الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مئوية الوحدة الوطنية.. قرن من مواجهة الخطر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أظهرت ثورة 1919 الوحدة الوطنية فى أسمى معانيها؛ حيث ارتفع شعار «عاش الهلال مع الصليب»، ليؤكد تماسك المصريين فى مواجهة المحتل الغاصب، وكان الخروج إلى الشوارع والميادين بصورة شعبية جارفة هو تعبير عن متانة النسيج المصري؛ فلأول مرة فى التاريخ الحديث، لم يقتصر دخول المساجد والكنائس لأصحابها، بل تحولت تلك المقاصد الدينية إلى ساحات لشد الأزر وشحذ الهمم من أجل التماسك والوقوف صفًا واحدًا، ليظل ذلك المشهد فى ذاكرة مصر.
لا تزال صيحات المصريين تتردد فى جنبات الزمن بعد أن تم القبض على سعد زغلول فى 8 مارس 1919، كرد فعل للمشاركة الجماهيرية غير المسبوقة التى ظهرت فى شكل التوقيعات التى حصل عليها ما يسمى بـ«وفد القوى الوطنية»، التى فوضها الشعب للمطالبة بالاستقلال، وهم الاسم الذى اشتق منه اسم حزب الوفد فيما بعد، وذلك بعد تلك الوعود التى وعد بها الإنجليز بمنح الاستقلال لمصر بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.


جمال أسعد: الضمير يمثل اللغة السائدة بين المصريين.. وتصريح 28 فبراير أعطى مصر استقلالها وأنهى الحماية البريطانية

يتحدث المفكر القبطى جمال أسعد، عضو مجلس النواب، عن تلك الفترة فيقول «فى ذلك الوقت كان الضمير هو اللغة السائدة بين المسلمين والأقباط، وإن كان يقل وقتا ما ولكن كان دوما المجتمع على قلب رجل واحد، كان المصريون لا يخرجون إلا عندما يمس الوطن بسوء أو يخدش نسيجه، وبين هذا وذاك ظهر ذلك الخطر الذى يهدد، وما زال يهدد، الوحدة المصرية الجامعة، وهو ما يسمى «الفتنة الطائفية بين المصرى المسلم والمصرى المسيحى»، وردًا على الفريقين من الوطنيين والعقلاء من هنا وهناك، وفى هذا المناخ الوليد الذى استعاد الكامن الوطنى فى النفوس».
يُضيف أسعد: «خرجت المظاهرات حاشدة إلى منزل سعد زغلول، وخرج لهم عبدالعزيز فهمى، وهو أحد القيادات مع سعد زغلول ورفاقه الذين قاموا بعملية جمع التوكيلات للوفد، والمقصود بالوفد هنا المجموعة التى ستتفاوض مع الإنجليز وليس حزب الوفد الذى أنشئ فى ١٩٢٢ استغلالًا للهبة الجماهيرية عام ١٩١٩ المساندة للوفد المفاوض». لم يكن لسعد ورفاقه أن يتصوروا تلك الهبة الجماهيرية الرائعة والمباغتة للجميع، حتى إن عبدالعزيز فهمى قال لهم عودوا إلى منازلكم واتركونا ندير الأمر مع الإنجليز، ومع ذلك خرجت الجماهير، وزادت الأمور اشتعالا ضد الإنجليز خاصة فى محافظات الصعيد أسيوط، المنيا فما حجم المشاركة القبطية فى تلك الثورة».
وأشار أسعد إلى أن أحداث الثورة كانت «كالسيمفونية الرقيقة»، حسب وصفه، فقد مرّت أحداثها دون شغب أو إهدار للدماء بين المصريين وبعضهم؛ ففى اليوم التالى لاعتقال الزعيم سعد زغلول وأعضاء الوفد، أشعل طلبة الجامعة فى القاهرة شرارة التظاهرات، وفى غضون يومين امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر، وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت فى جميع الأنحاء من قرى ومدن، ففى القاهرة قام عمال الترام بإضراب مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها، وتم شل حركة الترام شللا كاملا، تلا ذلك إضراب عمال السكك الحديدية، والذى جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر فى بولاق للحلول محل العمال المصريين فى حالة إضرابهم، مما عجل بقرار العمال بالمشاركة فى الأحداث؛ ولم يكتف هؤلاء بإعلان الامتناع عن تأدية عملهم، بل قاموا بإتلاف محولات حركة القطارات، وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية التى أخذها عنهم الفلاحون، وأصبحت أهم أسلحة الثورة «وكانت العقول مستنيرة وكان الشباب واعيا بلا أهداف مالية ولكن فقط كانت أهدافه وطنية فقط».



