الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

محمد سليمان فايد.. حكاية شاب هزم المستحيل

محمد سليمان فايد
محمد سليمان فايد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرون هم من يحلمون، لكن قليلون فقط من يحققون أحلامهم، يصعدون الدرج من أوله متحملين ضريبة كل خطوة لهم، يبذلون الجهد والعرق على أمل أن يهزموا المستحيل، محمد سليمان فايد نموذجا من هؤلاء الذين أبوا إلا أن يكتبوا اسمهم في صفحات التاريخ، الذين يحملون بداخلهم يقين أنه لا يمكن أن يكونوا مجرد عابري سبيل في الحياة بل لابد أن ينقشوا أسمائهم على متون التاريخ، رحلة «محمد» من قريته الريفية إلى منصة التتويج من الحاصلين على ماجستير بنقابة الصحفيين رحلة تستحق أن تُسرد فتعالوا لنعرفها.

بدايته في القرية
كانت ظروف «محمد» الأسرية غير كافية لكي يأخذ مسار الكتاب والمثقفين منذ صغره، فالتحق بركب جيل سبقه في المعرفة والوعي، كان يستعير الكتب من أستاذه آنذاك «سعيد الشحات» مدير تحرير اليوم السابع الآن، والذي يحكي عن ذلك بأن محمد كان مولعا بالكتاب، كان يرسم لنفسه هذه الصورة، حتى أنه كان يحمل الكتاب ويخطو يرى نفسه به كرجل عظيم، ولم يكن يعلم أن الحياة ستنصت له يوما ما، حينما أتم دراسته في التعليم المتوسط، وعلى حد قول «الشحات»، أخبر أحد الأساتذة محمد أنه رسب، فكانت صدمة للشاب، فأخفى الأمر على أهله وأخبرهم أنه نجح وأخذ «5 جنيهات من جده»، وولى وجهه نحو القاهرة، تلك المدينة التي لا يعرف فيها أحد غير أقرانه، خرج من داره عاقدا العزم ألا يعود إلا وهو ممن يشار إليهم بالبنان.

انتقاله إلى المدينة
غريب جاء يمتطي جواد الأمل، لا يعرف أين يحط رحالها، ساقته قدماه إلى مكتب صحافة، لكن ماذا سيفعل هناك، صوت ما بداخله يحركه يتبعه هو دون مناقشة، مدير المكتب له: «هتشتغل إيه بس يا بني؟»، سأحمل الكاميرات مع المصورين، وسأنام هنا، عام كامل دون ملل ولا كلل ولا يأس، يحمل الكاميرات في النهار، ثم في الليل حينما ينصرف الجميع يداعب «محمد» الكاميرا، يرجوها أن تعطيه سرها، يصطحبها في تنزه ليلي، يلتقط صور وصور، تعشقه المجنونة تقبل منه أي ضغطة بانصياع، يصبح بعدما دفع الضريبة من عرقه مصور محترف.

جواز سفر
عزيمة «محمد» أجبرت الأيام أن تٌغير مسارها، وتقرر لقياه، كان ضيفه مذيع مشهور في إحدى القنوات العربية، قرر أن يكون محمد مصوره الخاص، هكذا هي الحياة إن أرادت أن تكافئ، لكن محمد لم يحصل على شهادة «التعليم المتوسط»، قرر أن يسحب ملفه الخاص ويستخرج جواز سفر طبقا لآخر شهادة «الإعدادية»، وكانت المفاجأة حينما ذهب إلى المدرسة، عنفه المدير لماذا لم تأت لتأخذ ملفك كل هذه السنوات؟ أخبروني أنني «راسب»، وكان الجواب الدراماتيكي للحياة: يا بني إنت ناجح، وكأن يد من السماء امتدت تقديرا لكفاح الشاب وعدلت النتيجة، لتتوالى بعدها المفاجآت، يأبى محمد أن يُكتب في جوازه بعد كل هذا التعب «مؤهل متوسط» فيُتقدم لكلية إعلام ويذاكر ويعمل وينجح وينجح.

منصة التتويج
عشرات الدول جابها «محمد» بكاميرته، مئات الشخصيات قابلها وعرفها، بات لديه أرشيف وحكايات وإنجازات ونجاحات، آخرها حصوله على الماجستير وتكريمه من نقابة الصحفيين، وسيتكلم الكثير عن التكريم، لكنهم لن يتكلموا على ذلك الفيديو الذي سجله محمد قبل دخوله للتكريم، يشكر فيها أمه التي رحلت قبل أن ترى لحظة انتصاره في الحياة، بعث لها رسالة راجيا الله أن تصل إليها: «بدعواتك يا أمي هزمت المستحيل، أنا هنا يا أمي أهديكي التكريم».