الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القرضاوي.. مفتي "القاعدة" الخفي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أضافت السعودية ومصر والإمارات والبحرين منظمتين إسلاميتين متطرفتين مع إحدى عشرة شخصية متطرفة إلى قائمة الإرهاب.
الحقيقة، أنها خطوة متأخرة تصنيف «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» الذى أسسته جماعة الإخوان المسلمين واحتضنته قطر، وكذلك شقيقه «المجلس الإسلامى العالمى». كان يفترض أن يحظر التعامل مع الاثنين خصوصًا «الاتحاد العالمى» قبل ذلك. فهو منذ تأسيسه كان يمثل خطرًا على المجتمعات الإسلامية فى أنحاء العالم. وجاء توقيت ولادته مع ظهور «القاعدة»، ومقره، وشخصيات قياداته كلها، مثل إعلان حرب صريحة ضد الإسلام التقليدى المعتدل فى المنطقة والعالم.
«الاتحاد العالمى» ولد ضمن مشروع الاستيلاء الذى قادته الجماعات الدينية المتطرفة ضمن نشاطاتها التى عملت على خطوط متعددة، الخطاب السياسى الجهادى التحريضى، والتنظيمات المسلحة، ومؤسسات دينية موازية تعطى الشرعية لخطابها وأعمالها وتلغى المؤسسات المعتدلة.
ففى الوقت نفسه الذى كانت فيه «القاعدة» تفجر وتقتل، وأبو مصعب الزرقاوى يقطع الرؤوس باسم الإسلام، ولد «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين» فى قطر عام ٢٠٠٤ تحت هدف المشروع الإسلامى المتطرف نفسه. من أجله هيأ أعضاؤه الفتاوى، وبرروا العنف، ودخلوا فى حرب فكرية تجرد المفتين والعلماء التقليديين من قيمتهم فى بلدانهم وتسفه من فتاواهم. ولا ننسى أن علماء السعودية، من السلفيين التقليديين، أفتوا بتحريم العمليات «الجهادية» منذ التسعينيات، باعتبارها خارجة عن طاعة ولى الأمر، أى الدولة، مما أغضب مفتى «الاتحاد العالمى»، التابع لـ«الإخوان» وقطر، الذين برروا «العمليات الاستشهادية» وسعوا لتأصيلها فقهيًا. وعمل «الاتحاد» على هدم مؤسسات دينية شرعية كبرى فى العالم الإسلامى، مثل «هيئة كبار العلماء» فى السعودية و«الأزهر» فى مصر.
تاريخيًا مشروع الإرهاب، المتدثر بالإسلام، بدأ تقريبًا فى الفترة نفسها مع تأسيس مجاميع الفتوى الدينية المتطرفة. ومثل «القاعدة» و«داعش»، أعلنت هذه الجماعات «الفقهية» أنها ترفض المحلية وتعتبر نفسها عالمية، عابرة للقارات.
وتزامنت ولادة «القاعدة» فى أفغانستان، مع ولادة «المجلس الأوروبى للإفتاء»، عام ١٩٩٧ فى لندن. وهل هى مصادفة أن يرأسه يوسف القرضاوى، ونائبه على قرة داغى، الشخصيتان نفسهما اللتان نراهما فى الفكر المتطرف فى العشرين سنة اللاحقة؟
ومثلما تفرعت «القاعدة» فى أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، ظهرت فروع للاتحادات والروابط الفقهية المتطرفة فى الخليج، والعراق، ولبنان، وشمال أفريقيا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وبريطانيا، وأيرلندا.
من عنوانه، وتنوع جنسيات المنتمين إليه، ومن فحوى مواقفه وبياناته ونشاطاته، نرى كيف قام بلعب دور المرجعية الدينية التى تحتاجها الجماعات المتطرفة، خلال سنوات الاضطراب الخطيرة، التى قامت على دعوات التطرف والجهاد والتغيير.
وإذا أدركنا أن أخطر ما فى الإرهاب هو الفكر المتطرف، فإن علينا أن ندرك أنه ما كان للفكر المتطرف أن يولد وينتشر ويتحول إلى جماعات مسلحة فى أنحاء العالم لولا هذه الشخصيات الدينية، ولولا هذه الاتحادات والهيئات الحاضنة للعلماء المتطرفين، ولولا قطر الدولة التى أعطتهم المقر واستمرت تمولهم بمبالغ خيالية سهّلت عليهم الانتشار إعلاميًا وفكريًا، وشراء ذمم حتى بعض الذين قد لا يتفقون معها أو يخافون سطوتها.
نقلا عن الشرق الأوسط