الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

"بغنى علشان بلدي".. حكاية صورة بباريس تجسد وطنية أم كلثوم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مواقف كثيرة جسدت وطنية كوكب الشرق أم كلثوم، وكذلك مواقفها القومية التى لاتنسى، ونرصد خلال هذا التقرير قصة صورة التقطت لكوكب الشرق بعد خمسة شهور فقط من هزيمة يونيو 1967، وبعد موافقتها أن تغنى في باريس.
ودارت في الكواليس العديد من التفاصيل والتى منها اتصال برونو كاكوتركس مدير مسرح الأولمبيا أكبر وأهم مسارح باريس ليتفق معها على المقابل المادى الذى ستحصل عليه - والمعروف أن مسرح الأولمبيا يعد أكبر وأهم مسارح باريس، وبعد عرضه على أم كلثوم طلبه سألته الست: "كم أجر أديث بياف"؟، والمعروف أن اديث بياف كانت واحدة من أكبر وأهم المطربات في ذلك الوقت وواحدة من أهم علامات الغناء في العالم كله، وأجابها مدير المسرح انها سوف تتقاضى على ما يعادل 10 ملايين جنيه مصرى فردت عليه الست قائلة:" إذن أحصل على 20 مليون في الحفلة وهاغنى أغنيتين فقط وربما ثلاثة".
وأصاب المبلغ الذى طلبته ثومه الرجل بحالة من الذهول، خاصة وأنها اشترطت أن تغنى اغنيتين فقط، حيث كان يعتقد أن أغنياتها مثل باقي الأغاني المعتادة لن تزيد مدتها عن 10 دقائق، فظن أن الحفل سينتهى في 20 دقيقة.
وهنا تدخل الأديب الشاب وقتها محمد سلماوى الذى لعب دور المترجم بينه وبين سيدة الغناء وشرح له أن مدة الأغنية الواحدة تصل إلى ساعة ونصف فهدأ الرجل ووافق على شروط الست أم كلثوم، لكنه ظل قلقا ألا يأتى الحفل بالعائد المنتظر منه، خصوصا انه لم يكن يعرف عن أم كلثوم سوى أنها مطربة كبيرة في بلدها.
ومع اقتراب موعد الحفل بيعت نصف التذاكر فقط، إلا أنه مع هبوط أم كلثوم في مطار شارل ديجول وحديثها مع الصحفيين حيث قالت كلمتين فقط:" أيوة هاغنى"، فتأكد الجميع أن سيدة الغناء ستغنى لأول مرة في أوروبا، وعلى الفور نفذت تذاكر حفلها قبل وصول أم كلثوم إلى غرفتها في الفندق، وأتى الجمهور من كل مكان وحملت الطائرات الجماهير من كل أنحاء العالم ليسمعوا أم كلثوم في عاصمة النور.
استعدت ثومة للحفل، وأجرت بروفاتها الأولى داخل مسرح الأولمبيا وسمعها مدير المسرح للمرة الأولى ولم يصدق ما سمع فذهب إليهاوطبع قبلة على يدها، وجاء يوم الحفل واحتشد الجمهور داخل المسرح؛ وأبدع المذيع الشهير جلال معوض في تقديمها على مسرح الأولمبيا لكن الحماس سيطر على صوته وكلماته من الأجواء الملتهبة فقال:" اليوم أم كلثوم تغنى في باريس وقريبا تغنى في القدس المحتلة"، وصفقت الجماهير واشتعل المسرح بالهتاف، إلا أن هذه الكلمات ازعجت مدير المسرح منظم الحفل فذهب إلى محمد سلماوى واصطحبه إلى غرفة ام كلثوم ليخبرها بإنزعاجه مما فعله جلال معوض وأنه ليس في مناسبة سياسية ليتحدث عن القدس، وقبل أن يبدأ سلماوى في الترجمة فهمت ام كلثوم ما يريده الرجل وردت عليه: "لا يا أستاذ احنا في مناسبة وطنية وأنا هنا بغنى علشان بلدى ودخل الحفلة دى رايح للجيش المصرى، وعموما علشان ارفع عنك الحرج أنا متنازلة عن اتفاقنا ولو هنزعجك أنا مش هغنى النهاردة خالص".
صمت الرجل ولم ينطق واستدارت كوكب الشرق موجهة كلامها إلى فريق العازفين المصاحب لها: "لموا يا أولاد الآلات.. مش هغنى النهاردة"، وكأن سهما أصاب الرجل في قلبه فقال انه موافق على كل ما تريده وانصرف بعدها، وخرجت كوكب الشرق وصعدت إلى المسرح وغنت كما لم تغنى من قبل
وقدم جلال معوض الوصلة الثانية بنفس الحماس وذات الطريقة وطال الحفل حتى الثانية من صباح اليوم التالى، وكانت هذه اول مرة تتأخر فيها حفلة إلى هذا الموعد في باريس.
هذا الحفل الشهير تناولته كبرى الصحف الفرنسية منها لوموند ولوفيجارو وبارى سوار وعلقت وكالات الأنباء العالمية ومحطات الإذاعة والتليفزيون، واصفين إياه بـ"المعجزة الخارقة".