تميزت أعماله المسرحية بالمنعطف الواقعي، التي جعلته يتطرق إلى القضايا الواقعية التي عانى منها المجتمع الأوروبي، بالإضافة إلى القضايا الانسانية الخالدة التي تشغل الانسان عبر العصور منها قضية الحقيقة والفارق بين الحقيقة والواقع والنفاق الاجتماعي وغيرها من القضايا التي أثارها في أعماله، التي دعت إلى الاعتدال والوسطية ورفض التطرف، اتبع أسلوبا دراميا مميزا في مسرحه الذي عرف بالمنهج الانقلابي، حيث تبدأ المسرحية بموقف في الحاضر ثم تتوالى أحداث من الماضي في العودة لتنسج النهاية المأساوية لأبطال المسرحية، جعلته يلفب بـ "أبو المسرح الحديث"، انه الكاتب المسرحي النرويجي الكبير "هنريك إبسن"، الذي يحل ذكرى ميلاده اليوم الثلاثاء.
كتب "إبسن" أربع مسرحيات واقعـية تصور الحياة العادية في بلدة صغيرة معاصرة، وتكشف الأكاذيب التي تقوم عليها المجـتمعات، كان أولها "أعمدة المجـتمع" التي بدأت مرحلة تأليفه لما سمي "المسرحية المشكلة"، وأسس بها ما يسمى اليوم بـ"المسرحية الاجتماعية"، ثُم مسرحية "بيت الدمية" التي أثارت غضب المشاهدين فرموا الممثلين بالطماطم معتبرين المسرحية إهانة تمس بمكانة المرأة، وتهدد الطمأنينة العائلية و"الأشباح" و"عدو الشـعب"، وأعقب هؤلاء بمسرحيات " البطة البرية، روزمرشولم، سيدة البحر، هيدا جابلر، المهندس سولنس، أيولف الصـغير، جون جابرييل بوركمان، وحينما نسـتيقظ نحن الموتى".
مسرحيته "عدو الشعب" التي تدور أحداثها في بلدة ساحلية، جنوبي النرويج، حيث تتسم الصلات بين أفرادها بالرباط الأسري، وتتجسد الأواصر النفعية بين سكان هذه البلدة في شخوص بعينهم، كصاحب المدبغة، والمطبعة ورئيس تحرير جريدة "رسول الشعب" التي تصدر في البلدة وتشكل الرأي العام لسكانها، لإشكالية رئيسة هي الاستغلال وتضليل الرأي العام من أجل الحصول على ما يسمى بالحمامات السياحية، والعلاجية في هذه البلدة، ويتجلى في هذه الفكرة الاستغلالية إيثار المنفعة الشخصية على المنفعة العامة، والتحكم في مصادر الأموال، وزيادة نفوذ رجال الأحزاب، وإشكالية أخري فرعية يلفت الكاتب النظر إليها وهي مظاهر البزخ والترف التي تضر باقتصاديات البلاد، مما يهدد الطبقات الدنيا في هذه البلدة، وتسليط الضوء على مثل هذا النوع من القضايا طبيعة ميزت هذا الكاتب على مدار تاريخه الروائي.
