الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

شمس البارودي: كرهت أفلامي بسبب "البكيني".. أسقطت "حمام الملاطيلي" من ذاكرتي ولست من أصحاب الملايين.. كنت أشترى "حاجة البيت" من الجمعيات الاستهلاكية.. ساندت مرشحا إخوانيا في "انتخابات النواب"

قالت إن مبارك كان محاربًا كبيرًا (2-1)

شمس الباردوي
شمس الباردوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لأكثر من ساعتين، تدفقت الفنانة الكبيرة شمس البارودى كشلال مياه عذبة، تعتصر ذاكرتها وتتحدث بتلقائيتها المعروفة، عن نفسها وأسرتها وتاريخها. معها لا يشعر من يجالسها بالوقت، فمرت الساعات كدقائق معدودة، بعد حوار نرى بالتفاصيل والآراء والحكايات المثيرة وقصص تُروى لأول مرة. لم يكن ذلك هو التميز الوحيد لحوارنا مع «شمس الملوك»، فباعترافها هى فإنها لم تُجر أحاديث صحفية منذ فترة طويلة ووافقت على حوار «البوابة» لتطل على جمهورها ومحبيها عبر صفحاتنا. بعد اعتزال دام 25 عاما، وبعد الابتعاد عن الصحافة والإعلام تعود «شمس» إلى الحكى مجددا، فاتحة عقلها وقلبها لنا. هى بالطبع لا تحتاج إلى من يقدمها للمصريين الذين عرفوها نجمة متألقة وفنانة معتزلة اختارت الظل وهى فى عز مجدها الفنى. وبين قمة الشهرة وظل الاعتزال، مرت سنوات طويلة، شهدت أحداثا كثيرة، وهنا نتوقف مع «شمس» المصرية ذات الجذور السورية، لنتنقل بين تلك السنوات خطوة خطوة، فى أول وأجرأ حوار صحفى خاص ومطول لجريدة مصرية وعربية بعد الاعتزال. وإلى نص الحوار:

■ لماذا تقاطعين الصحافة والإعلام وترفضين إجراء أى أحاديث صحفية أو لقاءات تليفزيونية؟ 
- أنا سعيدة للغاية بحالة السكينة والهدوء والسلام الداخلى التى أعيشها فى بيتى ومع أولادى، لأن الشهرة مرهقة للغاية وليست سهلة لأن هناك أماكن نريد أن نذهب إليها مثلًا ولا نعرف بسبب أن الناس لا تترك الفنان حسن يوسف وأنا لا أعطى المجال لأحد ليتحدث معى وهذا أفضل شيء بالنسبة لى.
■ ماذا غيرت الحياة وخبرة السنين فى شمس البارودى؟ وما الأشياء التى تحسبين لها حسابا قبل فعلها؟
- معظم البشر يقولون على أنفسهم أنهم جيدون ورائعون، لكن أنا حتى هذه الحظة التى أتحدث فيها، ومهما حدث لى ورغم تراكم سنوات العمر، فإننى ما زالت أتعامل بسجيتى وعلى طبيعتى وبالفطرة وحتى إذا كان لى مواقف فى الحياة تعلمت منها الكثير فهذا يرجع إلى نشأتى لأن والدتى، الله يرحمها، كان والدى يطلق عليها «القطنة البيضاء» فأنا وإخواتى مثلها تمامًا ونشبهها كثيرا.
■ لكن رغم الاعتزال والغياب ما زلت تحتلين مساحة كبيرة فى قلوب وعقول كل الأجيال.. ما السر وراء ذلك؟
- بالتأكيد هذا شىء يجعلنى فى سعادة غامرة لا توصف، لأن محبة الناس من محبة الله، وأحمد الله كثيرا أننى ما زلت رغم الغياب والابتعاد عن الفن قريبة من الناس، يتذكروننى دائما ويسألون علىّ وهذا أكبر دليل أننى متواجدة فى أذهانهم وقلوبهم وهذه المكانة لا تعوضها كنوز الدنيا كلها ويمكن السبب أنى صادقة للغاية من داخلى مع الله ونفسى وأيضًا مع الآخرين، وأعتبر الصدق أسهل وأكثر طريق للوصول إلى قلوب الآخرين وهذا هو سر محبة الجميع لى. 
■ أنت من أصول سورية.. كيف تتابعين الوضع هناك حاليا؟ 
- بصراحة شديدة أنا ضد كل الثورات التى اندلعت فى السنوات الماضية فى كل البلاد العربية، بما فيها ثورة ٢٥ يناير فى مصر، وأنا غير معترفة نهائيًا بتلك الفترة لأنى أعى جيدا أن هذه الثورات اسمها «الربيع العبرى» وليس «العربى» وهذا الذى أؤمن به وكل الذى حدث من وجهة نظرى يعتبر فوضى خلاقة دعت لها كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وهذه خطة لتكون دولة إسرائيلية كبرى من النيل إلى الفرات.
وأتذكر فى عام ٢٠١٠ كنت فى دمشق مع «حسن» أثناء تكريمه وكانت ابنتى ناريمان معنا، وكنا نندهش من شدة نظافة وروعة شوارع العاصمة السورية، فعرفنا ونحن هناك أن الدولة لا تأخذ ضرائب من المحلات، وكنت سعيدة للغاية ولكن الآن أشعر بحزن شديد لما حدث فى سوريا لأنى رأيتها فى أجمل أيامها قبل الثورة، ويتمتعون بحرية كبيرة، وأتساءل لماذا يقوم سوريون بما يقومون به حاليا ضد بلدهم؟ وبالطبع أنا ضد هذه الأحداث التى وقعت فى سوريا ولا أعترف بـ«المعارضة المسلحة» وأرى أنهم عبارة عن بلطجية فقط، وأؤيد أيضا الجيش السورى قلبا وقالبا ومع أى جيش بلد عربى مهما يكن، وعندما أقابل أى سورى يعيش فى مصر حاليا يقول لى: نحن عرفنا قيمة سوريا والرئيس بشار الأسد الآن بعد الذى حدث لنا من مآسٍ وأهوال.
■ هل تعرضتم لانتقادات أنت وزوجك الفنان حسن يوسف، بسبب التواصل الدائم مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟ 
- فى عصر الرئيس مبارك لم تكن أحوالنا المادية على ما يرام، لكن كنا نحبه ومتعاطفين معه للغاية، ورغم عدم تكريم «حسن» من الدولة أيام «مبارك»، لكن عندما تنحى انهار «حسن» من البكاء، لأنه رقيق القلب بطبعه وبالنسبة لى لم أزره مطلقا وحسن هو الذى زاره وعندما كان «حسن» معه هناك تحدثت إلى «مبارك» هاتفيا وقلت له «كلنا معاك وبندعى لك».
■ هل تعتبرون «مبارك» مظلوما؟ 
- بالتأكيد نراه مظلوما، فهذا الرجل مهما تحدثنا عنه، له مكانته ومحارب كبير، وقدم للبلد الكثير ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك وأعجبنى للغاية موقف ولديه وأرى أنهما باران بوالدهما، لأنه من الممكن أنهما كانا يهربان، لكنهما لم يتركا أباهما قط وسانداه فى محنته، وكانا يظهران معه خلف القضبان، وكلهما ثقة ويقين وفخر بوالدهما، وأقول لمن ينتقدون «مبارك»: «ارحموا عزيز قوم ذل».
■ أشيع أنك انضممت لحزب تابع للإخوان.. كيف تردين؟ 
- رغم أننى كنت أنا و«حسن» نعرف بالفعل «ناسًا» من الإخوان، لكن أنا لست إخوانية وأعترف أننى كنت أقوم بعمل دعاية لأحد منهم فى انتخابات مجلس الشعب، لكن عندما تابعت أداءهم السياسى، أصابتنى صدمة كبيرة وأصبحت أعمل دعاية ضدهم وقت انتخابات الرئاسة بين الفريق أحمد شفيق ومحمد مرسى، وانتخبت أحمد شفيق وكنت معه قلبا وقالبا .
■ هل ترين أن الزعيم جمال عبدالناصر تعامل مع تلك الجماعات بشكل صحيح؟
- بالتأكيد هم يستحقون أكثر من ذلك، وهو فعل معهم ما فعل، لأنه كان يريد التخلص من أفكارهم الخاطئة، ودائمًا هم يدعون الآخرة والدين، لكن هم يريدون السلطة والدنيا وشهواتها.
■ كيف تتابعين الأوضاع فى مصر حاليا؟ 
- عندما تولى الرئيس السيسى الحكم كنت سعيدة به للغاية ويكفى أنه وضع روحه على كفه واستطاع إقصاء الجماعات الإرهابية، لكن يحتاج إلى مستشارين أفضل حوله، وأنا شاركت فى ثورة ٣٠ يونيو وأرى أن دولة بحجم مصر لا بد أن يحكمها الجيش لأنها مستهدفة.
■ هل تفكرين فى كتابة سيرتك الذاتية أو تحويلها لعمل تليفزيونى؟
- أجابت ضاحكة: كل فترة أقرأ على بعض المواقع الإلكترونية قبل رمضان أن شمس البارودى تعود إلى الأضواء مع حسن يوسف وهناك عدد من أقاربى وأصدقائى يقترحون علىّ أن أسجل تجربتى لكى يستفيد الناس بها، لكن بالنسبة لى لا أفكر الآن فى تقديم سيرتى الذاتية عبر مذكرات وربما أفكر فى هذا الأمر بعد ذلك، أما زوجى «حسن» فيقوم حاليا بكتابة مذكراته الفنية، وللعلم فقد تلقيت عروضا كثيرة من بينها عرض لتقديم برنامج تليفزيونى أحكى فيه عن نفسى من الطفولة إلى الكبر مثلما أتحدث معكم الآن وهذه العروض كانت فى فترة حكم الإخوان وكنت أرفضها تماما. 
وتلقيت عرضا مؤخرا من مجموعة قنوات «سى بى سى» تحدث عنه رئيس القنوات الأستاذ محمد هانى، وعرض على «حسن» الأمر وشرح تفاصيله وكان بمبلغ ضخم للغاية وصل إلى ٢ مليون دولار، لكن شعرت للحظة بعدم الارتياح فرفضت هذا العرض أيضًا.
■ هل تتابعين الحركة الفنية فى مصر؟
- لا إطلاقا أنا لا أتابع أى عمل يعرض على الساحة الآن سواء فى السينما أو التليفزيون، والعمل الوحيد الذى تنهمر دموعى عندما أشاهده هو مسلسل «إمام الدعاة» الذى جسد فيه «حسن يوسف» مسيرة الشيخ محمد متولى الشعرواى، وأتابع فقط كل أعمال «حسن» وأرى أن الدراما ليست واقعا ومتابعتها، ومتابعة الحركة الفنية عموما تحتاج مزيدا من الوقت وأنا أستغل وقتى فى أشياء أخرى مفيدة للغاية بالنسبة لى. 
■ توقع كثيرون عودتك للفن بعد عودة زوجك فلماذا لم تعودى؟ 
- بالفعل تلقيت عروضا مغرية للغاية وما زلت أتلقى حتى هذه اللحظة عروضا، لكنى أرفضها، فعندما أخذت قرارا بالاعتزال أخذته عن اقتناع ولذلك لا يمكن الرجوع فيه مطلقا.
■ بعد الاعتزال تخفت الأضواء وتغيب الشهرة فهل يزعجك ذلك؟
- عندما التزمت دينيا واتخذت قرارا بالاعتزال كان نابعا من داخلى وواقع ويقينى أن كل من على هذه الدنيا فانٍ ولا يبقى إلا وجه الله تعالى، وأصبح لدى يقين أن كل ما نملكه إلى زوال، ومن هنا تركت الشهرة والأضواء وألقيت بهما وراء ظهرى ابتغاء مرضاة الله.
