الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سعد زغلول وثورة 19 والوطنية

سيد حامد
سيد حامد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الوطنية هي حب الإنسان لبلاده أرض آبائه وأجداده، وإنما نحب وطننا لما بيننا وبينه من الصلات المتينة، فقد تربينا في جوّه وبين قومه، وجدنا من منزلة الفرع من الشجرة كون هواؤه وتربة أجسامنا وصارت قوانينه وعرفه عادتنا

وأصبحت طريقة أهله في مأكلهم وملبسهم وكلامهم طريقتنا نحن إليه إذا نزحنا عنه وبهيج أشجاننا إليه ذكرانا له، ونأتي بقربه ونعتز بعزته ونألم لهوانه

هكذا كان سعد باشا زغلول زعيم الأمة، وكانت ثورة 1919 التى قامت في مارس من ذلك العام

ولقد ينشأ الإنسان فى بلد جدب ومكان فقر وهو مع ذلك يسعد بوطنه ويقنع به وبفضله على كل مصر وكل مصري

حب الوطن عند أكثر الناس فى حالة كمون إلى أن يدهم وطنهم خطر أو توجد دوافع تنبههم فنتنبه مشاعرهم ويظهر حبهم لوطنهم بأجلى مظاهره ويدعوهم للعمل على خدمته فيبذلون نفوسهم وأموالهم في سبيل نصرته والزود عن جامده وحريته

هذا هو سعد باشا زغلول الذى نحتفل الآن بمئوية ثورة 1919 التى قامت دفاعًا عن الوطن والأمة المصرية وانتفضت ضد الاحتلال الإنجليزى من 100 سنة، وتهب رياحها مع مارس من كل عام

وليست خدمة الوطن قاصرة على العظماء بل إن العظماء لا يكون لهم أثر كبير ما لم تؤيدهم الأمة، فالقائد الكبير إنما فخره نتيجة عمله وعمل الجنود بل عمل من صنع للجنود نعالهم وملابسهم ونحو ذلك والسياسى العظيم لا يصل إلى غرضه إلا بمعونة أفراد يبذلون ما يحتاج إليه الوطن وأمة تلبى بأجمعها نداءه وتسير فى الطريق الذى يخططه لها

الأمة كالساعة كل آله لها عمل ولا بد من أداء كل آلة عملها لينتظم سيرها وإن كان يختلف عمل الآلات أهمية وسير هذه الآلات وانتظامها لا تقع عليه العين عادة وإنما مظهر هذا الانتظام سير العقارب فإذا دلت على الأوقات بالضبط دلنا ذلك على أداء كل آلة وظيفتها وإلا فلا.. كذلك الحوادث العظيمة فى الأمة والنجاح الكبير لها مظهره عظماء الرجال وقواد الجيش ولكن ما كان يتم ذلك فى الحقيقة لولا أعمال آلاف من الناس لم يعرفهم التاريخ، فهؤلاء الآلاف منزلتهم آلات الساعة الخفية والعظماء بمنزلة عقرب الساعة هى مظهران لأعمال عديدة دقيقة غير أن الشأن في الساعة أنه إذا اتعطلت آلة منها وقفت جميعًا

فالفلاح في زرع أرضه وعنايته بالبقر والغنم والنجار فى صناعته والتاجر فى بيعه وتجارته وشرائه والجندى بمحاربته والكناس فى الشارع يكنس المخلفات والأم تربى بنيها وتضيء بالبيت وشئونه والخادمة بخدمتها والأطباء بمحاربتهم الأمراض ومعالجتهم المرضى والمرض ورجال الحريق بإطفائهم النار ورجال العلم الذين ينشرون العلم والثقافة ويحاربون الجهل والأدباء أنصار الفضيلة وأعداء الجهل ورجال السياسة، الذين ينصرون الحق ويخذلون الباطل بأقوالهم وأعمالهم، والثوار والموسيقيون وجميع رجال الفن يمدون الحياة بالسعادة ويشعرون الناس بالجمال وكل هؤلاء يخدمون وطنهم بعملهم وكل هذه الأعمال لا بد منها لسير الأمة إلى الشخصية فحسب بل أعوا فيها خيرهم

تلك مقدمة لمدخل حياة زعيم الأمة سعد باشا زغلول والذي كافح من أجل مصر، وقامت ثورة 1919 من شرق البلاد لجنوبها لغربها وشمالها أو قل من مصر والسودان.