الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

حملة لمواجهة السرقات الأدبية.. أشرف العوضي: أغلب الأعمال الدرامية مبنية على "السطو المتعمد" واقتباس الإبداع.. وكتاب: قوانين حماية الملكية الفكرية "حبر على ورق"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن الروائي أشرف العوضي عن تدشين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة السرقات الأدبية، والأعمال التي تتم سرقتها وتحويلها أو أجزاء منها إلى أعمال درامية أو سينمائية؛ مؤكدًا أهمية تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية وتشديد الضوابط لمنع هذه السرقات، خاصة وأن اقتباس الأعمال الأدبية أو جزء منها يُعّد من الأمور التي لا يُمكن السيطرة عليها بإحكام، لأن تغيير بعض ملامح النص يكون كافيًا في كثير من الأوقات للإفلات من القانون.
يقول العوضي: "بعض المنتجين يفضلون وضع اسم كاتب أو سيناريست كبير على الفيلم حتى يحقق إيرادات، وبالتالي يتم السطو عمدًا، أو حتى يتم دفع مبالغ زهيدة للمؤلفين من أجل القبول بعدم وضع أسمائهم على العمل والاكتفاء بدور مؤلف الظل؛ لكن الآن أصبحت لدينا آفة أخرى جديدة، فبمجرد أن تلتقي نجما أو منتجا ما وتعرض عليه فكرة أو ملخص لعمل ويعدك بقراءته فبعد ذلك يتجاهل سؤالك أو اتصالك".
ويضيف "ولأن الموهوبين الحقيقيين لديهم كرامة وخجل من الإلحاح فإنهم يصمتون ولا يسألون مرة أخرى عن مصير عملهم؛ ثم نفاجأ بعد ذلك بإنتاج النص مع بعض التعديل الزائف والتغيير المخل".

ويتابع العوضي "في هذه الأحوال إذا تكلم المبدع الأصلي وصرخ وقال هذه فكرتى أو تلك روايتى أو هذا نصي وعملي، فعلى الفور يتم اتهامه من قِبَل المنتفعين بأنه كاتب مغمور يبحث عن الشهرة على حساب الكبار".
ويروي "تعرضت شخصيًا لسرقة واضحة لإحدى رواياتى، وبطل السرقة نجم كبير كنت أظنه صديقا، ومعه سيناريست مهم جدًا اسمه على الشاشة، ولكنه في الحقيقة ليس سوى سارق لأفكار ولإبداع الآخرين"، مُشبّهًا لص الأعمال الأدبية بأنه لا يفرق في شئ عن "سارقي الحمير في الريف"، وفق تعبيره "فسارقو الحمير كانوا يُعيدون طلائها بلون مختلف حتى لا يتعرف عليها صاحبها، وبمجرد سقوط بعض المطر يعود الحمار إلى لونه الطبيعي، ويكتشف المشتري الخدعة وعملية النصب التي تعرض لها". ولفت إلى أهمية تسجيل الأعمال الإبداعية تفاديًا للسرقة قائلا "لا يجب عرض عمل أو فكرة أو نص على أحد إلا بعد تسجيلها والحصول على ختم حقوق الملكية الفكرية، حتى يعلم النجم أو المنتج بذلك ولا يفكر فى سرقتها".

