الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

برلنتي عبدالحميد.. امرأة هزت الأمن القومي لثورة يوليو

برلنتى عبد الحميد
برلنتى عبد الحميد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولدت "نفيسة" الاسم الحقيقي لبرلنتي، في السيدة زينب في القاهرة، وبعد حصولها على دبلوم التطريز تقدمت إلى معهد الفنون المسرحية، والتحقت بقسم النقد، ولكن سرعان ما أقنعها الفنان زكي طليمات بأن تلتحق بقسم التمثيل في المعهد، وتخرجت من المعهد العالي للتمثيل.
في عام 1960 انتشر خبر اعتزال برلنتي عبدالحميد من الفن والسينما، ولم تستطع الصحف أن تحدد لماذا اعتزلت الفنانة والراقصة الشهيرة في أوج مجدها، إلا أن الجميع عرف فيما بعد أنها تزوجت من المشير عبدالحكيم عامر، وتحديدا في يوم 15 مارس من هذا العام.

موقف عبدالناصر

وبحسب الاتفاق ارتضت "برلنتي" أن تتزوج سرا من "عبدالحكيم" الرجل المقرب من الرئيس جمال عبدالناصر والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وقد شهد على العقد اثنان من أشقاء المشير، وبهذا أصبحت الزوجة الثانية له، بل والمقربة وخزينة أسراره.
طلب منها المشير "عامر" أن تتوقف عن التمثيل وتحدث بنفسه مع منتج إيطالي كان يريد أن يصنع لها فيلما قائلا له باللهجة الصعيدية "مش هتمثل تاني وهي خلاص اتخطبت"، بحسب رواية برلنتي.
برغم ترويج البعض عن عدم علم "ناصر" بتلك الزيجة، إلا أنه على الجانب الآخر انتشرت مقولات عن علم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بخبرالزواج، وأنه استدعى "عبدالحكيم عامر" إلى مكتبه وسأله مازحا "هو صحيح برلنتي حلوة ياعامر زي مابيقولوا"، فرد عامر قائلا "إنه لم يتزوجها لمجرد إنها امرأة جميلة لكن لأنها أغنته عن صداقة الرجال بثقافتها وصراحتها وخفة ظلها"، مؤكدا أنها نجحت في كل الاختبارات الصعبة التي وضعها فيها، وتأكدت أجهزة الأمن رفيعة المستوى من أنها امرأة فوق مستوى الشبهات.
وأكدت "برلنتي" أن الرئيس عبدالناصر كان يعلم بالزواج، وهو من قام بتسمية مولودها "عمرو" وقام بزيارتهما مرتين في منزل الزوجية، كما أن الأجهزة الأمنية كلها كانت تراقب خطواتها هي والمشير، فبالتالي الحديث عن عدم علمه عار من الصحة والمنطق.

"بداية لقائها بالمشير"

كتبت كتابا حول زواجها بعامر بعنوان (المشير وأنا) صدر عام 1993، كما أصدرت العام 2002 كتابا آخر بعنوان (الطريق إلي قدري.. إلى عامر) وتقول إنه أفضل توثيقا من كتابها الأول الذي كتبته على عجالة، موضحة أنها قابلت العديد من رجال الثورة، واطلعت على عدد من المواثيق والشهادات وكان من حق الناس أن يطلعوا على كل هذا.
وجاء إهداء الكتاب الثاني: "إلى الرجل الذي أحب غيرنا أكثر وأحببناه أكثر، فأحب مصر أكثر من نفسه، وأحب الجيش أكثر من أولاده، وأحب الشعب أكثر من أهله إلى روح الشهيد عبدالحكيم عامر أهدي هذا الكتاب".
تقول "برلنتي" عن قصة تعارفها بقدرها "المشير عامر" إنها كانت تقوم بعقد "ندوة الخميس" في منزلها وتقوم بدعوة صحفيين وكتاب وشعراء ومثقفين كأحد أجواء الستينيات الثقافية، وكان لديها صديقة من روز اليوسف والتي طلبت منها حضور اجتماعا هاما بحضور عدد من المسئولين يريدون معرفة رأي الشعب في أداء الدولة المصرية، ففرحت برلنتي بشدة وقالت:" ايه ده احنا رجعنا لزمن عمر بن الخطاب".
ذهبت "برلنتي" إلي الاجتماع وكان في منطقة "الهرم" وفجأة وجدت الحضور ينتفض واقفا قائلين:" المشير عامر"، فالتفتت لترى على حد ما وصفت إنسانا بسيطا ومتواضعا في مظهره، وكان معه صلاح نصر وعباس رضوان وعلي شفيق، إلا أن الاجتماع لم يعجبها ووصفته بالنفاق من قبل الحاضرين الذي وصفوا المواطنين بأنهم سعداء ولا يواجهون مشاكل بعد ثورة يوليو. 
انتزعت "برلنتي" انتباه المشير بجرأتها عندما طلبت الحديث بصراحة عن المشاكل التي يواجهها المجتمع، ووجهت حديثها له قائلة "ممكن تديني الأمان قبل ما أتكلم"، فرد المشير متسائلا: "تقصدي ايه"، فقالت له "أقصد أن أنام في منزلي وليس في أحد المعتقلات"، فقال لها: "للدرجة دي واخدة عننا فكرة غلط، لا اتفضلي"، فحدثته عن اعتقال والد إحدى صديقاتها بسبب رأي له.
في اليوم التالي، اتصل بها صلاح نصر، مدير المخابرات المصرية، والذي طلب منها مسبقا العمل مع المخابرات وإعطاء مزايا مادية لها، ولكنها رفضت، إلا أنه طلب تلك المرة أن تقابل أحد الأشخاص، فرفضت في البداية ثم وافقت بعد إلحاح "نصر" عليها، وفوجئت بذهابها لمنزل بسيط وسط وجود "المشير" والذي بدأ الحديث معها عن ثقافتها ودرايتها السياسية، لتبدأ من هنا العلاقة التي وصفها "عبدالناصر بأنها هزت أمن مصر".

نكسة يونيو

وعقب نكسة يونيو 1967، نفت "برلنتي" وقوع المسئولية على زوجها، وأكدت أنه لم يكن متواجدًا معها وقت بدء الهجوم الجوي الإسرائيلي، كما اتهمت عبدالناصر بتحمل المسئولية لتصريحاته الاستفزازية تجاه إسرائيل، وإغلاقه خليج العقبة دون التأكد من استعداد الجيش.
وأوضحت برلنتي في كتابيها، أن من قام بعمل منشورات ضد المشير عقب هزيمة الجيش في يونيو، كانت الدولة نفسها، من أجل الحد من شعبيته داخل الجيش والشعب ولإلحاق الهزيمة بشخصه فقط.

وفاتها.

ظلت "برلنتي" تدافع عن المشير عبدالحكيم عامر، وتعلن أنه لم يمت منتحرا، بل مات مسموما، حتى توفيت في 1 ديسمبر 2010 بمستشفى القوات المسلحة بالمعادي، عن عمر يناهز 75 عامًا، بعد إصابتها بجلطة في المخ.