الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

"عفاف عبدالمعطى" في حوارها لـ "البوابة": نجيب محفوظ فنان يجمع بين شمولية الرؤية والحس المرهف.. على منتقديه التعلم من إخلاصه للكتابة الروائية

الدكتورة عفاف عبدالمعطى
الدكتورة عفاف عبدالمعطى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدكتورة عفاف عبد المعطى ناقدة ومترجمة، نالت درجة الدكتوراه فى الأدب الأمريكى المقارن من جامعة القاهرة، كما أنها تناولت الكثير من كتابات أديب نوبل فى العديد من الدراسات والأبحاث.
وفى حوارها مع «البوابة»، كشفت الدكتورة عفاف عبد المعطى فى ذكرى رحيل الأديب الكبير نجيب محفوظ الذى يوافق 30 أغسطس، كشفت العديد من أسراره وحكاياته، إلى جانب كيفية تناول الغرب قصة وسيرة الأديب الراحل.. وإلى نص الحوار:


■ كيف تعرف القارئ الغربى على أدب محفوظ؟
- مع بداية عام ١٩٧٠ نشرت جريدة «دى تسايت» أهم صحف ألمانيا الغربية وأوسعها انتشارًا، دراسة جادة عن الأديب الكبير نجيب محفوظ، كما قدمت الجريدة قصته القصيرة «عنبر لولو» كنموذج فريد لأدبه الواقعي، وقد احتلت الدراسة والقصة أربع صفحات كاملة، وكانت هذه هى المرة الأولى التي يحتل فيها كاتب مصرى بل عربى هذه المساحة الكبيرة فى صحف ألمانيا الغربية، كما قرر كاتب المقال أن نجيب محفوظ قد نال شهرة عظيمة ومكانة فريدة فى قلوب القراء العرب، ويعتبر نجيب محفوظ مصدرًا من المصادر الرئيسية لدراسة مصر وفهمها خلال هذه المرحلة وتعبيرا عن مشاكلها الاجتماعية والنفسية».
■ هل ترين أن هناك سرا جاذبا فى أدب نجيب محفوظ؟ ولماذا يعتبرونه أكبر الروائيين العرب رغم وجود مواهب روائية؟
- سر انتشار أدب نجيب محفوظ، أنه فنان ذو عقلية روائية صحيحة وأصيلة يجمع بين شمولية الرؤية والحس المرهف بالزمن، إلى جانب قدرته على المزج ما بين التاريخ الأسطوري واليوم الحاضر، القضايا الخالدة والمتطلبات المعاصرة، يتكلم عن الأمور الشاغلة لبال الإنسان منذ قدم الزمان ولكنه يتكلم عنها من موقف إنسان عصرنا الذى يحس نبض العصر ويعبر عما يقلق الناس فى بلده، وقد اتضحت عقلية نجيب محفوظ الروائية فى رواياته الثلاثة الأولى من المرحلة المسماة بـ «الفرعونية»، حيث استخلص من الأساطير القديمة المعنى العصرى وطرح الأسئلة التي شغلت بال المصريين فى أعوام الثلاثينيات، وهى أسئلة عن طبيعة النظام الملكى والعلاقة بين الملك والشعب.
■ وكيف ترين وصف محفوظ بالـ«جبان» من جانب إحدى الناقدات الكبيرات خلال الأيام الماضية؟
رواية مثل ثرثرة فوق النيل مثلًا تنتقد بشدة تجربة الحكم الناصري، وقد صدرت فى الستينيات أثناء هذا الحكم، فكيف يكون محفوظ جبانا حتى فى الكتابة الإبداعية؟!
■ وماذا عن مذكرات «دينيس جونسون ديفيز» التى تحدث فيها عن كيفية ترجمة نصوص محفوظ؟
- قدّم محفوظ مذكرات دينيس جونسون التى صدرت عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية ٢٠٠٦ ذاكرا أنه من دواعي سرور الكاتب أن تكون نصوصه مترجمة، وعليه تُقرأ داخل الوطن وخارجه، وإنه لشيء يستحق التقدير أننى تعرفت على دينيس جونسون ديفيز منذ ١٩٤٥ وأعجبت به منذئذ وهو أول من ترجم نصوصي، لذلك فأنا مدين له بدين استثنائي، فضلا عن امتناني. لقد فعل –حقا- أكثر مما فعله أى مترجم فى ترجمة السرد العربى الحديث للإنجليزية، وكذلك المساعدة فى إخراج الترجمة إلى الواقع.
إن أهم ما فى مذكرات دينيس ما يخص واقعة حصول محفوظ على نوبل والموثقة داخل المذكرات، وكذلك ما فعله محفوظ إبان تحريض الأزهر على مصادرة رواية أولاد حارتنا ومنع نشرها مسلسلة فى جريدة الأهرام عام ١٩٥٩، حيث حرصت زوجة السفير السويدى فى تونس على لقاء دينيس وهى فى القاهرة وبادرته بأن لجنة جائزة نوبل تتطلع إلى إمكانية منح جائزة نوبل إلى كاتب عربى وأنها اقتنت قائمة بأسماء الكُتّاب المرشحين متضمنة الشاعر أدونيس وكاتب القصة القصيرة المصرى يوسف إدريس والكاتب السودانى الطيب صالح ونجيب محفوظ.
سألته أولا: هل هناك كاتب عربى آخر يستحق الترشيح وقد تجاوزته القائمة؟ ثم تناقشا طويلا عن المميزات الكثيرة لكل هؤلاء المرشحين المحتملين.
الجزء الثالث المهم فى مذكرات دينيس متعلق برواية «أولاد حارتنا» عندما كانت تنشر مسلسلة  فى جريدة الأهرام، وقد قوبل ذلك بإلحاح على الجريدة كى توقف نشر بقية الرواية لأن السلطة الدينية –آنذاك – ادّعت تضمُّنها ما يحضُّ على الكُفر.
■ وكيف يرى المترجمون فى الغرب محفوظ؟ وكيف تمّت قراءته فى أوروبا وأمريكا؟
- سوف أذكر بعضا مما ظهر فى «سلسلة تاريخ كمبردج الأدب العربى» على لسان المستشرقين والمترجمين والنقاد الغربيين أنفسهم.
أولا فإن المستشرق الألمانى مارت بن:«..أنتم تعرفون نجيب محفوظ.. هذه حقيقة؛ ولكن لا تعرفون أدب نجيب محفوظ وعمقه وهذه حقيقة أيضًا..».
ثانيا المستشرق الفرنسى الأب جاك جومييه: «لثلاثية نجيب محفوظ خصائصها الفنية الكفيلة بإثارة انتباه القارئ الأجنبى لا القارئ العربى فقط، وإحدى سمات العالمية فيها أنها تحمل قيمًا إنسانية عامة».
ثالثا المستشرقة السوفيتية فاليريا كيربيتشنكو: «سر جاذبية أدب نجيب محفوظ تحدى الادعاءات التى قالت إنه انتهى فى الفترة من ١٩٦٧-١٩٧٥ فخرج محفوظ من مرحلته السوداء برائعة جديدة هى ملحمة الحرافيش».
كما إننى أدعو كل كاتب أو باحث يقوم بالهجوم على محفوظ وهم كثيرون فى كل البلدان العربية أن يقرأوا محفوظ جيدا ويتبصروا فلسفته فى الكتابة وأن يتمثلوا فى إخلاصه للكتابة الروائية دون الانشغال بالحط من شأنه أو شأن أى كاتب.