الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الدكتور الأنبا يوحنا قلتة يكتب: حدث الدير

الأنبا يوحنا قلتة
الأنبا يوحنا قلتة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
1- أجمل ما فى الإيمان المسيحي، الإيمان بشخص يسوع المسيح، نور العالم، الحق الذى يحرر الإنسان، الله الكلمة الذى تجلى لنا إنسانًا سويًا، إنسانيته فى أخلاقه، وتعاليمه وسيرة حياته الدليل الأعظم على لاهوته وقداسته، كل إنسان له خطاياه ونقائصه إلا المسيح الإنسان وهو القائل من منكم يثبت على خطيئة (يو 8: 46) وشهادة بيلاطس: أنى لا أجد علة فى هذا الرجل «المسيح» (لو 23: 4)، ولم يتجاسر مؤرخ واحد مسيحى أو غير مسيحى أن يلصق بالمسيح خطيئة أو نقصًا أنه كلمة الله وجوهره وضياء مجده.
2- من لم يصدمه حدث الدير؟ دماء على الثوب الرهباني، الدير فى تاريخ المسيحية هو الفردوس على الأرض، بشر من رجال ونساء اختاروا طريق الكمال، التجرد والزهد والنقاء، قالوا مع بولس الرسول «استغنيت بالمسيح عن العالم» (فيلبى 1: 23)، ولكن هذا الفردوس جزء من الأرض، فيه بشر، مجربون، يحملون سمات ضعف الإنسان، ليس منهم واحد أو واحدة، معصوم من الخطيئة، فالواقف يقول بولس «فليحذر أن يسقط» (1 كور 10: 12) فلا عجب أن تحدث جريمة، أو إثم كبير، أو تعلق باطل، أو سقوط فى شهوة، فالإنسان هو الإنسان فى كل زمان ومكان، لكن العقل الجماعى المسيحي، والوجدان الإنسانى العالمى يرفضان سقوط راهب فى خطيئة، لست أدرى لماذا؟ ألا زلنا نقدس الأشخاص، كلمة المسيح لا تزال متوهجة: لا صالح إلا الله، وبكل تواضع نقول: ارحمنا يا الله كعظيم رحمتك.
3- رسالة دم الشهيد الأنبا إبيفانيوس الذى سال على تراب دير القديس مقار فى وادى النطرون، رسالة إلى العالم وإلى الكنيسة، أما إلى العالم تقول الرسالة: لا تحزن ولا تبتئس أيها المسيحى ولا تشمت أيها الملحد، فداود النبى العظيم سقط فى أعظم الخطايا، وسليمان النبى الحكيم مال قلبه وبنى معابد وثنية لزوجاته، ويهوذا تلميذ المسيح باعه ثم انتحر، وعلى مر التاريخ نقرأ عن ضعف الإنسان راهبًا أو غير راهب، راسبوتين الراهب الروسى ما أبشع ما يحكيه التاريخ عنه والحكايات طويلة متعددة عن اختراق إبليس اللعين بعض النفوس الضعيفة، وفى مواجهة ذلك، انظر أيها العالم إلى القديسين فى كل مكان، اقرأ عن فرنسيس الأسيزي، عن أنطونيوس القبطي، عن الأب بيو الإيطالي، عن الأنبا إبرام حبيب الفقراء، فإن لم يحارب الشيطان المسيحية فمن يحارب إذن؟
4- أما الرسالة إلى الكنيسة فتؤكدها نداءات البابا فرنسيس للعودة إلى الإيمان المسيحى النقي، وصرخات المصلحين، عودوا أيها الكهنة والرهبان والراهبات إلى ينابيع الإيمان، إلى عمق الحياة المسيحية، لا تنسوا أنكم اخترتم طريق الفضيلة والفداء والعطاء، وكما قال أحد لاهوتى عصرنا: إن مشكلة الإيمان فى العالم اليوم هى مشكلة رجال الدين وليست مشكلة المؤمنين.
إن دموع البابا تواضروس وهو يصلى على الجثمان رسالة صامتة لكل كاهن وراهب وراهبة، أن الامتلاء بمحبة المسيح أسمى بكثير من كل متع الدنيا، إن حزن الكنيسة القبطية هو حزن جميع الكنائس؛ لأنها ليست كما يقال كنيسة الشهداء بل الكنيسة القبطية هى شهيدة الكنائس.