ربما أكون واحدًا من الذين تأخروا فى الانضمام إلى ذلك العالم الافتراضى (فيسبوك) وربما أكون من غير الفاعلين فيه، لكن شأنى شأن الكثيرين.. أصبحت إطلالتى عليه عادة، جرجرنا إليها إعلام أغلبه عشوائى عاجز فى الداخل، وآخر منحاز أو متربص بالوطن فى الخارج.
فى هذا العالم الافتراضى مميزات، وفيه من العيوب ما يفتت أوطانًا ويدمر شعوبًا، فيه تجد الخبر لحظة حدوثه دون إضافة، وبه من الشائعات ما يستوجب الدراسة. فيه تجوب العالم لتقترب من أفكار الآخرين، ومن خلاله تحاك المؤامرات وتنتهك الحرمات وتكثر الاستقطابات.
فى محاولة للتعاطي مع مميزات هذا العالم وتحويله من افتراضى إلى واقع.. سعيت إلى تخليق علاقة بين حسابى على (فيسبوك) وتلك الزاوية المتاحة لى فى جريدة وموقع (البوابة)، ولأن الفيسبوك مثل برامج الهواء المحفوفة بالمخاطر بسبب تجاوزات غير محسوبة من البعض.. كانت محاولتى محفوفة بنفس المخاطر بسبب تجاوزات البعض، تجاوزات لم يمنعها تنبيه يلزم الجميع بحوار حضارى لا تجاوز فيه.
ومن خلال حسابك على (فيسبوك) طرحت السؤال: لو التقيت الرئيس السيسي.. ماذا تطلب منه ؟ وهى تساؤلات كنا نقدمها فى تقارير تليفزيونية كنوع من التفاعل مع المواطنين، أغلب الذين أجابوا على السؤال كانوا جادين فى مطالبهم التى نتمنى أن تصل إلى الرئاسة ليرد عليها المعنين بالأمر، والبعض الآخر كانت له مطالب عبر عنها بحدة، متناسيًا جهودًا تبذلها الدولة لتحقيق مطالبه، وضاربًا عرض الحائط بظروف استثنائية تمر بها البلاد، وقلة من الذين تفاعلوا مع السؤال حاولوا المزايدة على وطنية البعض، ومثلهم تجاوزوا لأنهم ينتسبون إلى تيارات لن ترضى حتى لو تحولت مصر إلى جنة، لكن.. كان على أن يتسع صدرى للجميع، ربما ننجح فى تصحيح أخطاء مغلوطة، أو نخلص البعض من أفكار مسمومة يبثها الإعلام المتربص القادم من الخارج.
الصحة والتعليم.. طالب البعض بزيادة الاهتمام بهما، على أن يكون للمدرس والطبيب نصيب من الإهتمام، وطالب آخرون بإنشاء مصانع تصدر إلى إفريقيا احتياجاتها، وتأسيس مشروعات للنقل الجماعي، والاستمرار فى محاربة الفساد، أما الاهتمام بالبحث العلمى والعلماء فقد أفرد له أحد المتفاعلين المساحة الأكبر حيث طالب بمساعدة العلماء المصريين فى أن يخرج الجيل السادس للاتصالات من مصر بعد تأسيس منتدى ٦g والذي يهدف إلى توصيل الإنترنت إلى كل الدول النامية بخدمات أسرع، ودفع بإسم الدكتور حاتم زغلول المصرى الكندى والذى يشرف على منتدى ٦g المصري، وعدد المتفاعل إنجازات الدكتور زغلول فى هذا المجال، وطالب آخرون بإصلاح منظومة الإعلام وتفعيل القانون وضبط الشارع، أما أصحاب المعاشات فطالبوا الرئيس بتنفيذ الحكم النهائى الصادر لهم، كما طالب آخرون بزيادة الاهتمام بالمصريين فى الخارج.
هذه محاولة بسيطة للمزج بين عالم افتراضي تمت جرجرتنا إليه بعد أن فاق تأثيره الخيال.. وواقع نعيشه، كانت أدواتى فيها تلك الزاوية فى جريدة وموقع «البوابة»، وحسابى الخاص على فيسبوك، وإجابات تلقيتها على سؤال طرحته، محاولة تشبه برامج الهواء فى نسبة مخاطرها وحاجتها لمهارات خاصة أهمها سعة الصدر، لكنها حتمية لتضييق الفجوة بين فريقين، أحدهما هرب من الواقع ليجد ضالته فى العالم الافتراضي، والآخر مقتنع بأن الواقع أفضل من عالم تحاك من خلاله المؤامرات. إنها محاولة تعقبها محاولات أخرى، ربما نصل إلى صيغة نضبط من خلالها إيقاع مجتمع يعانى بسبب متغيرات طرأت عليه فى السنوات الأخيرة.