وسيم السيسي: مسيحيان اثنان فى وزارة الشعب لأول مرة فى مصر.. وغاندى تعلم كثيرًا من الثورة

تناول المفكر الدكتور وسيم السيسي، فى حديثه لـ«البوابة»، دور الأقباط فى الثورات المصرية الحديثة، حيث شهد القرن التاسع عشر على الشعور الوطنى بضرورة إقراره لمبدأ المواطنة فى تقرير المساواة فى الحقوق المدنية بين المسلمين وغير المسلمين، فشهد عام ١٨٥٥ سقوط الجزية عن المسيحيين، وفى عام ١٨٥٦ صدر الأمر العالى ينص على أن أبناء المسيحيين سوف يدعون إلى حمل السلاح أسوة بأبناء المسلمين، فتزامنت هذه الإجراءات مع سياسة اتجاه الدولة إلى الاعتماد وبدرجة أكبر على المصريين ككل فى وظائف الدولة والجيش وأكملت ثورة ١٩ نهضة كبيرة للأقباط فى مصر ودولتهم، ولا نستطيع أن ننسب لأنفسنا فقط نجاحها، بل لتوحد صفوف الوطن بأكمله شبابا وشيوخا ونساء ورجال دين.
بدأ الدور القبطى فى الظهور منذ ثورة أحمد عرابي، عندما طالب عرابى بزيادة عدد الجيش المصرى وقواته وإنشاء مجلس نواب على نظام البرلمان الأوروبى؛ فقام الخديو توفيق بعزله من الجيش، فقامت ثورة شعبية بقيادة الشيخ إمبابى شيخ الأزهر والبابا كيرلس الخامس بطريريك الأقباط فى ذلك الوقت، وقاموا بإرسال عريضة إلى الباب العالى، مطالبين فيها عودة عرابى للقوات المسلحة. استجاب الباب العالى لعودة عرابى «واتجه لعزل الخديو توفيق، واتجه الخديو وقتها إلى التحالف مع الإنجليز، ومع الحزب الوطنى على رأسه سلطان باشا، وتحالف مع بعض الضباط الخونة على رأسهم على يوسف الملقب بـ«الخنفس»، ومن هنا كان ظهور التوحد بين الأقباط والمسلمين فى الهجوم الشرس على من يفكر أن يقترب من كيان الوطن أو المساس به فكان الأنبا سرجيوس من وضع حجر الوحدة الوطنية عندما جعل التفرقة بين المسلمين والأقباط فقط عندما يذهبون للمسجد أو الكنائس، فكانت سر قوة الشعب المصرى فى ترابطه».
وتابع «السيسي»: «لمعرفة المزيد عن قوة ترابط المسيحيين مع المسلمين؛ فنجد ذلك فى ارتقاء النخب القبطية الذين شاركوا فى الحياة السياسية منذ بدأت تأسيس الدولة الحديثة، وكان محمد على يحكم مصر حكما مطلقا، وكان يعاونه المجلس العالى، ولكن لم يدخله أحد من المسيحيين، ولكنهم دخلوا المؤسسات النيابية بعد أن تولى الخديو إسماعيل، وفى مجلس شورى النواب ١٨٦٦ انتخب عضوان من الأعيان المسيحيين عن العمد، وذلك من مجموع ٧٥ عضوا يشكلون المجلس، وفى ١٨٨١ كان مجلس النواب أربعة من المسيحيين من ٨٠ عضوا، وبعد الاحتلال البريطانى عين فى مجلس شورى القوانين ١٨٨٣-١٨٩٠ خمسة من البكوات والباشاوات المسيحيين، وعندما أنشئت الجمعية التشريعية حرصت الإدارة الإنجليزية على التمسك بفكرة تمثيل الأقليات؛ فنص القانون على تعيين أربعة من المسيحيين وثلاثة من مشايخ البدو».



