الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بدأت معركة البترول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لإيران أسطول من الناقلات العملاقة يجوب البحار حاليًا، فيما يبدو أنها رحلة الأسابيع الستة الأخيرة لما قبل الحظر الأمريكى. وقبل أيام، لاحظت مصادر متعددة، اختفاء عشر سفن إيرانية عملاقة، كانت مرصودة فى عرض البحار، تصل حمولة كل واحدة إلى مليوني برميل بترول. لم يعد يُعرف لها أثر، حيث يعتقد أنها أطفأت أجهزة الإشارة، حتى لا يمكن «للعدو» رصدها وتعقبها. 
عادت المطاردة، وعادت إيران إلى لعبة التخفى، لا تريد أن يرصد أحد حركة مبيعاتها النفطية، فى ظل سيف العقوبات الأمريكية على من يشترى البترول المحرم. 
النفط أهم الأسلحة، ولهذا تعين على مديرى شركات النفط أن يتنحوا جانبًا حتى يتولى السياسيون إدارته. فالنظام الإيرانى يعتمد عليه بنسبة كبيرة فى إدارة جمهوريته. نحو خمسين فى المائة من ميزانيته من مبيعات النفط الخارجية، وأكثر من ثلاثين فى المائة تجبى من الرسوم والضرائب، التى للنفط فيها دور كبير، ويضاف إلى ذلك أن السلع الرئيسة، مثل الخبز والوقود الرخيص مدعوم أيضًا من دولارات النفط. طبعًا، هذه حالة مشتركة مع معظم دول المنطقة المصدرة للبترول، إلا أن إيران الوحيدة الممنوعة، والتى ستواجه صعوبات فى تسويق مليونين ونصف المليون برميل من نفطها يوميًا، بسبب العقوبات الأمريكية عليها. 
وحتى مع إطفاء أجهزة إرسال الإشارات، لن تتوقف ملاحقة الناقلات الشبح من خلال وسائل الرصد الأرضيّة والفضائية، ومعرفة من سيشترى، وبكم، وآلية الدفع، وتقدير حجم الاختراقات لنظام العقوبات. إيران تأمل أن تبيع من خام نفطها لروسيا، التى ستقوم ببيعه فى السوق من بعد مروره فى مصافيها، وهناك توقعات أن تشترى منه الصين. 
وقد سبقت العقوبات، استعدادات الدول المنتجة الرئيسية لسد النقص من النفط الإيرانى، ومنع أن يتسبب الخوف والإشاعات فى رفع الأسعار وضرب الاقتصاد العالمى. فالنفط أيضًا سلاح إيران، كما هو سلاح الأمريكيين، حيث تأمل أن يتسبب الحظر عليها فى رفع الأسعار، وبالفعل، صعدت إلى أكثر من ثمانين دولارًا للبرميل، ولا يستبعد أن تصل إلى مائة، ولا ننسى أنه سبق للبرميل أن ضرب رقمًا قياسيًا، حيث بلغ سعره 140 دولارًا قبل عشر سنوات. وارتفاعه قد يضطر الأمريكيين إلى التراجع، وإفشال أهم سلاح بيدهم. والسعودية هى الوحيدة التى تقدر على هزيمة إيران بسد حاجة المشترين، وبالتالى، السيطرة على السعر وإفشال سيناريو إيران الهلع ورفع السعر. 
ولا نستعجل النتائج، لأنه حتى فى حال تدهورت مداخيل إيران، قد لا تنحنى وتتنازل للشروط الاثنى عشر الأمريكية، وبينها التخلى عن مشروعها النووى، والامتناع عن تدخلاتها العسكرية الخارجية. الأمر ليس بهذه البساطة. 
النظام الإيرانى دينى متطرف، أيديولوجى أمنى عسكرى، يشبه تفكير نظام صدام حسين البعثى، الذى طبقت عليه عقوبات دولية اقتصادية طويلة، واستمر يعاند رغم معاناة شعبه، واكتفى بتمويل دائرة الحكم. نظام طهران سيتبنى استراتيجية انتظار الفرج، وسيترك الناس تعانى وتواجه الأزمة. 
مع هذا، تدرك جبهة المواجهة فى واشنطن، أن انخفاض مداخيل نظام خامنئى ستخفض قدراته العسكرية، وستضعفه داخليًا. وهنا، يصبح الانتظار لعبة الجميع، وتبقى مقامرة خطرة على القيادة الإيرانية. 
نقلا عن جريدة «البيان» الإماراتية