الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

توقعات بتكرار سيناريو «لوكربى» مع النظام الإيرانى بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
باعتراف طهران بإسقاط الطائرة الأوكرانية، فمن المتوقع أن يواجه نظام الملالى عددا من السيناريوهات القاسية، ربما لن يكون أسوأها ما واجهته ليبيا في أعقاب حادث لوكربي، إذ إن ضحايا الطائرة ينتمون إلى العديد من الدول التى لن تهدأ حتى تقتص لمواطنيها.
ففى عام ١٩٨٨، اتهم النظام الليبى السّابق بتفجير طائرة لوكربى الأسكتلندية، بعد اتهام مدير الأمن في الخطوط الجوية الليبية حينها عبدالباسط المقرحى بالمسئولية عن الهجوم، وحُكم على المقرحى بالسجن مدى الحياة.
ورغم ظهور عدد من الأدلة بعد ذلك تؤكد ضلوع إيران وليس ليبيا في تفجير الطائرة الأمريكية، إلا أن نظام القذافى عانى سنوات من الحصار والظلم دفع ثمنها الشعب الليبى وكلفت ليبيا مليارى دولار، بعد خفضها من ٨ مليارات إلى مبلغ ٤ مليارات، وقد انتهت عملية التصالح بنحو ٢.٨ مليار دولار، وتم تعويض أسر الضحايا بنحو ٢ مليار على نحو دفعتين وأخرى ٨٠٠ مليون؛ طالب معمر القذافى بإيقاف صرفها. 
‏وانتهت قصة لوكربى بوساطة وضغوط سعودية أدت إلى تصالح مباشر مع الضحايا، عبر دور قام به السفير لدى أمريكا الأمير بندر بن سلطان، وتحملت المملكة من جيبها نصف التعويضات، لأن هدفها كان إنقاذ ليبيا وشعبها من الحصار والتجويع المخطط له، في ظل انخفاض سعر برميل النفط والذى لا يتجاوز ٣٠ دولارًا حينها.
والاعتراف الإيرانى بإسقاط الطائرة الأوكرانية يطرح السؤال إذا كان سيكلف النظام الإيرانى ثمنا غاليا مماثلا لما تحملته الشقيقة ليبيا ظلما في أعقاب حادث لوكربى الذى قامت به إيران أيضا، ولاسيما بعد إعلان الولايات المتحدة استمرارها في نهج عزل إيران سياسيًا ودبلوماسيًا حتى تتصرف «كدولة طبيعية».
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، إن الإستراتيجية الأمريكية بعد القضاء على الجنرال قاسم سليمانى والهجمات الانتقامية الإيرانية اللاحقة على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، هى مزيد من العزلة الدبلوماسية والاقتصادية لإيران، حسبما ذكرت وكالة «نوفوتسي» الروسية.
وردًا على الهجوم الإيراني، فرضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة الماضي، عقوبات على ١٧ شركة تعدين ومعادن إيرانية، وكذلك على السفن الأجنبية التى تشارك في نقل المنتجات الإيرانية، وعلى ٨ مسئولين إيرانيين كبار.
وعلى الصعيد الشعبي، لم يمر حادث إسقاط الطائرة دون غضب مدوي، إذ شن عشرات المحتجين الإيرانيين، عدة احتجاجات هذا الأسبوع ولاسيما خارج جامعة في طهران ورددوا هتافات مناهضة للسلطات العليا، قائلين «الحرس الثورى يقتل، والمرشد يدعمه» و«اعتذروا واستقيلوا».
كما ألقى الحادث بظلاله على قطاع السياحة الإيرانى الذى ضربه في مقتل، إذ حذر رئيس جمعية وكالات السفر والطيران في إيران، حرمت الله رفيعي، من تداعيات إلغاء عدد من الخطوط الجوية العالمية رحلاتها من المطارات الإيرانية على السياحة في بلاده.
وأضاف رفيعي، في تصريحات صحفية «لقد تسبب هذا الحدث الأليم في انعدام الثقة لدى المسافرين حتى باتوا يتواصلون مع وكالات السفر ويتابعون رحلاتهم التى تنطلق من المطارات الإيرانية بقلق، في حين أن العديد من المسافرين قاموا بإلغاء رحلاتهم إلى إيران بعدما حجزوا ودفعوا ثمن تذاكر الطيران».
وأشار رفيعي، إلى قرار شركات الطيران ومنها الخطوط الجوية الأوكرانية وشركة «لوفتهانزا» الألمانية بتعليق رحلاتها الجوية من المرور بالأجواء الإيرانية، حيث قال: «لقد كانت العديد من شركات الطيران الأجنبية أوقفت رحلاتها إلى إيران بعد موجة العقوبات الأمريكية وإننا للأسف نواجه اليوم تقصيرًا في هذا الأمر ربما لسنوات في ظل تداعيات القرار الأخير لبعض الشركات التى تأثرت بحادثة سقوط الطائرة الأوكرانية».
وحذر المسئول الإيرانى من تداعيات إلغاء عدد من الشركات لبرامج رحلاتها الجوية باتجاه إيران على قطاع السياحة لا سيما مع اقتراب أعياد رأس السنة الفارسية (مارس المقبل)، مشددًا على «ضرورة اتخاذ السلطات إجراءات سريعة لمعالجة هذا الوضع في غضون ١٠ أيام كحد أقصى.
كما اشتملت الطائرة المنكوبة على ٦٣ كنديا و١١ أوكرانيا و١٠ سويديين و٤ أفغان و٣ ألمان و٣ بريطانيين، مما يجعل النظام الإيرانى في موقف لا يحسد عليه ليس فقط مع حكومات هذه الدول التى بادر بعضها بردود أفعال حاسمة بالفعل، بل مع المجتمع الدولى بأكمله الذى ثار على الاستهتار الإيراني.
إذ طالب الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في أعقاب الاعتراف الإيرانى بمعاقبة المذنبين وبدفع تعويضات من قبل إيران.وقال على صفحته على فيسبوك «ننتظر من إيران إحالة المذنبين إلى القضاء ودفع تعويضات»، مطالبا الجانب الإيرانى بالاعتراف الكامل بالذنب. وأكد أنه يتوقع من إيران تأكيدات عن استعدادها لإجراء تحقيق كامل ومفتوح لتقديم المذنبين إلى العدالة، وإعادة جثث القتلى ودفع تعويض وتقديم اعتذارات رسمية عبر القنوات الدبلوماسية.
بينما طالب رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بـ«الشفافية» لإجراء «تحقيق تام ومعمق» حتى يتم تحديد المسئوليات. وأضاف في بيان «أولويتنا تبقى إيضاح هذا الملف بشفافية وعدالة»، مضيفًا أنها «كارثة وطنية وجميع الكنديين في حداد. سنواصل العمل مع شركائنا حول العالم لنحرص على إجراء تحقيق تام وشفاف».
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الكندي، فرانسوا فيليب شامباين، إن عدد الضحايا الكنديين في تحطم الطائرة الأوكرانية بإيران هو ٥٧ شخصا وليس ٦٣ شخصا، مشيرا إلى أن هذا الأمر «مؤسف للغاية».
كما شددت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريز باين، على أهمية المضى قدما في إجراء تحقيق كامل وشفاف يشمل جميع الدول التى فقدت مواطنيها في هذه الكارثة، مشددة على ضرورة الرد بشكل كامل على جميع الأسئلة حول كيفية حدوث هذه الكارثة وإعادة بناء الثقة في أمان شبكة الملاحة الجوية المدنية الدولية.
كما تم تشكيل مجموعة تنسيق دولية بمشاركة بريطانيا وأوكرانيا والسويد بشأن هذه الكارثة مما يضع النظام الإيرانى في مأزق بالغ الحرج.
ويطرح حادث الطائرة الأوكرانية تساؤلًا آخر وهو إذا كان النظام الإيرانى في حالة من عدم المسئولية تجعله يرتكب أخطاء بمثل هذه الجسامة، فكيف يسعى لامتلاك سلاح نووى في غاية الخطورة، قد يمثل امتلاكه له خطرا كفيلا بتدمير العالم بأكمله. وهل تزداد قضية الملف النووى الإيرانى زخما في أعقاب هذا الحادث الكارثى الذى يضع مزيدا من المسئولية على عاتق المجتمع الدولى في ردع التطلعات النووية لمثل هذا النظام الذى يرتكب أخطاء بمثل هذه الجسامة.