كمال زاخر: رصاص الاحتلال لم يفرق بين مسلم ومسيحى

وقال الكاتب والمفكر كمال زاخر «الوحدة التى نشهدها الآن ليست بجديدة علينا فكانت وستظل مصر مثلما يراها الجميع مهما عانت، وتبقى ثورة ١٩١٩ درسًا خالدًا فى القومية المصرية، لا فروق بين أهل مصر بسبب الدين، وكان التجلى الأعظم لذلك خلال الثورة العظيمة، وهو تجلى يفوق أى مثال تقدمى شهدته ثورات العالم»، وتابع «فى أغنية «قوم يا مصرى» الشهيرة للرائعين سيد درويش وبديع خيرى، بيت محذوف فى التسجيلات الحديثة للأغنية، يقول: حب جارك قبل ما تحب الوجود، إيه نصارى ومسلمين، قال إيه ويهود، دى العبارة نسل واحد من الجدود»، ولفت إلى أن الأقباط كفاحهم لا ينكر «وحضورهم كان طاغيًا فى الثورة، حتى إن سعد زغلول عندما شكل وزارة الشعب سنة ١٩٢٤، واستعان بوزيرين مسيحيين قال له الملك فؤاد إن العادة جرت أن تتم الاستعانة بوزير واحد قبطى، فأجاب سعد أن رصاص الاحتلال لم يفرق بين مسيحى ومسلم، وفى الحقيقة؛ فإن مقصد سعد كان يرى أن مشاركة الأقباط فى الثورة لم تكن بالعدد، وأن كثيرين استشهدوا وأعدموا فى سبيل الاستقلال، وأن هناك مسيحيين كثر شاركوا فى أعمال الجهاز السرى للثورة».
وأضاف زاخر أن هناك ملاحظات تكشف كفاح الأقباط خلال ثورة ١٩١٩ «منها مثلًا أنه فى ١١ مارس ١٩١٩ جرى أول إضراب منظم وهو إضراب المحامين، وقد اتخذ القرار مجلس النقابة، وبينهم اثنان من المسيحيين، هما إدوار قصيرى وميخائيل جرجس، وعندما نفى سعد إلى ملطة كان معه سينوت حنا وجورج خياط، وفى يوليو ١٩١٩ قبضت السلطات البريطانية على عبدالرحمن فهمى وعدد من أفراد الجهاز السرى للثورة، وكان من بينهم ستة أقباط هم: توفيق صليب، منير جرجس عبدالشهيد، كامل جرجس عبدالشهيد، وقرياقص ميخائيل، وعازر غبريال، وناشد غبريال، وكان فى كل هيئة وفدية مجموعة من الأقباط، ففى الهيئة الأولى كان هناك جورج خياط، ومرقس حنا، وواصف غالى، وعندما تآلفت الهيئة الثانية كان فيها سلامة ميخائيل، وفخرى عبدالنور».
لقد كان شعار «عاش الهلال مع الصليب» ملهبًا للمشاعر، مؤججًا لروح الوطنية ومتجاوزًا للعصر بما يؤسس لميلاد الوطنية المصرية فى عمقها الحقيقى، وفى الصعيد كشفت تقارير السلطات البريطانية فى ذلك الوقت، عن إصرار شديد للأقباط للدخول فى عمليات مقاومة غير سلمية للإنجليز، رافضين طرح بريطانيا بأن وجودها فيها يستهدف حماية المسيحيين المصريين، لقد دفع ذلك مكرم عبيد باشا إلى طرح مقولته الشهيرة: «إننا مسلمون وطنًا ونصارى دينًا»، معليًا من قيمة العقيدة الوطنية لقد كانت الثورة لاهبة، طاغية، حقيقية، لا تقف لتهادن ولا تنتظر لتناور، وإنما تنطلق بقوة وحدة مستهدفة استقلال الوطن، وضربت مثلًا يحتذى فى اصطفاف الطوائف المختلفة خلف سعد زغلول، حتى إن الزعيم الهندى المهاتما غاندى، قال إنه تعلم كثيرًا من ثورة ١٩١٩، ولكنه فشل فى التوحيد بين المسلمين والهندوس، مثلما وحدت ثورة ١٩١٩ فى مصر بين المسلمين والأقباط.


