الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

بعد مظاهرات شعبية غير مسبوقة.. النظام الإيراني على طريق النهاية.. معركة الإصلاحيين تتصاعد في مواجهة المتشددين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
موجة الاحتجاجات الأخيرة في جميع أنحاء إيران تعد علامة على الأزمة التي تمر بها البلاد، وفشل النظام الإيراني في إدارة شئون البلاد، حيث أظهرت الإحتجاجات العيوب الكبيرة على جميع مستويات الدولة وجميع الفصائل التي تتنافس على السلطة داخلها.
وأبرزت مجلة "فورين بوليسي" ما حدث في ايران خلال الفترة الماضية، فعلى مدى أكثر من أسبوع، تمكن المتظاهرون الإيرانيون وهم يرددون شعارات ضد شخصيات من بينها المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ورئيس القضاة صادق لاريجاني، من إثارة انقسامات بين النخب الإيرانية، والتي أظهرت ترابطا كبيرا منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وسلطت الاحتجاجات الضوء على كيفية وضع كل هذه الجماعات الآن على جانب من التعمق بين الدولة والمجتمع الإيراني.
الاحتجاجات ليست مفاجأة
الأزمة ليست فريدة من نوعها بالنسبة لإيران، فاحتجاجات الربيع العربي وانتخاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليست سوى أمثلة قليلة تعكس الاتجاه العالمي للاحتجاج الشعبي ضد سياسة الوضع الراهن والاحتجاجات الشعبية ضد الأنظمة في بعض البلدان.
على مدى العقدين الماضيين، أعرب الإيرانيون عن استيائهم المتزايد من الوضع السياسي الراهن في صناديق الاقتراع وفي المظاهرات، كما تسارعت التوترات بين الفصائل والمنافسة السياسية خلال هذه الفترة، لتصبح سمة مميزة لسياسة إيران. 
وظهر في إيران في الأونة الأخيرة منافسة جديدة من نوعها بين الإصلاحيين والمحافظين، وهذا ما اتضح في شخصينوهما الرئيس الإيراني السابق، أحمدى نجاد، والرئيس الحالي، حسن روحاني.
سعيا إلى التحرير السياسي والثقافي والاقتصادي للحكومة الإسلامية، قدم الإصلاحيون فكرة التغيير من الداخل، على حساب النخب المحافظة. وكانت جهودهم، على الرغم من الدعم الانتخابي الواسع، غير ناجحة بسبب تنسيق المناورات المحافظة وجلبت انتخابات الرئيس محمود أحمدي نجاد في عام 2005 رياح شعبية من التغيير.وبصفته ثوري من جيل الشاب، سعى أحمدي نجاد إلى تصحيح اختلالات الثورة التي ضلت طريقها.
وأدت سياسات إعادة التوزيع وسياسات المواجهة إلى إضعاف توازن القوى المحلي، الذي كان أكثر وضوحا في الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات في عام 2009 وما أعقبها من حملة قمع حكومية، وظهرت أيضا انتقادات شديدة للمرشد الأعلى خامنئي.
ومن بعد نجاد، أتى حسن روحاني عام 2013، حيث قاد حملة على أساس إصلاحات اقتصادية واجتماعية عملية، وإعادة التوازن إلى النظام. 
كانت هناك آمال من داخل النخبة أن روحاني سيكون قادرا على بناء جسور بين الأجنحة الإصلاحية والمحافظة داخل النخبة السياسية، مع استعادة الشرعية الشعبية المفقودة لإيران.
وطوال فترة المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، كانت التوترات بين الفصائل في ايران هادئة نسبيا من خلال توجيه خامنئي إلى تقديم جبهة موحدة.
وبمجرد اختتام الاتفاق في يولية 2015، عادت التوترات إلى الظهور بقوة عندما سعى المحافظون إلى تشويه صورة روحاني وإصلاحاته المقترحة. 
وعلى غرار أسلافه وعد روحاني بالتغيير، ولكنه الآن في طريقه إلى التراجع، لأنه فشل في سد الفجوة الفاصلة بين الفصائل التي استخدمها لإذكاء فوزه بالرئاسة.
إن المتشددين والإصلاحيين يتعارضون ليس فقط مع مكانهم في النظام السياسي ولكن أيضا في مستقبلهم.
ومن الناحية النظرية، تتحد جميع الفصائل في حماية النظام السياسي لإيران والحفاظ عليه، حتى وإن كانت منقسمة فى كيفية القيام بذلك. 
لكن الدعم البراغجاتي والإصلاحي لسياسات التحرير الاقتصادي يعد بإنشاء قطاع خاص أكثر انفتاحا يعتقد المتشددون أنه سيؤدي إلى تآكل قيم الثورة.
إن محاولات روحاني للحد من قضايا الفساد وتحدي سيطرة الحرس الثوري، تمثل تهديدا لمصالح المتشددين.
الانفجار الشعبي وظهور الإنقسامات
بدأت الاحتجاجات الأخيرة في مدينة مشهد الدينية وانتشرت إلى أكثر من 70 مدينة وبلدة وقرية في جميع أنحاء البلاد.
وأشارت التقارير إلى أن السياسيين المحافظين في مشهد القريبين من المرشح الإيراني السابق للرئاسة، إبراهيم رائيس، هو من نظم الاحتجاجات الأولية لتحدي سياسات روحاني الاقتصادية.
وكشفت ميزانية روحاني مؤخرا عن اهتمام كبير بخفض الإنفاق وانتقد الفساد المؤسسي.
ومن أجل اجتذاب الاستثمار الأجنبي، اقترح روحاني خفض الإنفاق المحلي على الإعانات وزيادة أسعار الوقود، وهي خطوات كان من شأنها أن تسبب مزيدا من السخط. 
وكان رد الحرس الثوري واضحا، حيث قال محمد علي الجعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، إن هذه الاحتجاجات مرتبطة بفرد فتح فمه مقابل قيم ومبادئ النظام، ويقصد هنا نجاد.
رد فعل فاتر
كانت استجابة القيادة الإيرانية للاحتجاجات فاترة وتعكس التوترات السياسية العميقة في الحكومة. 
وتحدث روحاني مرتين منذ الاحتجاجات، واستغل الفرصة لإبعاد نفسه عن الفصائل المتعاركة، واعترف بأن السبب الجذري للاضطرابات هو عدم توجيه الإهتمام للشباب الإيراني، ودعا إلى الشفافية الحكومية، والإفراج عن الطلاب المحتجزين.
هذه هي نفس الإصلاحات التي يطالب بها روحاني منذ عام 2013، ويبقى أن نرى إذا كان لديه القوة السياسية اللازمة والشجاعة للمطالبة بمزيد من التغيير من خصومه المتشددين.
إذا كان أي شيء، فإن الاستجابة المتباينة للاحتجاجات تكشف عن سراب الوحدة السياسية داخل الجمهورية الإسلامية. ورغم ادعاءات الدعم الجماعي للجمهورية الإسلامية، فإن الفصائل الإيرانية أكثر قدرة على الحفاظ على سلطتها ومكانتها الشخصية في النظام أكثر مما هي عليه في الحكم بشكل فعال.