السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الليلة الأولى للسيد المحافظ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تمر الليلة الفائتة على السيد اللواء خالد عبدالعال محافظ القاهرة كأي ليلة مرت عليه من قبل، يبدو أنه حاسب نفسه كثيرًا وعاتبها مرارًا وتكرارًا، يبدو أن أبناءه سألوه: ماذا حل بك يا أبي؟ لماذا عاملك الرئيس بهذه الطريقة؟ ويبدو أيضًا أن أصدقاءه من السادة الوزراء والمحافظين حاولوا التخفيف عنه من هول ما حدث أمام كاميرات الإعلام، وأقلام الصحفيين التي داعبته، وتدوينات "فيس بوك" التي نالت منه بعد أسئلة الرئيس المحرجة، والتي احمر لها وجهه خجلًا من هول المفاجأة! وقد يكون السيد المحافظ قد لام نفسه على تقصيره في إدراك الحد الأدنى من حدود منصبه، قد يكون عاتب نفسه – ولو قليلًا - وتساءل: «مؤتمر كبير كهذا بحضور الرئيس.. لماذا لم أُحضّر له المعلومات اللازمة؟ لماذا لم أضع يدي على ما يدور داخل محافظتي؟ لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟
صندوق العشوائيات بيجمع كام فى السنة؟ دخل محافظة القاهرة كام؟ كم كوبري تم بناؤه بالمحافظة خلال أربع سنوات؟.. ثلاثة أسئلة فقط كانت الصاعقة التي هزت محافظ القاهرة، أو محافظ العاصمة، أو سيادة الوزير كما يحب أن يسميه البعض، ثلاثة أسئلة فقط أنزلت السيد المحافظ من عنان السماء إلى وعر الطريق، ليصبح بين يدي نشطاء التواصل الاجتماعي يقلبونه كيف شاءوا على نار هادئة، منهم من انتقد اختيار الرئيس له كأحد أهم القادة التنفيذيين، ومنهم من حصل على سيرته الذاتية منذ التحاقه بكلية الشرطة، ثم تخرجه فيها، إلى عمله في مباحث أسيوط، مرورًا بتوليه منصب حكمدارية القاهرة، ثم مديرًا لأمن العاصمة، إلى أن أصبح محافظًا لها، وفي نهاية كل ذلك تساءل أحدهم: كيف لمحافظ القاهرة الحالي وهو مدير سابق للأمن في نفس المحافظة أن ينسى ما تدره المحافظة؟ وكيف لا يعلم كم كوبري تم بناؤه في القاهرة وهو بنفسه من أشرف على تأمين المحافظ السابق له في افتتاح تلك المشروعات؟ حتى ذهب أحدهم بأن طالب بضرورة أن يأمر الرئيس ذلك المسئول بارتداء "الجلابية البيضاء المخططة" على طريقة الفنان شفيق جلال ويلزم بيته بعد فشله الذريع في الاختبار الشفوي أمام الرئيس.
القضية بكل بساطة هنا لا تتعلق بمحافظ القاهرة وحده، بل بمئات وآلاف من المسئولين التنفيذيين، فالرئيس السيسي لو بحث في بطانته جيدًا لوجد في كل مكان يتربع كثيرون وكثيرون، لوجد مئات بل الآلاف من المسئولين على شاكلة السيد المحافظ، المئات من الذين جاءت تقارير ما قبل تعيينهم تؤكد على أنهم من الذين "يستمعون القول فيتبعون أحسنه"، أو حتى من الذين يقولون: "سمعنا وأطعنا".. من أهل الثقة الذين لا تُطفأ لهم نار أبدًا، حتى تحولوا إلى وزراء لا يدركون حدود مناصبهم، ومحافظين لا يعلمون الحد الأدنى عما يدور داخل محافظاتهم، ونواب كل مهمتهم تنحصر في الموافقة على أي قانون.. أي قانون مهما كان.. ويرسلون مبعوثيهم بأوراق دوائرهم إلى مكاتب السادة الوزراء ليحصلوا على موافقة على رصف طريق هنا، أو إنارة أحد الشوارع هناك.
قد يبدو اختبار الرئيس –غير المتوقع- لمحافظ القاهرة قاسيًا إلى حد بعيد، لكنه سيحول كل مسئول إلى طالب يذاكر جيدًا قبل اللقاء الموعود الذي وإن طال سيأتي يومًا ما.
أتوقع أن أسئلة الرئيس لمحافظة القاهرة جعلت كل مسئول يتوجه إلى مكتبه صباح اليوم، ويبحث في أوراقه عن إجابة لأسئلة الرئيس قبل أن تدور الدائرة وتأتي عليه، وقد تكون هذه بادرة أمل لكل مسئول أن يضع نصب عينيه حدود مسئولياته، ويعلم جيدًا أن لغة الأرقام لا تكذب أبدًا، وأن الامتحان قادم لا محالة.