الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

تاجر خضار يبيع "الأنتيكات" في السوق

عربة محمد داخل السوق
عربة محمد داخل السوق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ورث عن والده العربية.. وحول النشاط إلى بيع التحف والعملات 

يحزم أمتعته واضعها على عربته التى يجرها بنفسه، فهو لا يفضل أن يجر بضاعته على سيارة خشبية يجرها الحمار، فالبضاعة لا تستحق وجود ما يجر تلك العربة، حيث استعاض عنها بعجلات يحاول محمد العربى دفعها ليحرك العربة، متوجهًا إلى المكان نفسه، الذى اعتاد الوقوف فيه منذ أكثر من ١٢ عامًا، فلم يبرح مكانه هذا وسط أقرانه من الباعة منذ أكثر من ١٣ سنة، فحوله من يبيعون الخضروات والفاكهة وكل أنواع الطيور، ولا سيما الأسماك التى تعبئ سماء المنطقة بالرائحة التى ترشد المشترين إلى مكانهم من أول بولاق الدكرور وحتى منتهاها، فهى سمة رسمية لأى «شادر» خاصة لو كان يحتوى على حلقة سمك كما هى الحال فى سوق الخضار ببولاق الدكرور، فبمجرد عبورك لكوبرى «همفرس» المؤدى إلى هناك، يمكنك أن ترى بوضوح «محمد العربى بعربته وسط السوق التى يميزها «التحف والعملات والطوابع القديمة» التى يبيعها وسط السوق..
محمد العربى، تاجر التحف والأنتيكات الذى يقبع فى سوق الخضار، والذى لم يبرح مكانه منذ أن كان فى المدرسة، حيث كان يعود إلى المكان نفسه، والعربة نفسها التى كان يعمل عليها والده، ولكنه كان يحمل عليها الخضروات التى يبيعها فى السوق، ولكن لم يكن فى حلم الفتى الصغير أن يرث عن والده سوى العربة والمكان، ليتحول فى نشاطه إلى بيع كل ما هو قديم من عملات أو طوابع، وأحيانًا أنتيكات، ولكنها ليست بالمفهوم الذى نعرفه، حيث إنه يعتبر أى قطعة يشتريها تعدى عمرها الخمسين عامًا «أنتيكة»، ولذلك فكل ما على العربة أنتيكة.
للوهلة الأولى قد تعتقده بائع «روبابيكيا» متجول، ولكن فى حلة أفضل حالًا من أقرانه، فبنطاله الـ «cow boy» وقميصه الكاروهات قد يعطيك انطباعًا بأنه من رواد التسعينيات، ولكنه فى الحقيقة يتعمد ارتداء تلك الملابس، حتى يظهر وسط كل من حوله بأنه «بائع الأنتيكا» على حد تعبيره، ملقيًا بفعلته فى جعبة «الدعاية الخصوصى» كما أسماها، حيث يؤكد دومًا أن كل بائع هنا فى السوق له «دعاية خصوصى»، ولكل منهم أسلوبه، فمنهم من يتعمد تشغيل القرآن حتى ولو كان مسيحيًا، ومنهم من يشغل أغانى حمزة نمرة مثلًا، أو أغانى الثورة، ليؤكد أنه متعلم وابن ناس، ولكنه يعمل فى تلك المهنة التى يراها الناس «صغيرة» وآخرون يشغلون المهرجانات جذبًا للناس فى السوق، وآخرون يشغلون «الكهارب» فى وجوه المارة أملًا فى جذب نظرهم بعد طمسه بالنور، ولكن هذا النوع الأخير انتهى بعد زيادات الكهرباء الأخيرة.
ولكن يجدر السؤال، كيف يأتى زبون هذه الأشياء فى سوق الخضار؟ وكيف يصرّف محمد العربى بضاعته، ويجيب العربى مبتسمًا: مبدئيًا الرزق بتاع ربنا، فهو من رزق عبده فى بطن الحوت، وهو نفسه القادر على إرسال رزقى فى سوق الخضار.
ويتابع: «وأما عن زبونى، فالحمد لله، رجال وسيدات وبنات وأولاد ومن كل الأعمار، فعشاق رجل المستحيل زبائن مستديمين، وعشاق العملات والطوابع أيضًا، ومن يريد اقتناء (سبرتاية بن) قديمة، وهناك أيضًا من يأتى طالبًا عملة معينة.