الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

على خطى المريمات.. "ماما ماجي" زيارة عابرة لحى الزبالين قبل 3 عقود غيّرت مجرى حياتها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"مريمات باكيات.. بكينا على الحبيب المات بالصليب" هكذا تنشد الكنائس فى عيد القيامة، متغنية بما فعلنه المريمات من خدمة المسيح، ولآخر لحظة وبعد انتهاء الصلب، ذهبن لتطييب جسد السيد المسيح. فالمريمات.. شاهدات على قيامة السيد المسيح من الأموات، بحسب العقيدة المسيحية.

ففى فجر الأحد، ذهبن إلى القبر ليطيبن جسد السيد المسيح، ولكن القبر الفارغ أثار ذعرهن وقلقهن، وظهر لهن ملاك وقال: «لماذا تطلبن الحى من بين الأموات ليس هو ههنا.. ولكنه قد قام كما قال»، وبذلك أصبحن هن أول من احتفلوا بعيد القيامة، وهن ثلاثة نساء جمع بينهن اسم «مريم» تغيرت حياتهن بعد أن التقين بالسيد المسيح.

أولهن: «مريم المجدلية»، وذكر الأنجيل أنه كان بها سبعة شياطين، وخدمت المسيح وتلاميذه مع بقية النساء التقيات من أموالهن، وكانت أول من ظهر لها المسيح بعد قيامته وأمرها أن تبشر التلاميذ بقيامته.

و«مريم أخت لعازر»، بكت فى حزن عند قدمى المسيح، عندما مات لعازر، وحينئذ بكى يسوع، ومريم زوجة كلوبا أخت العذراء القديسة مريم، وهى لم تفارق أختها العذراء فى أحزانها ووقفت بجوارها عند الصليب، ومريم أم مرقس الذى كان أحد تلاميذ المسيح الاثنى عشر.

وأخيرًا «العذراء القديسة مريم»، وقال الكتاب المقدس عنها: «هو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى».

قصص حب وعطاء «المريمات» لم تنتهى بانتهاء قصة المسيح، وإنما امتلات الكنيسة والمجتمع على مدار القرون، بقصص لنساء كن نماذج للبشارة بالفرح والسلام والتقدم.

فالكتاب المقدس يتحدث عن «فيبى الشماسة»، وعن «أستير» اللتين خدمتا الكنيسة والمجتمع كنماذج مضيئة تنير الطريق لغيرهن من النساء اللواتى اخترن أن يكن متميزات ومختلفات بما لديهن من طاقة حب وعطاء. كما يوجد بالكتاب المقدس نماذج لنساء لم يستثمرن عطايا الله بهن، مثل «دليلة» التى كانت واحدة من أشرّ نساء الكتاب المقدس، لقد استخدمت جمالها وحذقها فى الشهوة، لتدمر حياة رجل، يقابلها نساء أصبحن لاهوتياتٍ، راهبات، صوفيات، وطبيبات، ونساء أسسن جماعات دينية أو قادة عسكريين وملكات وشهيدات.

واليوم.. مازالت المريمات شاهدات على عيد القيامة، «سيدات» أنكرن نفوسهن لمساعدة آخرين.. «ماما ماجى» تلك السيدة التى تخلت عن ترف العالم، وأزياء باريس والوظيفة المرموقة بالجامعة الأمريكية، لتخطفها زيارة عابرة لحى الزبالين قبل 3 عقود لتغير مجرى حياتها، فكرست أيامها لحلم الأطفال وإعلاء مبادئ الإنسانية، أسست 92 مركزًا للرعاية والتعليم لـ18 ألف طفل وعلاج 40 ألف حالة سنويًا، كرمها الرئيس السيسى فى يوم المرأة المصرية.. فازت من بين 65 ألف مشترك بجائزة صناع الأمل فى الإمارات.