■ حدثينا أكثر عن ملابسات اتخاذك قرار الاعتزال؟
- جاء قرار اعتزالى بعد عودتى من رحلة عمرة مع والدى، وعندما كنت أقرأ فى كتاب الله هناك رأيت الدنيا التى نعيش فيها والتى لا تشبه إلا الشجرة التى نجلس تحت ظلها لوقت قصير ثم نتركها ونرحل مهما قدمنا فيها ومهما حصلنا على كنوز فإنها زائلة لا محالة، لذلك أخذت القرار هناك، وأعاننى الله عليه وثبت فؤادى، وفى بداية التزامى كنت متشددة للغاية ولكن مع القراءة والمعرفة الكثيرة خف هذا التشدد، ومررت بلحظات صعبة كنت أحتاج فيها إلى المال وتلقيت عروضا كثيرة أثناء هذه الظروف القاسية وأحيانا كانت الإغراءات قوية للغاية، لكن بفضل الله تخطيت كل هذه الإغراءات بالقوة والإيمان، والحمد لله على كل شيء.
■ كيف واجهت هذه المرحلة والظروف المادية الصعبة أنت وزوجك؟
- أنا وزوجى لسنا من أصحاب الملايين، لدرجة أننى كنت أشترى الطعام واحتياجات المنزل من الجمعيات الاستهلاكية، وكانت تلك الفترة بالنسبة لى من أصعب فترات حياتى لأنها انقلبت رأسًا على عقب و كنت أصمد وأضع رسول الله أمام عينى، وكان قدوتى فى تخطى تلك المحنة، وبعد التزامى عندما كنت أتدبر أمور الخلق وأفكر فى من وصل إلى الغنى الفاحش أسأل: ماذا كسب من هذه الدنيا، وهو فى النهاية سيترك كل شيء ويذهب إلى الله سبحانه وتعالى بعمله فقط؟
■ من المشايخ الذين تحبين أن تستمعى إليهم وما أكثر من يعجبك؟ 
- قبل التزامى كانت قراءاتى مقتصرة على الفلسفة والأدب لأنى بطبعى محبة للقراءة منذ صغرى، ويرجع الفضل فى ذلك إلى والدى حيث إنه زرع فى وفى شقيقاتى هذه الهواية، وعندما كان يأتى معرض الكتاب كان يأخذنا فى رحلة إليه لنشترى كل ما نحب أن نقرأه من الكتب، وهذا بالطبع أثّر علىّ كثيرا فى حياتى، وتحولت بعد التزامى إلى كتاب الله وكتب السلف وجميعهم استفدت منهم وأصبحت لدى خلفية ثقافية فى معرفة دينى ودنياى.
■ من أى شىء تخافين؟
- بتأثر شديد: بصراحة أنا خائفة من لقاء الله عندما أقابله، وأيضًا من الموت طبعا، وأعمل لذلك ألف حساب.
■ ارتديت النقاب لفترة كبيرة ثم الحجاب، ما الذى جعلك تتراجعين عن هذه الخطوة؟ 
- أعترف لأول مرة أنه فى بداية قرار اعتزالى واتخاذى خطوة الحجاب، بالفعل كنت متشددة وتشددت للغاية، ثم بعد ذلك تعلمت وهذا نتيجة الاستمرارية فى القراءة، التى أثرت فى عقلى ووسعت مداركى بفضل الله.
■ ما الأفلام التى تعتزين بها وتعد علامة بارزة فى مشوارك الفنى؟
- بصراحة شديدة لم أعتز بأى فيلم قدمته عبر مشوارى ولا أتمنى أن أتذكرها وحتى عندما تذكرت فيلم «حمام الملاطيلى» كنت لا أحب ذكر اسمه مطلقًا، فهذا الفيلم أسقطته من ذاكرتى، وأرشيفى الفنى لأننى كنت أرتدى فيه البكينى وظهرت فيه بشكل لا يرضينى حاليا، لكن بالنسبة لى عندما كنت صغيرة كنت منبهرة بالفن والشهرة والأضواء وكان جيلى يرتدى المايوه وللأسف الشديد كنت أرتديه فى كل أفلامى، وأنا الآن حزينة أننى فعلت ذلك. 
غدا.. تنهمر دموعى عندما أشاهد «إمام الدعاة».. والصدق سر محبة الناس لى.