الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ثلاث صفعات لإيران في يوم واحد

مايك بومبيو
مايك بومبيو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تهنأ طهران باجتماع فيينا، الذي كانت تعول عليه كثيرا لإجهاض العقوبات الأمريكية ضدها، إذ أعلنت مجموعة "سي إم آ سي جي إم" الفرنسية، ثالث أكبر شركات الشحن النفطي على مستوى العالم، السبت الموافق 7 يوليو، اعتزامها الانسحاب من السوق الإيراني.
وجاءت مفاجأة "سي إم آ سي جي إم" بعد ساعات من حصول طهران على وعود خلال اجتماع فيينا بتشجيع الشركات الأوروبية للبقاء في إيران. 
وبالتزامن مع المفاجأة السابقة، خرج وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بتغريدة نارية كشف فيها الأنشطة الإرهابية، التي ارتكبتها إيران في أوروبا، في محاولة فيما يبدو لإحباط أي مكاسب، حصلت عليها هذه الدولة في اجتماع فيينا.
وسرعان ما تلقت إيران ثالث صفعة من نوعها في يوم واحد، بإعلان هولندا عن إبعاد دبلوماسيين إيرانيين اثنين من أراضيها، دون إبداء أسباب.
وفي التفاصيل، عقدت مجموعة "سي إم آ سي جي إم" الفرنسية، التي تدير ثالث أكبر أسطول للشحن النفطي بما يمثل 11% من السوق العالمية، مؤتمرا صحفيا في باريس السبت الموافق 7 يوليو، أعلنت خلاله أنها ستوقف نشاطها في إيران بعد العقوبات الأمريكية.
وأضافت المجموعة أنها ستنسحب من ايران، خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة عليها.
وجاءت الخطوة السابقة بعد إعلان المجموعة البحرية الدنماركية "اي بي مولر-ميرسك" الرائدة في سوق الشحن، أيضا في مايو الماضي، انسحابها من إيران. 
وبدوره، نشر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 7 يوليو أيضا تغريدة اتهمت النظام الإيراني بجلب المعاناة والموت إلى العالم وشعبه. 
وجاء في التغريدة "فقط في أوروبا، أسفرت اغتيالات وتفجيرات وهجمات أخرى إرهابية رعتها إيران، عن وفيات لا تحصى، نأمل أن يثير الأوروبيون ذلك مع الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال جولته الأوروبية، حان وقت مواجهة الحقائق حول النظام الإيراني الخبيث".
وألحق بومبيو بالتغريدة رابطا لتقرير نشره الموقع الإلكتروني للخارجية الأمريكية، عن نشاط إرهابي رعته طهران في أوروبا، بين عامي 1979 و2018، ونشاط مشابه رعاه حزب الله اللبناني بين عامي 1983 و2017. 
وتضمن تقرير الخارجية الإمريكية اتهامات لإيران باغتيال 4 ناشطين أكراد في برلين عام 1992، واغتيال رئيس الوزراء الإيراني السابق شاهبور بختيار في فرنسا عام 1991 ".
وبعد ساعات من تغريدة بومبيو، بث التليفزيون الرسمي الهولندي في 7 يوليو أن أمستردام أبعدت دبلوماسيين إيرانيين اثنين من أراضيها، فيما أدان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، الإجراء الهولندي، ووصفه بأنه غير بناء في العلاقات بين البلدين.
وجاءت الضربات المتلاحقة السابقة، بعد يوم من اجتماع وزراء خارجية إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، في فيينا في 6 يوليو، وذلك، للمرة الأولى منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في 8 مايو الماضي، ومطالبة واشنطن الدول الأخرى بقطع وارداتها من النفط الإيراني، بحلول الرابع من نوفمبر المقبل، إذا أرادت تفادي عقوبات ستفرضها الولايات المتحدة ابتداء من أغسطس القادم. 
وأصدرت إيران، والدول الخمس الموقعة على الاتفاق النووي عام 2015، بعد اجتماع فيينا، بيانا مشتركا تضمن 11 هدفا لتأمين حلول عملية لإبقاء تطبيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، بعد العقوبات الأمريكية، التي من المتوقع أن يبدأ تطبيقها في أغسطس 2018.