الاقتباس بداية السرقات
وعلّق الكاتب الكبير أحمد الخميسي على تفشي السرقات الأدبية بقوله "للأسف أصبحت هذه الظاهرة منتشرة واقرأ روايات كثيرة بأقلام مصرية مأخوذة تقريبًا بالنص من أعمال أجنبية، لا أدري كيف يمكن وقف هذا الطوفان"، بينما أكد الناقد السينمائي الأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي أن تفعيل قانون حماية الملكية الفكرية ينقذ الإبداع والمبدعين من هؤلاء الذين يسيئون للمبدع الحقيقي.
وقالت الكاتبة الأردنية الدكتورة دعاء البيتانة "لا بد من اللجوء إلى القضاء في هذه الحالة لإحقاق الحق، لأن صاحب الفكرة حتى لو كان الكاتب ليس مشهورا هو الأحق".
ولفت الشاعر الأردني عيسى الشيخ حسن إلى أن الشعر يوجد به سرقات قائلا "سرقة الكلمة اشد خطرا من السرقات الاخرى، وخصوصا الآن".
وقالت الدكتورة عفاف عبد المعطي، الأستاذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن أخطر السرقات هى سرقة الأفكار "والأصل فى البشرية مع الأسف السرقة والتى أضافوا لها غطاء لطيفا أسموه بـ"التناص"، ذلك المصطلح الفضفاض الذى استخدم فى الغرب بطريقة وعند أهل العرب بطريقة أخرى".
وتابعت "كانت استعارة الأفكار وإعادة إنتاجها مباحة فى القصص القديم مثل قصة سيدنا يوسف وأشقائه التى أعيد صياغتها وانتاجها وتوالدها على توالى العصور وكذلك الكونت دى مونتي خرستو، التى ظهرت فى "أمير الانتقام" و"أمير الدهاء" و"دائرة الانتقام" و"الظالم والمظلوم".
وتابعت "هذه الطريقة توسعت بمعرفة من يسمون أنفسهم كتاب سيناريو الى سرقات الأفكار بمجرد أن يقرأ حادثة فى جريدة أو يحدثه أحد فى فكرة يأخذها وينسج عليها". وأضافت "السبب الرئيسي أيضًا فى ذلك عدم تحويل النص القصصي أو الروائي إلى فيلم مثلما كان يحدث مع قصص احسان عبد القدوس ونجيب محفوظ فلقد كان كتاب السيناريو آنذاك شرفاء لا يعتدون على حقوق الملكية الفكرية لغيرهم. والحل يكزن فى إذكاء تطبيق حقوق الملكية الفكرية".
وقال الروائي والصحفي أشرف الصباغ إن سرقة الأفكار والأعمال موجودة في مصر منذ بداية القرن في المسرح والسينما "وأطلقوا عليها مصطلح اقتباس. وكان هذا الخطأ هو سبب كل الكوارث، لأننا بررنا السرقات "الاقتباس" منذ البداية. ومنذ مطلع خمسينيات القرن العشرين، وهناك حالة من حمى السرقة في السينما والمسرح والتلفزيون. وعلينا فقط أن نعود إلى ظاهرة عاطف الأشموني مؤلف "الجنة البائسة" هذه المسرحية تعرضت منذ عشرات السنين لهذه الظاهرة، أي أن الكارثة ليست وليدة اليوم أو حتى السنوات العشر أو العشرين الأخيرة. 
وتابع الصباغ "المسألة تتوقف على الجدية في تطبيق القانون، فالقانون موجود، ولكن لا أحد يريد تفعيله لأننا نتحدث عن علاقات فساد ومافيا وأموال ضخمة ومصالح ليست بالقليلة. دعونا من الحلول المثالية وإعمال الضمير، علينا أن نطالب بتطبيق القانون، وبتفعيل إجراءات أكثر صرامة وقسوة وجدية بشأن لجان الفحص التي يجب أن لا تكون موالية لأي طرف، أو متقاطعة مع لجان ومؤسسات أخرى، وأن لا تكون لها علاقات مصالح مع لصوص وكبار لصوص الوسط الفني والثقافي. وأقصد بلجان الفحص، أي لجان الرقابة واللجان المختصة بالبت في مثل هذه الخلافات. 
وقال إن تسجيل الأعمال في الشهر العقاري وفي الهيئات الأخرى لم ينقذ أحد ولم يعد حق أي ضحية. يجب استحداث وسائل وآليات ومجالس أخرى لمساعدة القانون والمساعدة في تطبيق القانون.

ثغرات قانونية متعددة
وأشار الدكتور حسن علي، رئيس المركز الأوروبي للصحافة، إلى أن الظاهرة ليست على مستوى سرقة الأفكار فقط "لكنها تشمل الحياة الثقافية العربية إلى حد كبير".
وأضاف "يجب أن يقف الجميع لتقديم وتفعيل القوانين الموجودة بالفعل ولكنها حبر على ورق، بل إن الأمر أيضا في محيط الرسائل الجامعية بكافة البلدان العربية"، مُشيرًا إلى أن هذه الظاهرة في عالم أفكار القصص وجني الأرباح الخيالية من صناعة السينما ظاهرة مؤسفة.
وأكد المستشار القانوني أحمد عطية أن هذه الاشكالية معقدة "إلا أن القانون منحها الإثبات بكافة الطرق، وخاصة في ظل التطور التكنولوجي الرهيب، فيمكن مثلا إثبات الملكية عن طريق التاريخ المثبت السابق مثل تاريخ إرسال فكرتك الأدبية عن طريق البريد الإلكتروني، وإن كان المحبذ دائمًا وأبدًا إثباتها في الجهات المخصصة مثل إدارة الملكية الفكرية بوزارة العدل والمنتشرة غالبًا في إدارات الشهر العقاري، باعتبارها الأسهل في الإثبات".
وتابع "فكرة الملكية الفكرية هو أمر شائك جدًا وبها العديد من المؤلفات القانونية والرسائل العلمية، فمثلا من الممكن أن تتشابه أفكارك مع أفكار شخص آخر، أو أن يكون هذا اللص قد اقتطف جزءا من فكرك وبنى عليه فكرة أخرى ولكن بأسلوب متقارب، وهنا يمكن اللجوء إلى المحكمة، ويعرض الأمر على أدباء ومختصين يعدون تقريرا غير ملزم للمحكمة، وعلى هذا النحو وفي جميع الأحوال، فإن الاحتفاظ بقصاصات الفكرة أو إثبات تاريخها يعد أمرا جيدا لإثبات الأحقية".