال المرأة من الزواج، فتقول: «جَت العازبة تشكي، لقت المتجوزة بتبكى»، و«طلبوها اتعزّزت، وفاتوها اتندمت».
في حين نصفت الأمثال الشعبية الأم: «اللى يدى ابنى بلحة، نزلت حلاوتها في بطنى»، «خنفسة شافت بنتها على الحيط قالت دى لولية في خيط».
«يا مخلفة البنات، يا دايخة للممات»، وفى سياق آخر: «من يسعدها زمانها، تجيب بناتها قبل صبيانها»، «اللى معندوش بنات ما تعرفش الناس إمتى مات». 
أيضًا هناك الكثير من الأمثال الشعبية التى أظهرت المرأة بشكل سلبى وسلبتها حريتها من بينها: «اكسر للبت ضلع، يطلعلها أربعة وعشرين»، كما شبّه المثل البنت بأمها في التصرفات السيئة، فيقول: «اكفى القدرة على فمها، تطلع البنت لأمها»، والمؤسف أن الأمثلة السلبية هى التى نجدها الأكثر شيوعًا مقارنة بالأمثال الإيجابية بشأن المرأة ومن بينها: «وراء كل عظيم امرأة».