وبين هذه الأهداف تأييد حق طهران في مواصلة التصدير النفط والغاز، وإبقاء قنوات مالية فاعلة مع ايران، واستمرار التبادل معها بحرا وبرا وجوا، وحماية الاستثمارات بأراضيها. 
ونقلت "الحياة" اللندنية، عن مصادر في برلين قولها في 7 يوليو، إن الرئيس الإيراني حسن روحاني أبلغ المستشارة الألمانية أنجيلا مركل، في اتصال هاتفي، أن الحزمة التي اقترحها الأوروبيون لتعويض انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي لا تتضمن كل مطالب طهران. 
ويبدو أن الخناق يضيق بالفعل على إيران، وأن اجتماع فيينا، لن ينقذها من العقوبات الوشيكة ضدها، والتي وصفها المسئولون الأمريكيون، بأنها الأقسى في التاريخ.
ولعل تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في 5 يوليو، والتي قال فيها:"إذا لم تتمكن إيران من تصدير نفطها عبر مضيق هرمز بسبب ضغوط أمريكية، فلن يُسمح لأي دولة أخرى في المنطقة بذلك"، تكشف بوضوح أن إيران تعيش أوقاتا عصيبة للغاية، وأن الخيارات أمامها محدودة جدا، إن لم تكن منعدمة، بدليل أنها تهدد بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، وهذا آخر ما في جعبتها من أوراق للضغط.
وجاء الرد الأمريكي على تصريحات جعفري ليؤكد، أن الورقة الأخيرة بحوزة طهران لن تجدي نفعا، إذ نقلت "رويترز" عن المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية بيل أوربن، قوله ردا على تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز ومنع مرور شحنات النفط في المضيق:" إن البحرية الأمريكية مستعدة لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة".
وأضاف المتحدث العسكري الأمريكي "الولايات المتحدة وشركاؤها يوفرون ويعززون الأمن والاستقرار في المنطقة، ومستعدون معا لضمان حرية الملاحة وحركة التجارة حيثما يسمح القانون الدولي".
ولعل إلقاء نظرة على الاتفاق النووي، يكشف أيضا أن إيران لن تفلت من تداعيات إلغائه، مهما فعلت، لأنه وفقا للاتفاق الموقع 2015، وافقت طهران على الحد من أنشطتها النووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، لكن إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق يعني عودة واشنطن لتشديد العقوبات على إيران.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان في 9 مايو الماضي، إن الأمر يستغرق فترة 90 و180 يوما قبل استئناف عقوبات متنوعة على إيران، ويحل الموعد الأول لإعادة العقوبات في 6 أغسطس المقبل، ويشهد تفعيل عقوبات تؤثر على قدرة إيران على شراء الدولار الأمريكي، والتجارة في الذهب وغيره من المعادن، بجانب قيود على الطيران وصناعة السيارات.
أما الموعد الثاني، فيأتي في 4 نوفمبر، ويتضمن إجراءات تتعلق بالمؤسسات المالية والنفطية الإيرانية، وفي نهاية الفترة المحددة بـ 180 يوما، تُفعل العقوبات على الأفراد الذين كانوا على قائمة عقوبات الخزانة الأمريكية قبل الاتفاق النووي.
وإيران من أكبر منتجي النفط في العالم، إذ تصل قيمة صادراتها من النفط والغاز مليارات الدولارات سنويا، ورغم أن الولايات المتحدة ليست من مستودري النفط الإيراني، ستتعرض شركات ودول أخرى من أصحاب التعاملات النفطية مع إيران للعقوبات الأمريكية حال رفضها أو فشلها في إنهاء تعاملاتها مع إيران.
وستطال العقوبات شركات النفط الأوروبية على وجه الخصوص، حيث وقعت شركة توتال الفرنسية عقدا بقيمة خمسة مليارات دولار مع إيران بعد الاتفاق النووي، ويوجد أيضا لشركة "بريتش بتروليم" البريطانية شراكة مع الشركة الحكومية الإيرانية للتنقيب في حقل روم الإيراني للغاز.
ورغم محاولات إيران المستميتة إقناع الشركات الأوروبية بعدم مغادرة السوق الإيراني، إلا أنها فشلت في ذلك، فيما يضيق الخناق على نظام الملالي، بدليل الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ 25 يونيو الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية.