السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

متصوفة عاشقون| «أولياء الله» ومواجهة أمراض القلب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حرص التعليم الصوفى على تتبع عورات النفس وأمراض القلوب، ولا سيما الرياء والسمعة وحب الظهور والتنفج والكذب وإخلاف الوعد وغير ذلك كثير، فمحو تلك الأمراض من القلب أولى من أى شيء آخر، لأن سلامة الصدر هو الباب لتنزل المعارف الربانية.
يحرص الولى والشخص النقى أن يتخلص منها أثناء مجاهدة النفس، تجده مع كل ما حصّل من علم لا يطلب سلطة، ولا رفعة فوق رقاب الناس، ويسمون هذه الأمراض بالحجب التى تصد عن طريق الاستقامة وهى غير معدودة لكثرتها.
ورسالة «الروح القدس» للشيخ الأكبر تحوى من الشواهد ما يؤكد رغبة الأتقياء فى التستر عن عيون الناس، ومن الرجال عبدالله الخياط قابله ابن عربى فى مسجد العديس بإشبيلية لكن الخياط كانت لديه رغبة فى التخفى والابتعاد عن كل الناس فلا يرغب حتى فى لقاء أحد يجعل منه وليا أو يرفع مكانته، فهو رمز للتواضع الشديد.
ويفسر ابن عربى أسباب تعلق الإنسان بمثل هذه الأمراض، أن الإنسان ينازع الله فى صفات كماله، ويصل بهم فى النهاية لادعاء الألوهية كما حدث مع النمرود، فيصف نفسه بالجبروت أو القهر أو الكبر، فهى فى الإنسان داء بينما هى لله كمال، فالله هو القاهر فوق عباده، لكن مثل هذه الصفات تغرى أبناء آدم للتشبه بها ومنها الكبرياء.
فيقول ابن عربي: «الألوهية داءٌ فى جسم الإنسان، وحتى لا يصاب بالداء أعطاه اللهُ المعرفةَ دواء، فإن أصابك الداء ولم تشرب الدواء خرجت مع فرعون والنمرود وكل من ادَّعى الربوبية على قدره من كلمة فرعون، الإنسان يقول لولا أنا لهلك الزرع، لولا مالى ما جاءه الكسب، هذه أدنى مراتب فى الإلوهية، حتى الشيخ فى هذه الطريقة يقول لولا همتى مع فلان ما طلع لمقام فى الطريق، وهذه علل وأمراض سر».
ويوضح كلام ابن عربى أحد أهم عيوب النفس والذى يتمثل فى أعلى مراحله عندما يدعى الإنسان الربوبية، وفى أدنى مراحله عندما يقول أحدهم لولا مالى أو همتى أو عملى ما حدث كذا ناسيا أن الفضل فى كل ذلك يرجع لله وحده.
وتناول الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى، ما يزيد على ثلاثين شخصية زاهدة ومتصوفة، قابلهم فى رحلاته بالأندلس والمغرب العربي، وقد عرض لهذه الأسماء المجهولة فى رسالته المعروفة باسم «الروح القدس»، التى كتبها أثناء إقامته فى مكة المكرمة سنة ٦٠٠ هـ، وأرسلها إلى صديقه التونسى محمد بن عبدالعزيز المهدوي، فهو يجد الراحة فى ذكرهم وتسلية عن فقدهم وتحريض النفس على الاقتداء بهم والتأسى بأحوالهم.