الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تجارة الأعراض على طريقة الإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أجرأ مضمون يطرق بصدق شديد مساحات المنطق والعقل فى محراب الرصيد الأدبى لأستاذى إحسان عبدالقدوس.. رصده فى رواية (النظارة السوداء) خطيئة الابتذال، يغوص المبدع إلى عمق أبعد وأخطر انطلاقا من امتهان الجسد والإغراق حتى الثمالة فى دوامة المُتع إلى ما قد يفوقه بشاعة.. حين تُعرض في سوق النخاسة القيم والمبادئ، المعلوم والمسكوت عنه مما كشفه أطراف فضيحة تقرير «هيئة الإذاعة البريطانية»، «زبيدة، والدتها، الزوج»، بكل ما قد يخفيه من ملابسات أخلاقية أو شخصية، يستحضر منهجا لم تحد عنه جماعة «البنا» منذ تأسيسها، إذ لم تنجح كل أقنعة التستر وراء الشعارات الدينية فى إخفاء وسائل الاستغلال والامتهان التى مارستها الجماعة فى حق المرأة، بمهارة تضاهى أى «تاجر» شاطر يعرف متى وكيف وأين يمارس مهنته الرخيصة.
قضية «زبيدة» وغيرها، تأتى فى سياق متناغم تماما مع الصفقة التى اختارت الجماعة عقدها مع المرأة، تحديدا ممن ينتمين إلى الشريحة البسيطة، والتى يسهل استغلالها وسلب عقولها، إذ تتولى الجماعة توفير الزوج، المسكن ورعاية الأطفال فى مختلف مراحل أعمارهم، قطعا هذا لا يحدث فى سبيل الخير ولا خدمة للمسلمين أو رفع راية الدين، فى المقابل تلتزم المرأة الإخوانية بكل أوامر الجماعة بلا جدال أو نقاش، تؤمر أن تنشر فى محيطها كل الشعارات المستترة بالدين، خدمة لأطماع ومصالح الجماعة، تؤمر بتصدر صفوف الرجال فى المظاهرات كنوع من الحماية لهم، تؤمر بنقل التكليفات داخل وخارج السجون، تؤمر بالدعاية الانتخابية وحشد النساء أثناء التصويت، بل تؤمر أيضا بنقل الأسلحة بين أفراد الجماعة، كلها نماذج تثبت أن المرأة ليست أكثر من سلعة.
استباحة استغلال المرأة لا تقتصر على عنصر المال عند المتاجرة بجسدها، الانحلال يكمن أيضا بقدر متساو فى المتاجرة بالظروف الاقتصادية والاجتماعية للنساء من شريحة بسطاء الحال والثقافة، كما ابتدعوا جريمة انتهاك الجسد بما يسمى «نكاح الجهاد»، حتى ممن لسن من «الأخوات» يتم تقديم إغراءات الدعم المالى فى صور مختلفة لهن للمشاركة فى الحشد والتظاهر، تاريخ وحاضر الجماعة يتضمن أسماء -محدودة جدا- لنساء شاركن عبر تأسيس جمعيات مختلفة فى ترويج مخططات الإخوان خلف ستار الدعوة، لكنها قطعا لا تقارن بالأعداد التى جندتها ضمن «بيزنس» استخدام المرأة بكل ما يحتمله معنى المتاجرة.
الجدير بالذكر أن الربط بين تاريخ استخدام الأنثى كجزء من المؤامرات والمخططات السياسية، والذى يسند البعض جذوره إلى اليهود، ضمن ما جاء ذكره فى الكتب المقدسة أو كتب التاريخ هناك «رحاب عاهرة أريحا» التى ساهمت فى تقويض دعائم ملك الكنعانيين.. و«استير» التى أقنعت ملك الفرس بالسماح لليهود بذبح عشرات الآلاف من الفرس وقتل وزيره بحجة أنه كان ينوى ذبح اليهود، إلى صاحبة أشهر رقصة «سالومى» التى طلبت ثمن المتعة من الملك «هيرودس» رأس يوحنا المعمدان أو النبى يحيى، وبين النمط الذى اختارته الجماعة للمرأة، يظهر التقارب فى جوهر الفكرة عند الطرفين رغم الاختلاف فى التفاصيل.
الأدهى أن طبيعة الاستغلال الإخوانى للمرأة لا يحدث فى سياق منحها دور أو مشاركة كما هو الحال فى مختلف التنظيمات السياسية، حين أنشأ حسن البنا ما أطلق عليه (دار التائبات) فى الإسماعيلية، للنساء اللاتى تركن العمل فى البغاء، كان بالإضافة إلى تعليمهن مهناً بسيطة أو تزويج البعض الآخر منهن، يضع أساس الخطوة الأولى فى إنشاء (قسم الأخوات) أو جيل من «جوارى» السمع والطاعة، دون امتلاك الحق فى فهم أو حتى مناقشة الأوامر التى يتم استغلالهن فى تنفيذها، الأكثر إثارة للدهشة حجم التناقض بين دعوة حسن البنا إلى إبعاد المرأة عن العمل السياسى، بل يسلبها حتى حق الترشح فى الانتخابات، لكن الممارسة الحقيقية تؤكد خضوع المرأة كسلعة يتم استهلاكها بكل السبل لخدمة مناهج ومخططات الإخوان السياسية.
أخيرا.. «زبيدة» وغيرها، هن مجرد حلقات فى سلسلة طويلة تعكس بصدق واقع «جماعة» فى أشد الحاجة إلى إخفاء غرائزها السياسية بوضع ألف (نظارة سوداء) على عينيها!.