الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

ثلاثي "ماكينات المعز".. أحدهم كان مسئولًا بفرقة رضا للفنون الاستعراضية

ثلاثى «ماكينات المعز»
ثلاثى «ماكينات المعز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جلس منكبًا أمام «ماكينة» يتجاوز عمرها عشرات السنوات، داخل «دكانته» الصغيرة، التى اقترب عمرها من قرن من الزمن، كل شىء سقط من على الجدران، الألوان أصبحت باهتة، حروف اسم «المحل» اختفت.
بينما يُظل الثمانينى على ألا تندثر مهنته، يافطة اختفت معالمها، الأمر يبدو مجهولا تمامًا، الظلام يحيط الرجل رغم أن الشمس نشرت أشعتها الذهبية، خرج قليلا يدقق النظر، يكاد وجهه يلامس ماكينة أمامه، هدوء على من يجلس من حوله كأنهم على رءوسهم الطير.
ثلاثة أشخاص يجلسون فى صمت تام، عليك ألا تقتحم حرمة المكان، وأن تنتظر لتبدأ الحديث، يشير إليهم بالوقوف ويأمر بالجلوس، وأن تنفذ الأمر فقط. عم مصطفى صاحب «ورشة» لتصليح «ماكينات» الخياطة، فى منطقة الحسين، بشارع المعز لدين الله الفاطمي، التى خرجت من رحم مصانع الإتحاد السوفيتي، لا يعمل فى الحديث، القديم بالنسبة له، جوهرة ثمينة يجب الحفاظ عليها. يبدأ حديثه أنه يعمل هنا منذ أن كانت الشوارع تُقاد فيها المصابيح «بالنار» للإضاءة، تبدلت الأحوال واختلفت الأمور، وانقلب الزمن ليجلس هو وصديقاه بعد أن جمعهم حب تصليح «الماكينات»، عاشور صاحب الـ ٧٨ عاما، والمسئول عن تصليح «ماكينات» الخياطة الخاصة بفرقة رضا للفنون الاستعراضية، وثالثهما عم «إسحاق»، أستاذ المهنة فى مصر، حسب تعبيره.
يسرد عم مصطفى حكايته بأنه بدأ العمل منذ أكثر من نصف القرن، ترك الوظيفة الحكومية بعدما وقع فى حب «الماكينات»، كان وقتها العمل مثمرا، وتستطيع أن تعيش من ورائه عيشة كريمة وتجنى دخلا كبيرا، وبخاصة أن فى كل منزل «ماكينة» لخياطة الأقمشة، الآن الوضع اختلف ما زال هناك من يستخدمها ولكن بشكل قليل.
يدخل عاشور فى منتصف الحديث قائلا: «إحنا مش بنشتغل المهنة دلوقتى عشان مكسب على قد ما هو حب، شوفت فؤاد المهندس فى فيلم عائلة زيزى وهو بيصرخ ويقول «المكنة طلعت قماش»، إحنا فرحتنا كدا فى كل مكنة تيجى ونصلحها ونعيدها للحياة بالنسبة لنا طلعت قماش».
ويواصل: «معلمين وصنايعية المهنة دلوقتى بيختفوا، وإحنا بنعتبر الحاج مصطفى هو كبرنا، شوفت الناس فى المعز بتبيع حاجات مختلفة، وهو لسه بردو محافظ على مهنته، صوابعه دى تتلف فى حرير، ومن حبه للشغلانة علمها لابنه، رغم أنه متخرج من كلية». إسحاق كان أقلهم حديثا حتى بدأ فى القصص: «شغلنا فى تصليح مكن الأقمشة ومكن الخيش والصوف، دلوقتى بقيت زى الدهب قليلين، وفى منها كتير قطع غيارها مش موجودة، والزبون على حسب دماغه ممكن يقولك أنا هشترى أو اشترى ونتحاسب، مع الزمن المهنة هتختفى بعد الحديث، بس لسه فيها النفس، وفى محل الحاج مصطفى بيجيله الزباين من بورسعيد والمنصورة والصعيد لأنه أب لكتير فى المهنة».
ويختتم حديثه: «بندين ليها بفضل إنها خلتنا ٣ إخوات مفيش يوم مقعدناش ولا اتقابلنا، ولو كانت أشغالنا والحياة سارقانا بردو بنتقابل، نفسنا الناس تحتفظ بالمكن دا مش ترميه».