وطن واحد

بباوى: لا توجد ديانتان فى مصر بل إنسانية فى وطن موحد

أشار الدكتور اللواء نبيل لوقا بباوي، عضو مجلس الشورى السابق، فى بداية حديثه لـ«البوابة»، إلى دراسته للدين الإسلامى بكلية الشرطة عام ١٩٦٦ «ولكنى حصلت على شهادتى دكتوراه، إحداهما فى الاقتصاد والأخرى فى القانون، وهو بصدد الانتهاء من رسالة دكتوراه جديدة فى الشريعة الإسلامية، أشرف عليها الدكتور محمود زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، وعنوانها «حقوق وواجبات غير المسلمين فى المجتمع الإسلامي»، وكان أشهر مؤلفاتى كتاب «محمد الرسول وادعاءات المفترين»، وكان كتابى «الإرهاب ليس صناعة إسلامية، وزوجات الرسول والحقيقة والافتراء فى سيرتهن». وقال بباوى «لا صحة لوجود ديانتين فى مصر بل يوجد إنسانية فى وطن موحد، وخير دليل أننى كنت أول من رشحه مجمع البحوث الإسلامية لجائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية، تقديرا لكتاباتى التى أنصف فيها الإسلام، وفندت فيها آراء المستشرقين الذين دأبوا على الهجوم والافتراء على الإسلام، وهى أول مرة يرشح فيها مجمع البحوث شخصية مسيحية منذ إنشائه وكنت أنا»؛ ولفت إلى أن ثورة ١٩١٩ كانت بمثابة درس خالد فى القومية المصرية، لا فروق بين أهل مصر بسبب الدين والمعتقد «كان التجلى الأعظم لذلك خلال الثورة العظيمة، وهو تجلٍ يفوق أى مثال تقدمى شهدته ثورات العالم، موضحا انه فى فترة الاحتلال البريطانى، حاولوا إقناع مسيحيى مصر أنهم أقلية، ويجب عليهم إعلان مخاوفهم كأقلية مصرية، ولكنهم رفضوا، كما انتشر فى تلك الفترة عائلات فى صعيد مصر، كانت معروفة بدورها فى مقاومة الاحتلال، مثل عائلة «عبدالنور» فى جرجا، التى ساعدت أحمد عرابى، والشقيقين ميخائيل وحنا إثناسيوس، فى محافظة المنيا، اللذين ساعدا المقاومة المصرية فى جمع التبرعات، موضحا أن كلمة قبطى، تعنى مصرى، سواء كان هذا القبطى مسلمًا أو مسيحيًا، لأنها كلمة قديمة كانت تدل على عموم المصريين فى فترة تاريخية معينة، بالإضافة إلى أن اللغة المتداولة فى مصر كانت قديمًا هى اللغة القبطية، ومصر عاشت ظروفًا مختلفة تضامن فيها المسلمون والمسيحيون، ولكن قمة الحركة الوطنية تجسدت فى ثورة ١٩١٩، كانت ثورة شعبية قلبًا وقالبًا، حيث تشارك فيها الجميع، الفلاح والعامل والموظف، المرأة والرجل، المسلم والمسيحى، ومن هنا تجلت الحركة المصرية».
ومن المواقف الدالة على الترابط بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، أن الاحتلال البريطانى، قام بعمل خديعة جديدة للإيقاع بينهما، وهى تعيين يوسف وهبة، رئيسًا للوزراء، بعدما قام محمد سعيد رئيس الوزراء وقتها بتقديم استقالته، اعتراضًا على أفعال الاحتلال البريطانى، وكان وهبة وزيرًا للمالية فى تلك الوزارة، كما كان مواليا للاحتلال البريطانى، وكانت مفاجأة الاحتلال أن مسيحيى مصر قبل مسلميها رفضوا ذلك القرار، وعارضوا يوسف وهبة بشدة، وهذا أدى إلى قصر فترة توليه رئاسة الوزارة، حيث تسلمها فى نهاية شهر نوفمبر، وتركها فى منتصف مايو، وعن حرية الرأى والتعبير وقتها كان هناك جريدة عام ١٩١٩ اسمها «الوطن»، وكانت جريدة قبطية، أسست على مبادئ معينة، منها مقاومة ورفض الاحتلال البريطانى لمصر، وتغيير الصورة السائدة التى حاول النظام تصديرها، وهى أن مسيحيى مصر يقاومون الاحتلال البريطانى فقط خوفًا من المسلمين، حيث تبنت تلك الجريدة مذهبًا ثوريًا قويًا.
