الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كما تدين تُدان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صدمة حقيقية هزت كل كيانى وأنا أشاهد حلقة تليفزيونية عن قصة أم حبسها أبناؤها فى المنزل، وأغلقوا الباب ورحلوا واكتفوا فقط بإلقاء الطعام لها من وقت لآخر، خرجت الأم باكية فى بلكونة منزلها تنادى الناس فى الشارع لمساعدتها وإنقاذها، صرخات الأم استدعت لذاكرتى مشهد ضحكاتها وفرحها بأولادها وهم صغار تلاعبهم وتطعمهم بيدها وتغسل لهم وتنظفهم وتحملهم على ظهرها وهى متعبة مرهقة دون كلل أو ملل من صراخهم وبكائهم وطلباتهم وحتى تحطيمهم لمحتويات البيت.
امتزجت الصورتان معا فى عقلى وبدا السؤال الأكثر غرابة فى الحياة.. من أين أتى هؤلاء الأبناء بكل هذه القسوة؟ هل هى ظروف الحياة؟ هل هى التربية وغياب الأدوار الحقيقية فى المنزل والمسجد والكنيسة والمدرسة؟ هل هو الواقع المؤلم؟ أم هى نهاية العالم وعلامات يوم القيامة.
استحضرت فى خيالى مشاهد من برنامج «الصدمة» عندما كنت أكتب موضوعات الحلقات، وأبحث عما يهم الشارع ويجذب الناس ويوقظ الضمير ويعيد الأمل، وبينما كنت أكتب وأتابع التصوير كنت كثيرا ما أصاب بالصدمة الحقيقية من ردود أفعال البعض، خاصة فى حلقات إهانة الأب أو الأم أو معاملتهم بشكل قاس، فالبعض فعلا تجمدت قلوبهم وأصبحت مثل الحجر أو أشد قسوة، ردود أفعال هادئة وضعيفة فى كثير من بلادنا العربية تجعلك تخاف فعلا مما هو قادم وتسأل نفسك خائفا: هل يأتى يوم يعاملنى أولادى بهذا الشكل القاسي؟ هل يمكن أن أكون أنا بطل هذه القصة يوما ما ؟.. كلها أسئلة تدور فى خاطرى خائفا من إجابتها ولكن ما يجعلنى مطمئنا قناعتى بأن الطفل مثل الشجرة كلما كانت سليمة فى تربة صحية ويتم رعايتها بشكل جيد ستكون مثمرة، والعبرة بالراعى كيف رعى وماذا قدم وكيف ومتى؟ أعيدوا الرحمة إلى قلوبكم يرحمكم الله فلا حياة دون رحمة وشاهدوا فيديوهات الحيوانات المفترسة، وهى ترحم الضعيف وتحنو على بعضها وأحيانا على الحيوانات الأخرى ولا تفترسها لمجرد شعور فطرى بالرحمة، أعيدوا النبض للقلب وطهروا قلوبكم فلا رحمة لمن لا يرحم ولا غد لمن يعمل اليوم وكما تدين تدان فافعل ما شئت فستحصد ما زرعت.