السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ما وراء الحياة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن تخطيت الأربعين قليلًا، وبعد أن أصبحتُ أتريثُ قبل كل شيء كثيرًا، وبعد أن أصبحتُ أتمعن في الأمور طويلًا طويلًا، أدركتُ أننا لا بُد وأن نُعيدُ جميعًا حساباتنا في الحياة بلا تردد.
إن الذى نراه ونسمعه ونعيشه هذه الأيام من فقدِ لقريبِ أو صديق أو حتى لشخصياتٍ عامة دون التقيد في ذلك بأنه كبير في السنِ أو صغير لشىء يستحقُ منا الخوف، التدبر، والتفكير العميق، فالموت أصبح قريبًا بشكلِ لا يُتوقع، يأتى على حين غفلة، يأتى ليحصُد روح شاب مازال في ريعان الشباب أو كهل أو طفلة لم تعُد الأمور تتحدد بمرضِ أو حادثة، بل أصبح شبح الموت والفقد شيئًا اعتياديًا لكل منا، وقد يكون هذا مُنذُ بدء الخليقة ولكننا أصبحنا ومؤخرًا نشعرُ به وبأنه يحوم حولنا ليلتقطنا واحدًا تلو الآخر.
إن الموت في حدِ ذاته ليس بالشىء القبيح، لكن مرارة الفقد وعدم الاستعداد له تلك هى المشكلة، مصيبتنا في ضياعِ أعمارنا دون جدوى، طامتُنا هى في مواجهة الديان يوم يقوم الحِساب دونما استعداد، هنا الإشكالية، وهُنا لا ينفعُ مال ولا بنون إلا مَن أتى الله بقلبِ سليم.
كم نحتاج من السنين كى نُسامح بعضنا البعض؟! كم نحتاج من التدبر والتفكر لنرجع إلى الله ونتوبِ إليه قبل فوات الأوان؟! إن الحياة يا سادة تختبرنا كل يوم في فقدِ عزيز أو مرض صديق أو معاناة لشخصِ حتى ولو نعرفه معرفة سطحية، هل لنا أن نتعلم من ماضينا؟؟!، فنحنُ يا سادة نملُك وبلا استثناء ذاكرة السمكة ننسى الله، الضيق، والحُزن في لمح البصر لنعاود ما اقترفناه بأيدينا دون خجلِ أو عِظة.
إن حِفظ النعم لهو السبيل الوحيد كى ننجو بأنفسنا في هذه الحياة وما بعدها من حياة أبدية لا يعلمها إلا الله وحده لا شريك له، وكذلك الشكر على هذه النِعم فهو يُعد ركنًا أصيلًا في العيش مرتاحًا مطمئنًا متقبلًا كل شئِ حولك دون جزع بل شكر دائم، فالله وحده المُعطى والمانع.
إن هذا الكلام ليس دعوة للتقوقع والحُزن انتظارًا للموت، أو العُزلة والانزواء بل العكس من ذلك تمامًا، إنه دعوة صريحة للحياة والتفاؤل ولكن يظل السؤال أيُ حياة؟؟ وأِجتهد القول لأقول إن الموت الذى تراه بعينيك كل يوم يُعدُ حافزًا أن تترفع عن هذه الدُنيا ولا تجعلها في قلبك، إنه ذاته الذى سيُهذب نفسك وروحك ويجعلك تتحدث مع الناس بنفسِ سمحة لا تكسر خاطرًا ولا تُحطم قلبًا تعلق بك.
إن جميعُ ما سبق يُشحذُ همتك لأن تعمل وتجتهد وتُبدع لأن الأعمار بيد الله، فإن طال عُمرك فأنت تزرع كل شىء طيب في أرض الله ما حييت، وإن كان عُمرك قصيرًا فإنكَ بجميل عملك في الدنيا تركت خلفك سُمعةً طيبة وحجزت مكانًا مع الفائزين في الآخرة.
تسامحوا وتواضعوا ولا تحسبوا أنكم ملكتم الدنيا مهما بلغت كثرة حظوظكم فيها، فإن دوام الحالِ من المُحال، وسُرعان ما تتبدلُ الأحوال، عيشوا بالرضا والأمل واعملوا بدأبِ ولكن بغيرِ تعَلق، وتدبروا كل ما حولكم واستعدوا لحياة جديدة سبقنا إليها الأهل والأصدقاءُ والأحباب وادعوا ربكم أن نلقاهم على خير إنه على كل شىء قدير.