الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«فوزي» و«بليغ».. وأنا وصباح والمعلم «بطيخ»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جلست أمام التلفاز أبحث عن ضالتي، فوجدت «سلم ع الحبايب»، كانت صباح تشدو بـ«شبيك لبيك»، أداء وكلمات وألحان، جاءت في موعدها، أغنية كفيلة بأن تغير حالتك المزاجية، وكأن مرسي جميل عزيز، ومحمد الموجي، قررا أن يُقدما لي هذه المقطوعة بصوت «صباح»، لتنفض غبار اليوم من على كاهلي.

غلبني النوم ولم أستطع استكمال الفيلم، كنت وقفت لدى طلب المعلم بطيخ «عبد الفتاح القصري» الزواج من «صباح»، ومع أني أعرف أن «حلمي حليم» كعادته لن يكسر قلب المشاهدين، وسيحاول جاهدا أن يُنهي قصته بزواج البطلة من البطل الشاب فتحي «أحمد رمزي»، وهذا عكس الواقع الذي نعيشه الآن، فالآن المعلم «بطيخ» يكسب من أول «شقة»، إلا أنني هربت من الواقع بالحلم.

استيقظت صباحا وأول ما فعلته، بحثت على «اليوتيوب» عن الفيلم، لأتشفى من المعلم بطيخ ومن كل بطيخ في حياتنا، استطاع بسطوته أن يسرق منا الحب والحلم والمستقبل، الجميع يديرون محركات البحث على التعديل الوزاري وربما أنا الوحيد الذي يبحث عن «سلم ع الحبايب».

حاولت جاهدا أن أفهم لماذا لا أفكر في التعديل الوزاري وأوجه جام غضبي للمعلم بطيخ، فوجدت سببا دفينا في نفسي أن مشكلتي ليست في وزير يرحل وآخر يأت، مشكلتي في المعلم «بطيخ» الذي يطاردني في قصة حبي، ويطاردني في عملي، المعلم البطيخ الذي يريد أن يستحوذ على كل شئ، أن يملك كل شئ، أن يأخذ مني القليل الذي يُمتعني، وكأنني فجأة سقطت في شادر من «البطيخ» لا أستطيع الخلاص منه.

أيقنت أن الحياة لعبة حظ أكثر من كونها موهبة أو قدرات، ولا أعرف ما الذي جمع في رأسي مشهد المعلم بطيخ وهو يهيل «القشر» على كل من حوله ليبقى هو فقط، وبين عظمة «محمد فوزي» في إزالة القشر من أمام «بليغ حمدي».
تتساءلون ما الرابط؟، أنا أقول لكم، كان لي أستاذ كنت له كبليغ، بدأ يعلمني العزف ويعطيني لحنا، لكنه فجأة مات ومن حينها وفي كل مكان أقابل المعلم «بطيخ».

لكن ماذا فعل فوزي! فعل ما لا يمكن فعله الآن، في زمن يقول فيه أي موسيقار أن الذي عزفت اللحن منفردا، وكل هؤلاء العازفين «كمالة عدد»، فوزي تأخر قليلا ليُعطي مُبدعا جديدا الفرصة ليترجل في عرين الكبار، لم يخش أن يمنح الفرصة لمن يقف على باب الأمل ينتظرها، اصطحب شاب يعمل عنده، إلى حفل طبيب الكبد زكي سويدان، وكانت السيدة أم كلثوم أول المدعوين بحكم أنه طبيبها، وحينما رأت «فوزي» قالت له: «فين اللحن يا فوزي؟»، وكانت قد أعطت له أغنية «حب إيه» وطلبت منه تلحينها، ففاجئها «فوزي» بأن الشاب الذي معه هو الذي سيلحن الأغنية، وكان سمعه وهو يدندن الكلمات على العود في إحدى المرات من ورقة كان وضعها «فوزي» على مكتبه.

وكعادة المُبدعين حينما تمنحهم الحياة فرصة، جلس «بليغ» على الأرض ومسك بعوده واثقا لم يهتز ممن حوله من أسماء، دندن.. ودندن.. بعوده وبصوته الشجي: «حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه
إنت عارف قبل معنى الحب إيه.. لما تتكلم عليه.. حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه.. إنت ما بينك وبين الحب دنيا.. دنيا ما تطولها ولا حتى بخيالك.. أما نفس الحب عندي حاجة تانية»، وهنا تركت السيدة أم كلثوم مقعدها وجلست على الأرض بجوار بليغ حمدي.

نجح «بليغ» ليس فقط لأنه موهوب ولكن؛ لأنه محظوظ ففي الحياة «فوزي» والمعلم «بطيخ»، وحظنا العثر أننا في موسم الأخير.