الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دلالات القبض على محافظ المنوفية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى دقائق معدودة، انتشرت واقعة القبض على محافظ المنوفية هشام عبدالباسط متلبسا بقضية رشوة من قبل أجهزة الرقابة الإدارية كالنار فى الهشيم، وأصبحت هذه القضية هى الأكثر حضورا على موائد القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعى، وذلك عقب الإجراءات التى اتبعتها الرقابة الإدارية لتوقع به متلبسا بالرشوة وبحوزته ٢ مليون جنيه هو واثنين من رجال الأعمال الذين اعترفوا بالواقعة، لكى يحصلوا على قطعة أرض قيمتها ٢٠ مليون جنيه! ولم يتوان الإعلام المصرى فى تقديم نموذج من المسئولين الفاسدين الذين استباحوا المال العام، ولم يرضوا بمناصبهم الوزارية ورواتبهم العالية من منطلق «البحر يحب الزيادة»! فعالج الإعلام هذه القضية ربما بموضوعية شديدة غير معتاد عليها أحيانا من قبل، وقام بإظهار المحافظ المرتشى أمام الرأى العام، وعلى مرأى ومسمع الجميع عبر أجهزة الإعلام المختلفة، لكى يشهدوا منافع لهم ويتأكدوا من أن الدولة مستيقظة بكافة أجهزتها إلى كل من وزير أو محافظ أو وكيل وزارة أو عميد كلية أو أى مسئول فى الدولة، تسول له نفسه المريضة الاعتداء على المال العام أو التربح من وظيفته..!
وهذا الحدث له دلالات عدة أبرزها أن ضبط الواقعة بهذه الجراءة تعد أفضل دعاية للنظام الحالى والقيادة السياسية الحريصة على القضاء على الفساد من مصر تماما، وإرسال رسالة قصيرة موجزة، مفادها بأنه لا أحد فوق القانون أو المحاسبة، وأن العبث بالمال العام وإهداره أو سرقته خط أحمر لا يمكن لأى فرد- كائن من كان- أن يتجاوزه أو يستولى بغير حق عليه، وأن عقبة الفساد المستشرى فى المجتمع، والتى تمثل تحديا أمام التنمية المجتمعية لا بد من استئصاله، وهى الهدف المنشودة من قبل القيادة السياسية والشعب المصرى على السواء، من أجل مستقبل أفضل تنشده المجتمعات، خاصة أن اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد تمكنت خلال السنوات الثلاث الماضية، من تنفيذ ٧٥٪ من أهداف وسياسات وبرامج الخطة الوطنية لمكافحة الفساد، والتى تم إطلاقها فى عام ٢٠١٤، وذلك من خلال تحقيق أبرز المحاور التى تتضمنها الخطة، وتشمل سن وتحديث التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد، ودعم الأجهزة الرقابية وتوافر قاعدة للبيانات والمعلومات الدقيقة والحديثة، والتى أكدت من ناحية أخرى أنه بحلول ٢٥ نوفمبر ٢٠١٨ المقبل، تنتهى المدة الزمنية الموضوعة لتنفيذ أهداف وسياسات الخطة الوطنية لمكافحة الفساد، والتى تستهدف القضاء على الفساد فى مختلف قطاعات الدولة والجهاز الإدارى عن طريق الارتقاء بمستوى أداء الجهاز الحكومى، وإرساء مبادئ الشفافية لدى العاملين به، وتطوير الإجراءات القضائية لتحقيق العدالة الناجزة والارتقاء بالمستوى المعيشى للمواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة نسبيا والتى تتحقق مع ازدياد حالات وأد الفساد والقضاء عليه فى جميع المواقع الحكومية والخاصة أيضا ربما أدى الفساد المتراكم فى الجهاز الإدارى للدولة إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادى والاجتماعى، وهو ما أدى إلى استياء المواطنين وعدم إحساسهم بثمار التنمية وعوائد الإنتاج، وبالتالى شعورهم بعدم وجود عدالة اجتماعية، وربما الفساد يؤدى إلى إعاقة النمو الاقتصادى، مما يقوض كل مستهدفات خطط التنمية طويلة وقصيرة الأجل وإهدار موارد الدولة أو على أقل تقدير سوء استغلالها، بما يعدم الفائدة المرجوة من الإستغلال الأمثل، ناهيك عن هروب الاستثمارات دون رجعة لغياب عامل الأمان والشفافية، علاوة على أن الفساد يضعف الإيرادات العامة للدولة نتيجة التهرب من دفع الجمارك والضرائب والرسوم باستخدام الوسائل الاحتيالية والالتفاف على القوانين النافذة، وربما يؤدى الفساد إلى انهيار وضياع هيبة دولة القانون والمؤسسات، بما يعدم ثقة الأفراد فيها والإخلال بالعدالة التوزيعية للدخول والموارد، وإضعاف الفعالية الاقتصادية وازدياد الهوة بين الفئات الغنية والفقيرة، كما تؤكد العديد من الدراسات الاجتماعية فى هذا الصدد. كما أن للفساد تأثيرات مباشرة على المواطنين عبر إهدار موارد الدولة، بما يحرم قطاعات مهمة، مثل: الصحة والتعليم والخدمات من الاستفادة من هذه الموارد، وربما يؤدى ترك الدولة للفساد لكى يرتع فى جنباتها إلى انهيار النسيج الاجتماعى وإشاعة روح الكراهية بين طبقات وفئات المجتمع، نتيجة عدم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، واتجاه الدولة إلى محاربة الفاسدين وإظهار فضائحهم علنا، وعلى «عينك يا تاجر» وتشديد العقوبات عليهم هو أفضل طرق الحد من الفساد..
على أية حال، الدولة تسير فى الطريق السليم عبر أجهزتها الرقابية الوطنية التى تعمل دائما لخدمة هذا الوطن الذى ننتمى إليه ونعمل جميعا من أجله..!