الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

ارتباك في سوق الحديد.. قرار "التجارة والصناعة" بفرض رسوم وقائية بنسبة 25% على الواردات يشعل الأسعار.. وخبراء: سيؤدي إلى توقف بعض المصانع لعدم قدرتها على المنافسة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت سوق الحديد، حالة من الارتباك الشديد، خلال الفترة الماضية، وذلك عقب قرار وزارة التجارة والصناعة بفرض رسوم وقائية بنسبة 25% على واردات الحديد، وبحد أقصى 15% على واردات البليت، من كل دول العالم، لمدة 180 يومًا، وحتى انتهاء التحقيقات التي يجريها قطاع المعالجات التجارية بالوزارة.
ولجأ بعض التجار إلى زيادة أسعار البيع للمستهلك 500 جنيه في الطن، رغم عدم إعلان المصانع بيانات رسمية تفيد بزيادة الأسعار، حيث تباينت المواقف داخل السوق، فقد رحبت المصانع المنتجة للبليت والحديد بنظام الدورة المتكاملة، والمعتمدة على استيراد أكسيد الحديد الخام وتنفيذ 4 مراحل تصنيعية عليه، فيما أعلنت مصانع الدرفلة تضررها الشديد من القرار، نظرًا لاعتمادها على استيراد البليت وتحويله إلى حديد تسليح.

وفى 28 مارس الماضي، وافق وزير الصناعة على بدء التحقيقات في إجراءات وقاية على واردات البليت وحديد التسليح، والأسبوع الماضي وافق على توصية اللجنة الاستشارية بقطاع المعالجات التجارية بفرض رسوم مؤقتة على واردات الأصناف محل التحقيق، لمنع التوسع العشوائي في استيراد الحديد والبليت وتخزينه في الأسواق خلال فترة التحقيق، حيث بدأت الأزمة مع تقدم مصنعي المراكبي للصلب والسويس للصلب بشكوى مؤيدة مستنديًا إلى قطاع المعالجات التجارية، بإصابة الصناعة بضرر شديد من البليت المستورد، بأسعار أقل من تكلفته الحقيقية، مما أدى إلى تكدس مخازن المصانع المحلية بأكثر من 500 ألف طن من البليت لا يمكن تصريفه، نظرًا لارتفاع الفارق بين المستورد والمحلى لأكثر من 80 دولارًا في الطن. 
ورفعت وزارة التجارة إخطارًا إلى منظمة التجارة العالمية عن عزمها فرض هذه الرسوم، نظرًا لوجود زيادة كبيرة وغير مبررة أو متوقعة في الواردات، بما يسبب ضررًا جسيمًا للصناعة المحلية، حيث ارتفعت الواردات خلال النصف الثاني من 2018 بنسبة 31%، مقارنة بالنصف الأول من عام 2017، لتسجل فوق 900 ألف طن، خلال النصف الثاني من عام 2018، مقارنة بـ69 ألف طن خلال النصف الأول من عام 2017، كما تبين لجهات التحقيق تضرر الصناعة الوطنية من ارتفاع الواردات ممثلا في تراجع حصتها السوقية، بنسبة 6%، و10% على التوالي خلال النصفين الأول والثاني لعام 2018، كما ارتفعت خسائر الصناعة المحلية بنسبة 119% خلال النصف الثاني من 2018، مقارنة بالنصف الأول من عام 2017، وارتفع المخزون في المصانع بنسبة 400% خلال نفس فترة المقارنة.
وقدرت المصادر العائد من فرض رسوم على واردات البليت، خلال فترة الستة أشهر المقبلة، بما لا يقل عن 550 مليون جنيه، باحتساب متوسط رسوم 50 دولارًا عن كل طن، حيث تستورد مصر 1.5 مليون طن سنويًا من البليت.

وقال محمد الجارحي، نائب رئيس شركة حديد الجارحي للدرفلة، أحد المصانع المتضررة، إن سوق البليت تعاني عجزًا في الإنتاج مقابل الطلب، واستوردت المصانع الكبرى البليت من الخارج خلال 2018، مؤكدا أن المصانع المنتجة للبليت محليا لا يمكنها الوفاء باحتياجات مصانع الدرفلة، مطالبًا بضرورة وقف القرار لحين انتهاء التحقيقات لحماية الصناعة والحفاظ على العمال.
وتابع الجارحي، أن فرض رسوم حماية على واردات البليت سيؤدي إلى أحد أمرين، إما أن تتوقف مصانع الدرفلة عن الإنتاج لأنها ستصبح غير قادرة على المنافسة في ظل فرض هذه الرسوم، وبالتالي تضيع المليارات من الاستثمارات، أو أن يتم تمرير هذه الزيادة إلى المستهلك ولكن هذا يتطلب قيام المصانع الكبيرة ذات الحصة السوقية الأكبر برفع الأسعار بما يوازى قيمة الرسوم المفروضة، وهو ما يتخطى الألف جنيه في الوقت الراهن، حتى تتمكن مصانع الدرفلة من الاستمرار في نشاطها، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكلفة إنتاج البليت محليًا نتيجة لعوامل أخرى، منها ارتفاع تكلفة الطاقة، وتكاليف التمويلات البنكية، ويجب ألا تتحملها المصانع الصغيرة، حيث أن حصة مصانع الدرفلة في سوق حديد التسليح لا تتجاوز 15%، فكيف يمكن لها الإضرار بمبيعات الشركات التي تستحوذ على 85% من السوق.

بينما يرى الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن مصر دولة منتجة للحديد، وتتوافر خامة البليت والخامات الأخرى التي تساهم في تقليل الاستيراد، مضيفًا أن مصر من أقدم الدول في صناعة الحديد، حيث بدأت العمل عليه في الخمسينيات في الواحات والداخلة والخارجة.
وأوضح خزيم أن مصر تمتلك الاقتصاد الزراعي بشقيه، باعتبارها دولة زراعية، فضلًا عن الاقتصاد الصناعي، حيث تمتلك البلاد الحديد والمنتجات والخامات، وكذلك الاقتصاد البحري والثروة السمكية والعائد منه يتجاوز الـ 50 أو 60 مليار جنيه، والاقتصاد السياحي والخدمي أيضًا، فإن هذه الاقتصاديات كفيلة ألا تجعل الاقتصاد المصري بهذه الحالة، من ناحية عجز الموازنة والكفاءة الإرادية والديون أيضًا.
وأشار إلى أنه تم فرض الرسوم، حيث إن الحديد المستورد التركي أرحض من الحديد المصري، نتيجة عدم تعديل قانون المنافسة الاحتكارية، الذي يسبب العديد من الأزمات للاقتصاد المصري بصفة عامة.
وطالب بضرورة تعديل قانون المنافسة الاحتكارية سريعًا ومراجعة القرارات الاقتصادية التي يتم اتخاذها من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية للبلاد خلال الفترة المقبلة، حيث إن ارتفاع أسعار الحديد سيؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة، ما يؤدي إلى العديد من المشكلات الاجتماعية مثل زيادة العنوسة والإدمان وغيرها، فإن بعض القرارات الاقتصادية الصغيرة يكون لها مؤثرات سلبية على الاقتصاد الكلي، مطالبًا بأهمية وجود رؤية لتنمية قطاع الصناعة المصري.