رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الإيدز في مصر "ابحث مع الصحة".. تباين تقديرات أعداد المصابين بالفيروس.. "الأمم المتحدة": 11 ألف مريض و72% من المتعايشين يجهلون إصابتهم.. "الحكومة": 8 آلاف و550 حالة فقط

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما زالت ردود أفعال خبراء واستشاري نقص المناعة المكتسب تتوالى عقب الانتهاء من احتفالات العالم باليوم العالمي للإيدز، وهي المناسبة السنوية العالمية التي يتم إحياؤها في 1 ديسمبر من كل عام، حيث تُشير إحصاءات وتقديرات انتشار "الإيدز" في مصر إلى وجود تخبُط في حصر أعداد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسبة.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الصحة أن مصر تعتبر دولة ذات معدل منخفض جدا لانتشار مرض الايدز، وأن عدد المصابين التراكمي من عام 1986 حتى نوفمبر من العام الجاري 10 آلاف و550 مصابا فقط، وأن عدد المتعايشين مع المرض في مصر 8 آلاف و564 مصابا طبقا لإحصائيات 2017، تؤكد التقارير الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة المعنى بالفيروس أن هناك أكثر من 11 ألف حالة مصابة بالإيدز في مصر، وفي اتجاه ثالث؛ تُشير مراكز وجمعيات متخصصة في مكافحة الإيدز في مصر أن أعداد المتعايشين بالفيروس قد تتخطى 200 ألف حالة، وأن الوباء في مصر "مكثف" بتخطيه نسبة الـ5% بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للمرض، وهو الأمر الذي يؤكد على تباين تقديرات أعداد المصابين بالإيدز في مصر.


ارتفاع مُعدلات العدوى الجديدة

وكان مسئولين بالأمم المتحدة أعربوا عن قلقهم إزاء انتشار فيروس نقص المناعة البشرية "الإيدز" في مصر، وذلك مع زيادة معدلات العدوى الجديدة بنسبة تصل إلى 40% سنويا، حيث قال أحمد خميس، والذي يعمل لدى برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز، في تصريحات لـ"واشنطن بوست" مُنذ أيام قلية، إن هناك زيادة بنسبة تتراوح ما بين 25 و30% في حالات الإصابة بالإيدز كل عام في مصر.

وأشار "خميس" إلى أنه في الآونة الأخيرة ظهرت حالات إصابة بالفيروس بين أشخاص من فئة عمرية أصغر سنا بكثير، وأن هناك خطرًا أكبر بحدوث إصابة للمراهقين والشباب مما كان عليه الأمر في الماضي، منوهًا بأنه من الصعب الحصول على بيانات دقيقة، وأن ملاحظاته تأتي من العمل على أرض الواقع، لكن مما لا شك فيه أن هناك ازديادا في حالات الإصابة.

بينما أشار تقرير هيئة الأمم المتحدة السنوي، الصادرة مؤخرًا، إلي أن نسبة زيادة انتشار مرض الإيدز في مصر وصلت إلى 40 %سنويًا، وأوضح التقرير؛ أن 27% فقط من المصابين يعلمون بإصابتهم ويتلقون العلاج، في حين أن 72% من المتعايشين بالفيروس في مصر يجهلون إصابتهم بالإيدز.

كما أكدت هيئة الأمم المتحدة، في تقريرها السنوي، على ازدياد الوفيات المرتبطة بالإيدز في مصر بأكثر من الضعف بين عامي 2000 و2010، وأيضًا ارتفاع نسبة الأطفال المصابين بالفيروس إلى 38%، عام 2016، مقابل 25 % عام 2010، منوهةً بأن الوصمة الاجتماعية ونقص التمويل لمعالجة المرض، يعيق الجهود المبذولة للمكافحة، وأن مصر تأتى في المركز الرابع بالشرق الأوسط بعد إيران والسودان والصومال، من حيث زيادة معدلات الانتشار.


وباء "مُكثف" في الفئات الأكثر عرضه

الدكتور إيهاب الخراط، استشاري الطب النفسي ومدير برنامج الحرية من الإدمان والإيدز، قال إن الحالات المكتشفة في مصر تمثل من 1 إلي 2% من الحالات الفعلية وأن عدد الحالات المكتشفة في العالم كله يقدر من 5 إلي 10% من الحالات الفعلية، مُشيرًا إلى أن وزارة الصحة أجرت بحثًا استقصائيًا في عام 2010 بمشاركة الهيئة الدولية لصحة الأسرة التي تطبق أعلى المقاييس العالمية لما يسمى بـ" المسوح التراسلية " وعدد من المراكز المُتخصصة في مكافحة الإيدز، وكانت نتائج البحث أوضحت أن 7% من متعاطي المخدرات بالحقن و7% أيضًا من "المثليين" متعايشين بالفيروس، ومن خلال تلك الأرقام يتضح أن عدد المتعايشين بالفيروس في مصر يقارب الـ200 ألف حالة.