 

ماما ماجي.. صانعة الأمل

زيارة عابرة لحى الزبالين قبل 3 عقود غيّرت مجرى حياتها

أسست 92 مركزًا للرعاية والتعليم لـ18 ألف طفل .. وعلاج 40 ألف حالة سنويًا

كرمها السيسى فى يوم المرأة المصرية.. وفازت بين 65 ألف مشترك بجائزة صناع الأمل

غسل أرجل الأطفال.. والأحذية الجديدة طقوس العيد

 

الفى حفل تكريم الأم المصرية على مستوى الجمهورية من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مارس الماضي، بمناسبة أعياد المرأة، وبجانب أمهات الشهداء من أبناء القوات المسلحة أو الشرطة، ظهرت عدة أسماء لسيدات وأمهات لكل منهن مميزات فى مجال عملهن التعليمى أو الخيري، ومع بدء توزيع جوائز التكريم فى هذا اليوم ظهر اسم السيدة «ماجدة جبران جورجي» والشهيرة بـ«ماما ماجي»، والتى فازت خلال عام المرأة المصرية بجائزة «صناع الأمل». وهى أيضًا المصرية الوحيدة الفائزة بنفس المبادرة فى دولة الإمارات فى العام الماضي، والتى أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، حيث فازت «ماما ماجي» من بين 65 ألف مشارك من 22 دولة، بالجائزة فى المبادرة الكبرى من نوعها عربيًا لتكريم أصحاب العطاء فى العالم العربي.

«الأم ماجي»

«ماجدة جبران»، قبطية فى الثامنة والستين من عمرها، تعمل على المناطق الفقيرة منذ أكثر من ثلاثة عقود وعادة ما تقارن بـ«الأم تيريزا». تنتمى «جبران» إلى عائلة من طبقة راقية. سبق أن عملت مديرة تسويق وأستاذة فى علم الحاسوب فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة. درّست فى الجامعة الأمريكية لمدة 12 سنة، وأحبّت عملها وطلابها الذين اعتبرتهم بمثابة أولادها، كما أنها تضيف: «أحببت جدًا الذوق الرفيع وكنت أسافر كل عام لأبحث عن أحدث موضة للأزياء وأحب شراء أجمل الأشياء. وكنت سعيدة بما أفعله وأستمتع أيضًا بالسفر إلى فرنسا وإيطاليا لمشاهدة الأعمال الفنية الجميلة للفنانين العظماء مثل مايكل أنجلو الذى كان يمسك الحجر ويرى الجمال الذى بداخله، كل حجر جماله مخف بداخله وليس فقط ما نراه بأعيننا». إلا أن حياتها انقلبت رأسًا على عقب سنة 1985 عندما زارت العائلات فى المناطق الفقيرة. وهنا تقول: «لم أصدق ما رأيت من فقر وبؤس وشعرت بألم عميق فى داخلي. فى هذه الفترة أيضًا، فقدت عمتى التى كانت بمثابة أمى الروحية وكانت تساعد الفقراء. وتساءلت: من سيرعى هؤلاء بعد انتقال عمتى من هذا العالم؟ بدأت أنشغل أكثر بالفقراء وأزورهم بصفة دورية. وشعرت بأننى قضيت عمرى أستقبل الحب والاهتمام والتعليم والرعاية ممن حولي، وجاء الآن دَورى لكى أعطى الحب والاهتماما لمن يحتاج لهم».

غسل أرجل الأطفال

احتقالًا بعيد القيامة المجيد قامت «ماما ماجي» بغسل أرجل الأطفال فى المنطقة، وألبستهم أحذية فى أرجلهم. وقامت بأعمال النظافة أمام الجميع، لتعليم الأطفال المحافظة على بيئتهم ومدرستهم وأى مكان وُجدوا به.

وافتتحت منظمة «أطفال ستيفين» أول مدرسة لها للأطفال الأكبر سنا فى عام 2012 فى منطقة الخصوص، شمال القاهرة. وأطلقت عليها اسم «مدرسة فرح» لخدمة الأطفال الفقراء فى أحد أكثر المناطق المكتظة بالسكان وأحد أقدم الأحياء الفقيرة.

مؤخرًا زارت «ماما ماجي» المدرسة والتقت بالأطفال واحتفلت معهم ومع أطفال المنطقة إحدى المناطق التى تقدم فيها مؤسسة «ستيفن» الخدمات لكثير من الأسر والأطفال بالمنطقة. كما زارت المشغل وفيه يتم تعليم الفتيات المتسربات من التعليم. بعض الحرف مثل الخياطة والتريكو وغيرها من الأشغال اليدوية، وتفقدت الورش التى تقوم بتعليم الفتيان صناعة الأحذية وبعض المهن البدوية.

