الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القس سهول سعود يكتب: "قوّموا الأيادي المسترخية والركب المخلّعة"

القس سهول سعود
القس سهول سعود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعبير مجازي، استخدمه بعض كتّاب الكتاب المقدس، لدعوة المؤمنين والمؤمنات للقيام بأمرين: الأول، التخلّص من الخوف بالاعتماد على الله، الذى يعيد القوّة والحيوية للاستمرار فى الإيمان وسط تحديات الحياة. والثاني، بعد استعادة القوة، مساعدة الآخرين ومدّ يد العون إليهم، ليستعيدوا قواهم للاستمرار وسط صعوبات الحياة.
إن أول من استخدم هذا التعبير كان النبى إشعياء، حين قال لبعض المؤمنين الخائفين، «شدّدوا الأيادى المسترخية، والركب المرتعشة ثبتوها. قولوا لخائفى القلوب، تشدّدوا لا تخافوا هوذا إلهكم... يأتى ويخلّصكم» (إشعياء 35: 3-4).
وقد ردّد التعبير نفسه فى العهد الجديد، كاتب سفر العبرانيين، حين قال للمؤمنين: «لذلك قوّموا الأيادى المسترخية، والركب المخلّعة» (عبرانيين 12: 12-13). يبدأ الخوف فى الفكر والقلب، ثم ينتقل ليظهر بشكل مرئي، فى جسد الإنسان، لا سيما فى اليدين والرجلين. فالخوف يرخى أعصاب الجسم، فتسترخى اليدين وترتعش الركب. وبتعبير مجازي، إن ارتخاء اليدين، وتخلّع الركبتين، يرمزان إلى ضعف روحى شديد. فالركبتان المرتعشة والمخلّعة، تفقد توازن الإنسان عندما يسير. إنها تمنعه من السير بخطوات ثابتة، بل تعرّضه للسقوط. هناك تعبير لبناني، «يسكّوا ركابو»، تعبير عن حالة الخوف. فالنبي: إشعياء وكاتب العبرانيين رأيا، أن بعض أولاد الله يعيشون فى حالة من الخوف والوَهن، تظهر فى فقدانهم القدرة، على الثبات فى إيمانهم، بسبب ضغوطات كبيرة يمرّون بها. 
اعتقد الواعظ الكبير سبرجون، أن الركبتين ترمزان إلى السجود والصلاة، كما قال بولس «بسبب هذا، أنا أحنى ركبتى لدى أبى ربّنا يسوع المسيح... لكى يعطيكم بحسب غنى مجده، أن تتأيدّوا بالقوة بروحه فى الإنسان الباطل» (أفسس 3: 14و16). والرجلان ترمزان إلى السير مع الله، «وسار أخنوخ مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه». وبالتالي، هذا التعبير المجازي، يرمز: إلى عدم عيش حياة صلاة، وعدم السير مع الله. كما يرمز ارتخاء اليدين، ووهن الركبتين إلى الكسل، بسبب الجلوس الطويل، دون حركة ونشاط. وعدم الاستخدام، يؤدى إلى المزيد من الضعف والوهن. 
قال الواعظ سبرجون، «ارتخاء اليدان سيمنعك من مساعدة الآخرين، للاشتراك فى حملك أثقالهم معهم»، كما دعانا بولس: «احملوا بعضكم أثقال بعض، وهكذا تمموا ناموس المسيح». وأضاف، «إذا ما كانت ركبتاك ترتعشان، كيف ستتمكّن من تسلّق السلّم التى رآها يعقوب؟». 
إن وهن اليدين والرجلين ظهر فى حالة الخوف التى كان يعيشها سكان أورشليم آنذاك. فصلى النبى صفنيا إلى الله، كيما يحضر فى وسطهم. وتمنى على شعب أورشليم، أن يختبروا الله، كإله جبار يخلصهم من خوفهم، كيما يستعيدوا حياة الإيمان، فلا تعد ترتخى يدهم بعد. قال صفنيا: «فى ذلك اليوم، يقال لأورشليم، لا تخافى يا صهيون. لا ترتخِ يداك. الربُ إلهك فى وسطك. جبّار يخلّص، ويبتهج بك فرحًا» (صفنيا 3: 16). 
يخبرنا أحد أصدقاء أيوب، أليفاز التيماني، كيف أن كلمات النبى أيوب المشجّعة والمعزية، كانت تشدّد اليدين المرتخيتين، وتثبّت الركب المرتعشة، وحتى تقيم العاثر من سقوطه، مما يشير إلى قوة الكلمات الطيبة فى تشجيع الناس الضعفاء والخائفين. قال أليفاز التيمانى لأيوب: «ها أنت قد أرشدت كثيرين، وشدّدت أيادى مرتخية، وقد أقام كلامك العاثر، وثبّت الركب المرتعشة» (أيوب 4: 3-4). فى السياق نفسه، يقول الواعظ سبرجون، لكل مَنْ يداه مسترخية، ورجلاه مرتعشة، «استخدم يداك: أطعم الجائع، اسقِ العطشان، اكسِ العريان. واستخدم رجلاك: زُرْ المريض، اذهب إلى المسجون». 
يصوّر الكتاب المقدس، اختبار الإيمان الحقيقي، على أنه يمنح القوة للرجلين واليدين: للسجود والصلاة، والسير مع الله، ومساعدة الضعفاء والخائفين. يخبرنا النبى إشعياء، أن الله «يعطى المعيى قدرة. ولعديم القوة، يكثر شدة. الغلمان يعيون ويتعبون. والفتيان يتعثرون تعثرا. وأما منتظرو الرب، فيجدون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون». (أشعياء 40: 29-31). أما النبى حبقوق، فإنه بالرغم من الأسئلة الكثيرة والشائكة التى يسأل الله عنها فى سفره، لا سيما حول وجود: الألم، والظلم، والأزمات الاقتصادية فى العالم، التى تسبّب للناس، مؤمنين وغير مؤمنين، الوهن والضعف والإحباط. فإنه يكتفى بحضور الله معه مهما كانت الصعوبات، ويعّبر عن ذلك باستخدام تشبيه تشديد الله لقدميه، ومنحهم قوة كبيرة لتشابه قدميّ الأيائل المعروفة، بقدرتها على السير وتسلق المرتفعات، فيقول: «مع أنه لا يزهر التين، ولا يكون حمل فى الكروم. يكذب عمل الزينونة، والحقول لا تصنع طعامًا. ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر فى المذود. فإنى أبتهج بالرب، وأفرح بإله خلاصي. الرب السيّد قوّتي، ويجعل قدماى كالأيائل، ويمشينى على مرتفعاتي» (حبقوق 3: 17-19).