وأوضح بباوى أن كل الأعمال السينمائية التى تجسد تلك الفترة التاريخية، لا تتجاوز مشهد القساوسة الذين يخطبون على منابر المساجد، والمشايخ يخطبون فى مذابح الكنائس، حيث كانت أحد الأدلة الدامغة على عدم التفرقة بين أشقاء الأمة، وكانت لدى القمص مرقص وقتها عبارة شهيرة «إن مصر وطن بجناحين هما الهلال والصليب»، ولكن بقلب واحد وهو مصر، وإذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر، بحجة الدفاع عن المسيحيين فنحن لا نريدهم ولا نحتاج دفاعهم عنا وهذا ما أكده أيضًا، الزعيم سعد زغلول، حيث قال: «رصاص الاحتلال عند ضرب المصريين، لا يفرق بين مسلم ومسيحي».
وكانت المحاولة الأخيرة للاحتلال البريطانى، زعمهم بأن مسيحيى مصر يتولون دائمًا المناصب الإدارية الأقل، وهنا رد شنودة حنا، وكيل اللجنة المركزية بحزب الوفد، أنه ليس هناك فرق بين مسلم ومسيحى فى مصر، ورد أيضًا القيادى وليام مكرم عبيد، قائلًا: «خذوا منا المناصب واتركوا لنا الوطن»، ويضيف بعد نضال طويل من أجل الحرية، جاء تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢، الذى يعلن لمصر استقلالها، وإنهاء الحماية البريطانية على مصر، مع ٤ تحفظات منها مبرر للتدخل فى الشأن المصرى من أجل حماية الأقليات فى مصر، وعندما أثبتت تلك الحجة فشلها، كانت محاولتهم الجديدة، وهى تحديد نسبة فى المجالس النيابية للمسيحيين، المصريون رفضوا مسلمين ومسيحيين، وجود جماعات إسلامية ومسيحية فى المجالس النيابية.
ويواصل بباوى «أما عن نفى سعد زغلول ورفاقه لجزيرة سيشل، فإن رفاقه كانوا ٦، منهم ٤ مسيحيين، أى أن الابتلاء كان واحدًا ومواجهة الاحتلال واحدة، حتى إن اللورد كرومر، ذكر بنفسه فى كتابه «مصر الحديثة»: ليس هناك فرق بين المسلم والمسيحى فى مصر سوى فى مكان الصلاة، هذا يصلى فى الجامع، وهذا يصلى فى الكنيسة، لأن كل الحروب التى شهدتها مصر، الجنود كانوا يقفون بجوار بعضهم البعض على الجبهة، مسلمين ومسيحيين، الموت لا يفرق بينهما، لحظات الانتصار والهزيمة واحدة، خاصة دور مسيحيى مصر فى حرب ١٩٧٣ لا يمكن تجاهله، وما يغيب عن كثير من الناس، أن فكرة خراطيم المياه، فى تحطيم خط بارليف، ترجع للضابط المصرى المسيحى باقى يوسف زكى»، ويتابع «لا يزال أبناء مصر المسيحيون لهم العديد من الأدوار التاريخية، ومنهم أستاذنا الكبير، الدكتور يونان لبيب رزق، أستاذ تاريخ مصر الحديث، الذى كان ضمن لجنة تحكيم طابا»، ويختم حديثه بقوله: «التاريخ فيه العبرة والعظة، وعلى مر التاريخ الاحتلال يوقع بين أبناء الوطن الواحد، مستغلًا الجهل والفقر، وتأجج العنصرية، وما شهدته البلاد فى المنطقة العربية، كان للإيقاع بين الطوائف والعقائد المختلفة، واستغلال ذلك لتدمير المنطقة، ولذلك يجب على الجميع أن يعوا هذا الدرس جيدًا».