الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ماذا قال البابا فرنسيس في اليوم العالمي للمريض؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"لتساعدنا الأمّ تريزا على فهم أن المعيار الوحيد لعملنا يجب أن يكون المحبّة المجّانية تجاه الجميع دون تمييز في اللغة أو الثقافة أو العرق أو الدين" هكذا كتب البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي الـ27 للمريض، الذي سيحتفل به في مدينة كالكوتا، في الهند.
تحت عنوان "أَخَذتُم مَجَّانًا فَمَجَّانًا أَعطوا".. صدرت ظهر اليوم الثلاثاء رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم العالميّ للمريض، وكتب البابا "أَخَذتُم مَجَّانًا فَمَجَّانًا أَعطوا". هذه هي الكلمات التي قالها يسوع عندما أرسل الرسل للبشارة بالإنجيل، لكي ينتشر ملكوته عبر أعمال محبّة مجّانية. بمناسبة اليوم العالمي السابع والعشرين للمريض، الذي سيتمّ الاحتفال به بطريقة رسميّة في مدينة كالكوتا، في الهند، يوم الحادي عشر من فبراير 2019، تذكّر الكنيسة، أمّ جميع أبنائها، ولا سيما المرضى منهم، أن أعمال العطاء المجاني، كعمل السامري الصالح، هي السبيل الأكثر مصداقيّة للبشارة. إن الاعتناء بالمرضى يحتاج إلى الاحتراف والحنان، والأعمال المجّانية والفوريّة والبسيطة المُفعمة بالحنان والتي من خلالها نجعلُ الآخرَ يشعر بأنّه "عزيز" بالنسبة لنا.
فالحياة هي هبة من الله، وكما ينبّه القدّيس بولس: "أَيُّ شَيءٍ لَكَ لم تَنَلْه". ولأنها هبة بالتحديد، فلا يمكن اعتبار الحياة مجرّد امتلاك أو ملكيّة خاصة، ولا سيما إزاء إنجازات الطبّ والتكنولوجيا الحيويّة التي يمكن أن تقود الإنسان إلى الاستسلام لإغراءات التلاعب "بشجرة الحياة". أودّ أن أؤكّد، إزاء ثقافة التهميش واللامبالاة، أنه يجب وضع العطاء كنموذج قادر على تحدّي الفرديّة والتفكّك الاجتماعي المعاصر، من أجل تحريك روابط جديدة وأشكال مختلفة من التعاون الإنساني بين الشعوب والثقافات. فالحوار، الذي هو افتراض مسبق للعطاء، يفتح مجالات علائقيّة لنموّ بشريّ وتنمية، قادرة على هدم الأنماط المترسّخة في ممارسة السلطة في المجتمع. لا يمكن المزج بين العطاء وفعل تقدمة هديّة ما، لأن العطاء يُسمّى عطاء فقط إن كان هبة الذات، ولا يمكن حصره في عمليّة نقل ملكيّة ما أو أيّ غرض ما. فهو يختلف عن تقدمة الهديّة لأنه بالتحديد يحتوي على عطاء الذات ويفترض الرغبة في إقامة علاقة. العطاء هو بالتالي أوّلا اعتراف متبادل، والذي هو ميزة، لا غنى عنها، للعلاقة الاجتماعيّة. في العطاء، هناك انعكاس لمحبّة الله، التي تجد ذروتها في تجسّد ابنه يسوع وفي حلول الروح القدس.
وكلّ إنسان هو فقير ومحتاج ومعوز. عند ولادتنا، نحتاج إلى عناية والدينا كي نحيا، وكذلك أيضًا في كلّ مرحلة من مراحل الحياة، لن يستطيع أحد منّا أن يتخلّص كليّا من الحاجة إلى الآخرين ومن مساعدتهم، لن يستطيع أن ينتزع من ذاته حدّ العجز أمام شخص ما أو شيء ما. هذا أيضًا هو شرط يميّز كوننا "مخلوقات". والاعتراف الصريح بهذه الحقيقة يدعونا إلى المحافظة على تواضعنا وإلى ممارسة التضامن بشجاعة، كفضيلة لا غنى عنها لحياتنا. ويدفعنا هذا الإدراك إلى ممارسة مسؤولة، تدعو للمسئوليّة، من أجل خير شخصيّ وجماعيّ معًا لا ينفصلان. عندما لا يفهم الإنسان نفسه على أنه عالم في حدّ ذاته، بل كشخص يرتبط بطبيعته مع الآخرين، الذين يشعر بأنهم في الأصل "إخوة"، عندها فقط يمكن عيش ممارسة اجتماعيّة تضامنيّة تقوم على الخير العام. لا يجب أن نخشى الاعتراف بأننا محتاجين وغير قادرين على إعطاء ذواتنا كلَّ ما نحتاجه، لأننا وحدنا وبقوّتنا لا نستطيع التغلّب على أيّ حدود. لا نخافنّ من هذا الاعتراف، لأن الله ذاته، في يسوع، قد انحنى، وينحني علينا وعلى فقرنا كي يساعدنا ويعطينا تلك الخيرات التي لا يمكننا الحصول عليها أبدًا بمفردنا.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أعهد بكم جميعًا إلى مريم، شفاء المرضى. لتساعدنا على المشاركة بالهبات التي نلناها بروح الحوار والقبول المتبادل، وعلى أن نعيش كإخوة وأخوات منتبهين لاحتياجات بعضنا البعض، ونعرف كيف نعطي بقلب سخيّ، ونتعلّم فرح الخدمة المتفانية. أؤكّد قربي في الصلاة بكلّ مودّة من الجميع، وأمنحكم البركة الرسوليّة.