الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

محسن عطية يغامر من أجل حب الحياة في أحدث معارضه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا أردت أن تزور معرض الفنان التشكيلي محسن عطية المقام في جاليري العاصمة بالزمالك؛ فعليك أن تمتلك الجرأة على ترك نفسك للألوان لتفعل بك ما تشاء وكأنك تتعلم العوم لأول مرة وتحتاج أن تثق في استطاعة المياه أن تطفو بجسمك على السطح دائما مهما أخطئت في حركات السباحة.
"مغامرات لونية" هو اسم أحدث معارض "عطية" الذي لا يختلف كثيرا عن حالته؛ فإذا تأملت تلك اللوحات حتما ستشعر بطبيعة هذه المغامرة؛ فالألوان والخامات في هذا المعرض ليست مجرد أداة يستخدمها الفنان لتشكيل لوحته بل كائن حي مثلها مثل فنانها؛ تتحاور معه تحاور الند للند وتضيف إليه كما يضيف إليها؛ هذه هي باختصار فلسفة محسن عطية في الفن عامة؛ ذلك الفنان الذي يعتقد أن التجربة الفنية بالنسبة له معيارها التلقائية؛ فهو لا يمارس على العمل الفني سلطته كاملة مثلما كان يفعل كل الفنانين في الماضي إذ كانوا يضعون كل شئ في اللوحة بإرادتهم وبذلك يصبح الفنان مصمم أكثر من كونه تلقائي؛ فبيكاسو مثلا لم يترك نقطة واحدة في "الجورنيكا" إلا وصنعها بنفسه وخطط لها بدقة؛ فرؤية "عطية" تقتصر على أن علاقة الفنان المعاصر بألوانه كعلاقة السلطة بالشعب في المجتمعات الديمقراطية؛ فالخامات يجب أن تتكلم وتعبر عن نفسها بحرية بشكل لا ينفي وجود تيار الوعي؛ وهذا ما يتضح خلال اللوحات التي ضمها المعرض.
ورغم أن محسن عطية أحد رواد التجريدية في مصر لكنك لا تستطيع أن تتهم اعماله بالتؤثر بالغرب على اعتبار أن هذه المدرسة غربية في الأساس؛ لكن المتأمل في اللوحات يجد فيها الروح الفرعونية في رسم الخطوط كما في نقوش المعابد وهذا يؤكد وجود عنصر الأصالة فيها.
في التجريد غالبا يكون السلطة للخط واللون في التشكيل فليس شرطا أن تحاكي اللوحة مشهدا واقعيا مفهوما للناس؛ لكن هناك لوحات في هذا المعرض يبدو موضوعها واضح جدا وكأنه مخطط له من قبل لكنها تحافظ على جزء من التلقائية التي يتسم بها أسلوب عطية عموما؛ فهناك لوحة لراقصات باليه ولوحات لراقصات شعبيات.
جميع هذه الموضوعات تتفق في شئ واحد ألا وهو دعمها لفلسفة حب الحياة؛ فـ"عطية" يرى أنه كفنان ينتمي إلى جيل السبعينات ذلك الجيل الذي عاصر أحداثا سياسية انعكس صداها على الفن كالانفتاح وكامب ديفيد وحرب أكتوبر؛ وأجبرت أعمالهم إما أن تأخذ طابعا سياسيا أو أن تتقوقع داخل ذاتها؛ لكن يبدو ان محسن عطية رفض أن يقع تحت سطوة هذا الاختيار وقرر ان يعبر عن فلسفته الخاصة حب الحياة الذي يرى أنه لا خيار غيره.
في نهاية المعرض تكتشف أن الخامات هي البطل؛ أو هي سر الجماليات الخفي في جميع اللوحات؛ فمحسن عطية من الفنانين الذين يكتمون هذا السر حتى في الورقات التعريفية الملصقة بجوار لوحاته والتي يكتب بها المقاسات وأنواع الخامات المستخدمة مكتوب على سبيل المثال "خامات مختلطة على خشب" فلم يفصح بماهية تلك الخامات؛ ويرى أن سر هذه الخلطات يعتبر من السمات المميزة لكل فنان على الآخر؛ لكن من الواضح أن "عطية" يبحث عن الجديد بشكل دائم والتنوع في الخامات فهناك لوحة بها سلك ونحت بارز فهو يدرس باقتدار تطبيعة الخامة وطبيعة مزج الالوان ببعضها بسطح اللوحة ويعامل خاماته بمنطق الكائن الحي الذي له قدرة على المفاجأة دائما.
والفنان محسن عطية من مواليد القاهرة عام 1947، حصل على الدكتوراه في معهد ريبين للفنون والعمارة بروسيا، له العديد من المؤلفات والكتب وشارك بالعديد من المعارض الدولية وقام بعمل معارض خاصة وله مقتنيات لدى أفراد ومؤسسات داخل مصر وبالخارج.