السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب هانى باخوم يكتب.. وأنت سينفذ سيف في نفسك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى شهر مايو من كل عام تحتفل الكنيسة بالشهر المريمى، وهو شهر مخصص للعذراء مريم. وهنا نستعرض كلمات قيلت لها: وأنتِ سينفذ سيف فى نفسِكِ (لو 2: 35). كم هى قاسية تلك الكلمات التى يقولها النبى سمعان لمريم العذراء. ها هى مع خطيبها يقدما الصبى يسوع للرب، كما أوصت الشريعة: فكل بكر ذكر يُنذر للرب (لو 2: 22). فتجد النبى يقول لها هذه الكلمات: وأنتِ سينفذ سيف فى نفسِكِ.
هناك تفسيرات عديدة: فمن رأى فيها نبوة لآلام مريم وأوجاعها عندما سترى شعبها متحدًا على قتل ابنها. فأهلها هم الذين سيحرمونها من ابنها. 
من رأى فى هذه الكلمات نبوة عن آلام مريم عندما سيضيع ابنها، وهو طفل صغير. عندما ستراه متألمًا، مجلودًا، عريانًا ومساقًا للموت، كحمل مساق للذبح. 
من يرى فى هذه الكلمات صراع مريم الداخلى. فعندما بشرها الملاك، بشرها بطفل سيولد بقوة من الروح القدس، ابن العلى، سيملك على عرش إسرائيل الى الأبد، ولن يكون لملكه نهاية. وها هى ترى ابن العلى يحتضر ويموت، كفاعل شر وإثم. فأين الوعد.. أين أنت أيها الملاك.. هل كان وهمًا.. هل كان حلمًا.. أم نسى الرب وعده؟
وهنا نتذكر وصية الرب الأولى للشعب: «ستحب الرب إلهك من قل قلبك، وكل قوتك، وكل نفسك». والنفس هى رمز للحياة، وحياة الأم فى حياة ابنها. وموت الابن، هو موت مضاعف للأم. الذى من أجله تحيا، يموت. فتموت معه قبل أن تموت، بل تموت وتبقى منتظرة الموت، وترغبه، وتتمناه. هذا هو الطبيعى. أما مريم فأحبت الرب من كل قلبها، من كل قوتها، من كل نفسها. هل كانت تفهم ما يحدث؟ لا أعلم، لكن أعلم أنها شاركت ابنها إلى النهاية، وبقت معه تحت الصليب تساعده فى عمل مشيئة أبيه. هذا هو الصراع، هذا هو السيف الذى يخترقها، تموت، ولا تتمرد، ما زالت تثق وتحفظ كلمات الرب، ما زالت تحفظ وعد الملاك، مع أنها ترى نهاية الوعد بشريا. سيف يخترقها، بموت ابنها، وكلمات محفوظة فى القلب، تحى تلك النفس المخترقة. 
هذا السيف أيضًا تنبأ عنه حزقيال (14: 17): عقاب الرب للخطاة، ومنه ينجو فقط البار. ولكن هنا الأمر مختلف. السيف يخترق مريم، مع أنها لم تطلب موت المسيح، السيف كان يجب أن يخترق الشعب، الذى قتل صانع الحياة. 
ماذا يحدث؟ هل اختلط الأمر على الرب؟ لا. الرب يرى أكثر مما نراه، يرى بعين الأب. يسعى لجمع كل الأبناء. فها هو يضحى بابنه من أجل حبه لباقى الأبناء. وبهذا، ولأن فقط هذا الحب يحيا ويقوم، يجد الابن مع أبناء آخرين. 
ماذا يحدث هنا؟ ابن يطيع. لا يعتبر مساواته للأب غنيمة، كى يحتفظ بها لنفسه، بل يتنازل ويتجسد، ويموت، من أجل أن يشارك طبيعته مع آخرين. فيرجع لأبيه مع إخوة كثيرين. 
ماذا يحدث هنا؟ أم ترى ابنها يموت، تستقبل سيف لم يكن لها، تأخذه على نفسها. تترك ابنها يموت، لا تحفظه لها. فيرجع إليها مع كل من تلقوا تلك الطبيعة الإلهية بفضل موته وقيامته. تتحقق النبوة: خلاص الإنسان. خلاصى وخلاصك.
مريم صورة الكنيسة، صورة لكل مسيحى، والذى هو مدعو أن يأخذ على نفسه سيف، قد يكون لا يستحقه. فلنأخذه لأننا لن نموت، فهناك على الصليب مات المسيح كى لا نموت نحن. مريم لن تمت بسبب هذا السيف. لأن هناك من مات عنا كلنا. فلنأخذ هذا السيف كى نشارك الرب فى خلاص هذا الجيل. فنحيا ولكن ليس وحيدين بعد، لكن مع أخوة آخرين.