الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

إبراهيم أصلان.. بحيرة المساء

إبراهيم أصلان
إبراهيم أصلان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كأغلب بدايات العظماء المتواضعة، شهدت قرية شبشير الحصة التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية الصرخات الأولى لـ"أصلان" في الثالث من مارس عام 1935، لكنه سُرعان ما انتقل في صغره مع أسرته إلى القاهرة، ليعيش في شارع فضل الله عُثمان بمنطقة الكيت كات بحي إمبابة، وهي المنطقة التي كان مُقدّرًا لها الخلود الأدبي فيما بعد، عندما استوحى منها روايته الأشهر "مالك الحزين"، وكذلك كانت مصدر إلهام للعديد من الأعمال الأخرى، هي "حكايات فضل الله عثمان"، و"عصافير النيل".
وانتقل بعدها إلى منزل في منطقة أرض الجمعية بحي إمبابة أيضًا، إلى أن انتقل إلى المنزل الذي توفى فيه بحي المقطم.
لم يلتحق أصلان بتعليم منتظم في حياته، فالتحق بالكُتّاب، ثُم تنقّل بين عدة مدارس، حتى استقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد، وتركها إلى مدرسة صناعية، وعمل لفترة كبوسطجي بمصلحة البريد، وهي نفس مهنة والده، وهي التجربة التي كتب عنها في مجموعته القصصية "وردية ليل"، ولكنه لم يلبث أن التحق بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية في شارع رمسيس، وهناك تعرّف إلى النقابي الشهير أحمد طه الذي أصبح في وقت لاحق عضوًا بمجلس الشعب، وكذلك الناقد محيي الدين محمد، الذي كان له فضل كبير في تعريف أصلان على مجالات واسعة في عالم الثقافة كما قال هو بنفسه في كتابه "خلوة الغلبان"، ومع بداية نشاطه القصصي كانت تربطه علاقة وثيقة بالأديب الراحل يحيى حقي، فتلازما حتى وفاة الأخير، وساعده حقي في نشر الكثير من الأعمال في مجلة المجلة التي كان رئيس تحريرها في ذلك الوقت.
حصل أصلان على منحة تفرغ في نهاية حقبة الستينيات، بترشيح من الأديب العالمي نجيب محفوظ، والناقدة لطيفة الزيات، ولاقت أعماله القصصية حفاوة بالغة عندما نُشرت، وكان أولها مجموعة "بُحيرة المساء"، ولكن القفزة الضخمة في حياته الأدبية كانت روايته "مالك الحزين"، وهي أولى رواياته التي أُدرجت ضمن أفضل مائة رواية في الأدب العربى، وحققت له شهرة أكبر بين الجمهور العادى، وهو ما دفع المخرج داود عبد السيد فيما بعد لاستخلاص فيلم "الكيت كات" من شخصيات الرواية، ونجح الفيلم أيضًا بشكل كبير، ليُصبح هو الآخر واحدًا من أهم أفلام حِقبة التسعينيات، ولكن مُشكلة الجمهور مع أصلان كانت قِلة أعماله، التي كادت تصل لحد النُدرة.
التحق أصلان في أوائل التسيعنيات بجريدة الحياة اللندنية كرئيس للقسم الأدبى، إلى جانب رئاسة تحرير إحدى السلاسل الأدبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إلا أنه استقال منها إثر ضجة كبيرة حول رواية "وليمة لأعشاب البحر"، التي نشرها في السلسلة من تأليف الكاتب السوري حيدر حيدر، والتي أثارت غضب الكثير من المتدينين، ومنهم الكاتب محمد عباس، الذي هاجمها في جريدة الشعب، الصادرة عن حزب العمل، واتهم عباس الرواية بـ"ترويج الكفر والإلحاد والخروج على الثوابت العامة والأخلاق"، وخرج الكثير من طلاب الأزهر في مظاهرات للتنديد بالرواية، مُطالبين بُمصادرتها ومعاقبة المسئولين عن نشرها وعلى رأسهم إبراهيم أصلان، الذي سانده الكثير من الكتاب والأدباء، ولكن جاء رفض مجمع البحوث الإسلامية للرواية، ووصفها بأنها "تحوي خروجًا على الثوابت والأخلاقيات وتروج للمروق من الدين"، ما أثار غضب أصلان، ودفعه للاستقالة من رئاسة تحرير السلسلة.
اعتبر أصلان ثورة يناير 2011، تتويجًا لنضال سياسي فقد كان من أوائل المؤيدين لحركة التغيير، وواحدًا ممن أقروا الاتفاق على إصدار وثيقة يُصيغها الأدباء والمثقفون لوضع مشروع سياسي وفكري للدولة المدنية، وكذلك الإجابة عن الأسئلة المطروحة حول الدولة التي يريد المصريون إقامتها؛ وقال عنها "أنا ممُتلئ بالفرح لأنني لم أرحل قبل أن أشهد أبناء مصر وهم يقدمون للعالم بطاقة تعريف جديدة لهذا الوطن"؛ لكنه مع بدايات عام 2012 دخل المستشفى إثر تناوله عقاقير طبية مقاومة لنزلات البرد، والتي أثرت سلبًا على عضلة القلب وأربكت وظائفه، وفي السابع من يناير توفى أصلان بمستشفى قصر العيني.