خدمة الفقراء

ترشحت لجائزة نوبل عدة مرات، ودائمًا ما تؤكد أن «قيمة الإنسان لا تضاهيها أى قيمة أخرى».. هذا هو المبدأ الذى تؤمن به ماجدة جبران، المبدأ الذى ترجمته إلى فعل يومي، حينما قررت تكريس حياتها قبل نحو ثلاثة عقود لخدمة فقراء بلدها وشبابها.. يبدأ مشوار «ماما ماجي» بزيارة كان من المفترض لها أنها عابرة، قامت بها إلى حى الزبالين بمنشأة ناصر بمحافظة القاهرة، فما رأت من بؤس يعيشه الناس هناك، يمسّ الأطفال تحديدًا، الذين يفتقدون إلى أبسط مقومات العيش الكريم. عندها قررت أن تفعل شيئًا لمساعدة هؤلاء المهمَّشين. فتخلت عن حياتها، التى لم تعرف فيها معنى الفقر أو الحاجة، وتركت وظيفتها كأستاذة فى الجامعة الأمريكية، ووجهت أنظارها صوب مآسى أبنائها وأشقائها فى الإنسانية. تكررت زياراتها إلى حى الزبالين، وفى كل مرة كانت تلتقى عددًا كبيرًا من سكان الحي، تستمع لهم ولاحتياجاتهم، تجلب لهم بعض المؤن الأساسية، وتوزع على الصغار الهدايا، حتى باتت «ماما ماجي» وجهًا مألوفًا ينتظره الكبير قبل الصغير بشوق، واجدين فى حنانها وعطفها وابتسامتها الدائمة ملاذًا ونجدة، والأكثر من هذا وذاك أن ماما ماجى تُعزز لديهم إحساسهم بإنسانيتهم وكرامتهم وأحقيتهم فى الحياة كما تليق بأى فرد.

مؤسسة خيرية

فى العام 1985، أسست ماجدة جبران مؤسسة «ستيفن تشيلدرن» الخيرية، التى تقوم رسالتها على المساهمة فى إنقاذ الحياة وصنع الأمل وحفظ الكرامة البشرية للأطفال والشباب الفقراء والأقل حظًا، وتوفير التعليم والتدريب لهم بالإضافة إلى مساعدة أسرهم لتحسين وضعهم المعيشي. وخلال السنوات الماضية، أصبحت الجمعية جزءًا من المشهد الإنسانى اللافت فى مصر، وسرعان ما امتد نشاطها ليشمل عشرات الأحياء الفقيرة، من خلال العديد من الحملات والمبادرات الإنسانية والمجتمعية والتعليمية والتدريبية، التى استفاد منها الآلاف من الأسر والأطفال.

حتى اليوم أسست «ماما ماجي» من خلال جمعيتها 92 مركزًا توفر الرعاية والتعليم لأكثر من 19 ألف طفل، كما تسهم جمعيتها فى توفير العلاج لأكثر من 40 ألف حالة مرضية سنويًا، إلى جانب القيام بزيارات تفقدية لأكثر من 13 ألف طفل يقوم فيها المتطوعون فى الجمعية بتقديم الإرشاد النفسى والتدريب لهم. كذلك، أسست الجمعية ثلاثة مراكز للتدريب المهنى للأطفال والفتيان، كما توفر دورات تدريبية للأمهات لمساعدتهن فى تحسين وضع أسرهن. وبالمجمل، يستفيد من خدمات جمعية «ستيفن تشيلدرن» اليوم نحو 33 ألف طفل، ضمن نشاط الجمعية المتزايد، الذى يسهم فيه نحو ألفى متطوع يعملون فيها.

أجيال ستكمل المسيرة

تقول ماما ماجي: «إن الأجيال التى ربتها سيكملون هم المسيرة عندما يكبرون وسينشرون ثقافة ومبادئ أن الإنسان أغلى شيء فى الوجود، وكل إنسان لديه حلم وعندما نلتزم لا بد من النجاح، والالتزام من أعمدة النجاح الأساسية وإذا كان الطفل لا يعرف الحلم فكيف سيعرف هدفه فى الحياة؟ نفسى أن كل طفل يحلم ويكون له هدف فى الحياة والناس حوله تعطى له الفرصة للنجاح».

