السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ليس شهرا لـ"الدلع" و"الأنتخة"..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أعرف يقينًا لماذا أصبح شهر رمضان لدى العرب عمومًا والمصريين خصوصًا شهرًا لـ «الدلع» و«الأنتخة»، فإذا كان يوجد ثمة عمل تجد أنك محصور بين عبارتيْن خالدتيْن فى أدبيات الشهر الكريم، العبارة الأولى هى «قبل رمضان»؛ حيث تجد هناك تدافعًا فى إنجاز كل ما يمكن إنجازه قبل حلول الشهر، وكأن رمضان ليس شهرًا للعمل والعبادة، بل شهر يتوقف فيه التدفق البيولوجى لدى المصريين، زهقٌ وصيام وحرٌ بالنهار، وإفطارٌ ومسلسلات وإعلانات وكنافة وقطايف وحلويات وعزومات وخيم رمضانية وسحور حتى مطلع الفجر.
وإذا داهمنا رمضان وأصبحنا منه على مرمى حجر تتصدر دولاب العمل العبارة الثانية الشهيرة «بعد رمضان»، ليتم إنجاز ما لم يمكن إنجازه فى الفترة التى تسبق الشهر الكريم، التى تزيد فيه وتيرة العمل ويرتفع حجمه إلى أضعاف الأوقات العادية، لذا إذا لم يستطع البعض إنجاز أعمال معينة فيتم تأجيلها إلى ما بعد الشهر الفضيل، وهو ما يعمل على تعطيل مصالح الناس، وتوقف دولاب العمل، ووفقًا لأحدث إحصائية؛ فإن الجهد المبذول فى العمل أثناء رمضان يقل بنسبة الثلث، وهى إحصائية أراها متفائلة إلى حدٍ كبير.
المصيبة الأكبر، أنه علاوة على أننا «محشورون» بين عبارتيْ «قبل رمضان» و«بعد رمضان»، نجد أنه فى أماكن العمل المختلفة فى مصر تجد عبارة ثالثة تقفز فى وجهك فى اليوم مرات ومرات وهى «رمضان كريم»، فإذا تأخر الموظفون وتعطلت مصالح الناس فـ «رمضان كريم»، وإذا كان أى شخص يؤدى لك خدمة مستحقة دفعت الرسوم الخاصة بها ويريد منك «بقشيش» فى وزارة أو مصلحة أو مؤسسة حكومية أو متجر أو حتى فى المطار فـ «رمضان كريم»..!
ليت العرب والمصريون يتدارسون أمور دينهم ليعلموا أن رمضان هو شهر العمل والعبادة، وليس شهرًا لـ «الدلع» و«الأنتخة» وتبرير التقصير، ليتهم يعلمون أن أجدادهم وآباءهم كانوا يخوضون معاركهم الكبرى والمصيرية والتى غيرت تاريخ البشرية ووجه العالم وهم صائمون، ولم يكتفوا بخوض هذه المعارك فحسب، بل انتصروا فيها نصرًا مؤزرًا؛ فقد وقعت فى رمضان عدة غزوات ومعارك، ومن بين هذه المعارك غزوة «بدر» فى ١٧ رمضان من السنة الثانية للهجرة، و«فتح مكة» فى العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، ومعركة «القادسية» فى رمضان سنة خمسة عشرة للهجرة، وفتح بلاد «الأندلس» فى رمضان ٩٢ هـ، ومعركة «عين جالوت» فى رمضان ٦٨٥ هـ، وموقعة «حطين» فى رمضان ٥٨٤هـ.
ولا شك أن حرب العاشر من رمضان ١٣٩٣ هـ، السادس من أكتوبر ١٩٧٣مـ، تُعد من أكثر أيام العرب والمصريين البيضاء فى العصر الحديث، وفيها تمكنت القوات المصرية من الانتصار على القوات الصهيونية الغاصبة، فعبر الجيش المصرى قناة السويس وحطم أسطورة «الجيش الإسرائيلي» الذى لا يقهر.
إن حروب المصريين لم تنته بعد، ويجب أن نخوضها فى رمضان وغير رمضان، فحروب الدولة المصرية ضد الإرهاب والفساد والفقر، ومعارك المصريين من أجل البناء والتنمية والإصلاح الاقتصادى، يجب أن تستمر طوال العام، فى حد سمع أن جيشًا أخذ إجازة من الحرب فى رمضان، أو أجل معاركه لما بعد رمضان.. حى على الجهاد من أجل هذا الوطن.. من أجل ابنى وابنك وبنتى وبنتك.. ومن أجل كل الولاد.
كل سنة ومصر والمصريون مقاتلون من أجل هذا الوطن.