وأضاف الخراط لـ "البوابة نيوز"؛ لابد أن تسعى وزارة الصحة إلى معرفة الأرقام الحقيقية لأعداد المرضى حتى تتخذ الخطوات الجادة واللازمة لمكافحة فيروس "HIV" المُسبب للإيدز، وبالرغم من أن الأرقام التي تعلن وتشير إليها هيئة الأمم المتحدة عن الإيدز في مصر مُخيفة، إلا أن الإيدز لا يمثل وباءً في مصر، وحتى يطلق عليه لفظ "وباء" فلابد أن يصل إلى 1% من عدد سكان الدولة، أي 100 ألف حالة متعايشة مع الإيدز، لكنه يوجد "وباء مكثف" في مصر، حيث إن نسبة المتعايشين مع الفيروس من الفئات الأكثر عرضة للمرض، خاصة المدمنين بالحقن والمثليين، تعدت الـ5% من إجمالي هذه الفئات


نقص في الرعاية الصحية للمرضى

وأشار "الخراط" إلي أن مريض الإيدز بحاجة إلى نوعين من الرعاية الصحية، أولها العلاج المخصص للإيدز ويسمى "الدواء الثلاثي" ويحتاج إلى اطباء مدربين، وتوفر الحكومة هذا الدواء مجانا لمرضى الإيدز بمساعدات ومنح دولية، لكن في بعض الحالات يقوم فيروس الإيدز بعمل "مقاومة" لهذا الدواء وبالتالي يحتاج إلى استخدام "دواء الصف الثاني والثالث والرابع" وهي أدوية غير متاحة كثيرًا في مصر، كما أن مريض الإيدز يحتاج إلى تحليل "الحمل الفيروسي"، أو ما يُطلق عليه تحليل مقاومة الفيروس، وهو أيضًا غير متوفر للمرضى.

وتابع الخراط: "النوع الثاني من الرعاية يقع على عاتق الأطباء، فبعض الأطباء يحجموا عن إجراء تدخلات طبية وجراحية لمرضى الإيدز، وهذا يعتبر انتهاك صريح لحقوق الأنسان والدستور المصري ولشرف المهنة، وليس له أي ضرورة عملية أو طبية، فالتعقيم البسيط للأدوات المستخدمة كفيلة بالقضاء على فيروس الإيدز، الذى طالما يكون خارج الجسم يتم السيطرة علية بأي نوع مطهر، ورغم ذلك معظم الاطباء يرفضون إجراء عمليات أو أي تدخل جراحي أو طبى على المتعايشين مع الفيروس".


مندوب وصول لتغيير السلوكيات

وعلى جانب آخر، فإن الإيدز يرتبط بقضايا المجتمع الأخرى، التي تؤثر على زيادة نسب حاملي الفيروس، حيث تعتبر الفئات الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس أو ما يُطلق عليهم بأصحاب السلوكيات المحفوفة بالمخاطر، وهم؛ متعاطي المخدرات بالحقن والعاملات بالجنس وزبائنهم والمثليين والأطفال اللذين بلا مأوى أو أطفال الشوارع، أكثر الفئات المُعرضة للإصابة بالإيدز، وهذه الفئات خاصة تواجهها مشكلات في المجتمع.

ويُكمل "الخراط"؛ نحتاج إلى تغيير للبيئة التشريعية والاجتماعية لكى نقى هذه الفئات من الإصابة بالفيروس، فحتى الآن إذا وجد "واقي ذكرى" في حقيبة سيدة غير متزوجة يصبح دليلًا على إدانتها بالدعارة، في الوقت الذى يُطلب منهم أن يستخدموا "الواقي" حتى لا ينتقل إليهم الإيدز أو ينقلوه لغيرهم، وهذا لا يعنى أننا نريد تسهيل الدعارة ولكن حتى لا نجمع بين المصيبتين.

واختتم الخراط حديثه قائلًا: "كما أن القانون حتى الآن لا يعترف بـ "مندوب وصول لتغيير السلوكيات"، ففي حالة إن توقف مدمن عن التعاطي، وعمل بمركز لعلاج الإدمان والإيدز، حتى يتواصل مع المدمنين الذين ما زالوا يتعاطوا المخدرات، لكى يقنعهم بالتوقف عن ذلك ويشجعهم على إجراء تحاليل الإيدز، فمازال اسمه مسجل بدفاتر الشرطة، وإن تم القبض عليه بصحبة المتعاطيين للمخدرات يتم محاكمته كما لو كان متعاطى، وهنا لابد أن يتغير القانون، بما يساعد على الحد من انتشار أعداد مرضى الإيدز في مصر".