يعتبر عالم النفس الألماني فيلهلم فونت، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم 16 أكتوبر من عام 1832، المؤسس لعلم النفس التجريبي، وهو واضع كتابه الجامع "مبادئ علم النفس الفسيولوجي" الذي يقع في ثلاثة مجلدات، وقد كان كان طبيبًا ألمانيًا وعالم نفس وأستاذًا جامعيًا.
اعتبر فونت، مع وليام جيمس، أبًا لعلم النفس، وفي كتابه مبادئ علم النفس الفيسيولوجي اهتم بأن يوضح ويحدد مبادئ وطرق وأهداف هذا العلم، وقد اتسعت تجاربه وأبحاثه بعد ذلك، فشملت الإبصار والسمع، وزمن الرجع، والترابط، وواصل فونت فيما بعد في مختبره التجارب النفسية الفيزيائية على طريقة فخنر، ورغم أنه زامل هيلمهولتس لمدة ثلاث عشرة سنة وأخذ عنه اهتمامه بعلم الفسيولوجيا النفسية، إلا أنه تأثر أكثر ببحوث ومناهج الفيزياء النفسية عند فخنر وإن لم يتجه فيها اتجاهه الميتافيزيقي.
وفونت كان يريد أن يقيم علم النفس على أسس تجريبية كالأسس التي للفيزياء وللفسيولوجيا، وهو يطلق على توجهاته اسم " علم النفس الفسيولوجي"، ويقصد به علم النفس التجريبي على مبادئ شبيهة بمبادئ علم الفسيولوجيا، وقد أصدر مجلة دورية ينشر فيها بحوثه وتلاميذه، وأطلق عليها اسم " الدراسات الفلسفية" (1881) فقد كان يعتبر نفسه فيلسوفًا، وله في الفلسفة والمنطق والأخلاق عدة كتب، ورغم أنه كان ينشد إقامة علم نفس تجريبي إلا أنه لم يكن يرى أن يفصله عن الفلسفة، وكان ينعي على الأمريكيين اتجاههم هذا الانفصالي، وقد جعل من أهدافه في دراسة علم النفس هي حياة الفرد الشعورية، وأن الإحساسات هي نتاج الحس، وأنها تنقل التنبيهات من خلال السيال العصبي إلى اللحاء، وهي العناصر التي تصنع الخبرات، وأن الفسيولوجيا مناطها تفسير تكوين الإحساسات، بينما علم النفس مناطه وصف وتحليل الخبرة المباشرة.
وقد كتب فونت في علم نفس الشعب، ويناقش فيه مسائل من الثقافة العامة والتاريخ، ونشأة اللغة وتطورها، ودلالات الأسطورة، والدين، والفن، والمجتمع، والقانون، ومن رأيه أنه لا يمكن فهم طبيعة التفكير دون التطرق إلى هذه المسائل.
أنشأ فونت "معمل فونت" في ألمانيا في جامعة ليبزج الألمانية لإجراء تجارب عملية على أشخاص حقيقيين في عام 1879م واعتبر هذا التاريخ بداية اعتبار علم النفس علما، وقد جذب المعمل العديد من شباب أوروبا وأمريكا الذين جاءوا الي فونت وتعلموا منه وحصلوا على الدكتوراه، وحتى منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي كان معظم علماء النفس في العالم من تلامذة فونت.
رحل فونت عن عالمنا في 31 أغسطس 1920.