زواج الفتيات

وتأكيدًا على مبدئها بأن «الإنسان هو أهم شيء بالوجود» تقول «ماما ماجي» إن ما تقدمه هدفه الأساسى هو تقديره والعمل على عودته إنسانا منصفا للحق والخير والجمال عائدا بالنفع على المجتمع كافة.

خدمت «ماما ماجي» العديد من الفتيات منذ طفولتهن وحتى الزواج والإنجاب، والأمهات التى ساعدتهن «ماما ماجي» ما زلن حريصات على إلحاق أبنائهن بمدارسها كى يتعلموا القيم ذاتها التى تعلموها.

خدمة «ماما ماجي» موجهة أيضا للمتسربين من التعليم سواء لأسباب صحية أو مادية أو اجتماعية، حيث يتم تخصيص ورشة للأولاد لإتقان حرفة تصنيع الأحذية أما البنات فلهن ورشة خاصة لإتقان حرفة الخياطة والتريكو، بهدف تعليمهن حرفة يحصلن خلالها على عائد مادى ويفدن مجتمعهن، ويتم توزيع المنتجات على المحتاجين.

تكريم الرئيس

وعن تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي، قالت ماما ماجي: جاءتنى واحدة ممن يعملن برئاسة الجمهورية وقالت لي: «يا ماما أنا عاوزة أشكرك علشان ولادى اتعلموا عندكم فى مدرسة فرح، والأولاد عندكم متميزون جدًا ولديهم أخلاقيات حلوة جدًا ونفسى العالم كله يعرف تأثير المدرسة على الأطفال الذين يحبون مدرستهم عكس مدارس أخرى يهرب منها تلاميذها» قلت لها «فينكم تفرحوا كلكم». وتكريم الرئيس السيسى لي: «هو شكر لكل اللى تعبوا فى هذه المدرسة وشعور حلو جدًا ومليء بالعرفان والامتنان لأنه تكريم لكل إنسان يعطى فرصة للخير اللى داخله أن يكبر ويقدمه للآخرين، وهو تكريم حقيقى للبشرية كلها، أننا نحترم البشر وإنسانيتهم وكل شخص يعانى سواء أكان طفلا جوعانا أو شابا ضاع حلمه أو مُسنا لا يسأل عنه أحد، كل شخص من هؤلاء له تكريم. نفسنا نقول لكل واحد منهم هناك من يشعر بك ويحترمك ويقدرك بس ارفع عينيك لفوق وقول يارب».

تبرعت بجزء من جائزة «دبي»

وعندما فازت ماما ماجى بجائزة «صناع الأمل» بالإمارات فى مايو 2017، أعلنت تخصيص جزء من مبلغ الجائزة، لتوزيعه على أكثر من جهة، ستساعد بعضًا من المترشحين للجائزة آنذاك والذين وصلوا ضمن الـ15 مرشحًا للتصفيات النهائية بالمبادرة، والذين يقومون بأعمال إنسانية رائعة، وأن إحدى هؤلاء المرشحات تقوم برعاية ومساعدة الأطفال حديثى الولادة الذين يولدون لأمهات سجناء، ولا يوجد من يرعاهم، بالإضافة إلى مرشحة أخرى تقوم بعمل أطراف صناعية للأشخاص ذوى الإعاقة.

وقامت «ماما ماجي» بإهداء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى إسورة أثناء تتويجها بالجائزة، وكشفت عن أن سر هذه الإسورة الزرقاء، مصنوعة من الجلد، وكانت أهدتها إليها إحدى الفتيات الصغيرات التى ترعاهن فى مشاريعها الخيرية، وهذه الإسورة تمثل لها الكثير من المعانى الجميلة، كونها تجسد معانى الطفولة البريئة، فضلًا عن إحساس صاحبتها بمدى ما تكنه فى نفسها من عرفان وشكر لما قُدم إليها من خدمات، أثّر إيجابًا على حياتها ومستقبلها، وبدوره أهداها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، «دبوس» كتذكار منه إليها، وعبرت عن سعادتها بهذه الهدية، كونها تأتى من شخصية عظيمة ذات قامة وقيمة على المستوى العربى والعالمى.