رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"الإبراشي" يبرئ رجال الأزهر ويدين المجتمع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يستطيع أحد أن ينكر براعة الأستاذ وائل الإبراشى فى التحقيق التليفزيونى، الذى سخر له موهبته الصحفية المتميزة، ربما يختلف البعض معه فى عرضه للكثير من سلبيات المجتمع وتعريتها أمام المشاهدين، وهو ما جعل البعض يصفه بمشعل الحرائق، ورغم اعتراضى على ما يتناوله أحيانا خوفا من تأثيره فى نفوس المشاهدين وإصابتهم بالإحباط، فى وقت نحن فى أشد الحاجة إلى رفع الروح المعنوية والحث على العمل والبناء لنجتاز المرحلة الصعبة التى نحياها ونعانى فيها جميعا، ولكنى أقدم له جزيل الشكر على حلقة الأربعاء ١٩/٤ من برنامجه المتميز «العاشرة مساء»، التى استضاف فيها مجموعة من شباب الأزهر الشريف، الذين يعملون أئمة وخطباء غير معينين، ولكن تيسيرا للعمل وملء الفراغ فى بعض المساجد، وبراتب شهرى مائة وأربعين جنيهًا فقط لا غير!!.. ونظرا لسوء أحوال المعيشة وصعوبتها لجأ هؤلاء الشباب للعمل فى مجالات مختلفة مثل الحلاقة والصرف الصحى وبيع العطارة وقيادة التوك توك وغيرها من المهن الشريفة التى لا تعيب العاملين بها، ولكنها لا تلائم هؤلاء الشباب الذين بذلوا الجهد فى تعلم الفقه والشريعة والقرآن الكريم وأحكام التلاوة، كى يستطيعوا تعليم غيرهم من أبناء أمتنا المتعطشين للعلم وفهم الدين الإسلامى السمح، بعيدا عن التطرف والغلو.. لم يلجأ هؤلاء الشباب إلى الجماعات الإرهابية، أو كانت دراستهم الأزهرية كما يدعى بعض المتحذلقين تدعو إلى العنف والإرهاب!!.. بل على العكس الدراسة الأزهرية علمتهم حب العمل والكفاح والتكسب من عرق جبينهم، حتى وإن جار عليهم الزمن ولم يجدوا العمل الذى يلائمهم ويستطيعون من خلاله توفير الحياة الكريمة لأسرهم، فكانت الحلقة التى أدارها الأستاذ وائل ببراعة ردا على من يصمون العلوم الأزهرية بأنها الدافعة إلى العنف والقتل والدمار، وهو ما يلاحق رجال الأزهر مع كل حادث إرهابى يصيب أمتنا، وينبرى رجال الأزهر بالدفاع عنه وكأنهم موصومون! وكـأن من قاموا بالعمليات الإرهابية من علماء الأزهر رغم أنهم لا يمتون إليه بأى صلة! وها هو بالدليل القاطع ورغم معاناة الاحتياج يقف شباب الأزهر أمام العوز بالعمل والكفاح فى مهن بسيطة، لقد استمعنا خلال الحلقة لهؤلاء الشباب المكافحين الذين أبكوا قلوبنا وكلماتهم تقطر ألما وحزنا وتوحى بغياب الحلم وقتل الأمل.. لقد تكلم هؤلاء الشباب وكل أحلامهم التعيين فى وزارة الأوقاف بمبلغ شهرى ألف ومائتي جنيه! راضين بهذا المبلغ كى يستطيعوا رفع هاماتهم أمام المستهزئين بعملهم فى مجالات لا تناسبهم. ومن المبكى ندم هؤلاء الشباب على ضياع العمر فى العلم والفهم والحفظ ليجد كل منهم نفسه يعمل كنجار مسلح أو عامل نظافة! وقال أحدهم: «ليتنا تعلمنا الحرف منذ الصغر حتى نجيدها». لقد تكلم الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أثناء الحلقة، وفسر أن هناك خطة لقبول الأئمة واختبارات للقبول. ورغم منطقية الوزير فى كلماته إلا أنها تخلو من حلول حقيقية لهؤلاء الشباب، وهم أنفسهم يعترفون أن الأعمال التى يمارسونها أبعدتهم عن القراءة والمذاكرة، فهم لم يدعوا أنهم فى كامل كفاءتهم بل ضَعُف مستواهم العلمى ظلما وجورا من المجتمع، هؤلاء الشباب الشرفاء يحتاجون نظرة شاملة لأحوالهم، كفانا وضع رؤوسنا فى الرمال، من يستطيع أن يحيا أو يفتح بيتا بتلك المبالغ الزهيدة؟! إنها دعوة صريحة للانحراف والانجراف فى طريق الشر.. لماذا لا نستفيد من هؤلاء الشباب بتوزيعهم على المدارس الخاصة والحكومية والدولية ولو إجباريا من وزارة التربية والتعليم لتدريس مادة التربية الدينية، بدلا من أن يتعلموها من خلال مدرسى اللغة العربية كما يحدث حتى يتعلموا الدين الصحيح؟ ولا نترك أطفالنا وشبابنا لعبث الجهلاء ومدعى العلم والمشيخة.. لماذا لا نستفيد من هؤلاء الشباب فى فتح كتاتيب حديثة لتحفيظ القرآن تحت إشراف وزارة الأوقاف، لتنشئة أجيال جديدة تعرف دينها جيدا وتعرف أصول اللغة العربية وفروعها؟ لماذا لا نستفيد منهم بتوزيعهم على جميع المساجد المقامة فى المصانع والشركات والمستشفيات وجميع مؤسساتنا ليساعدوا فى نشر الإسلام الوسطى الجميل؟ علينا كمجتمع أن نتكاتف وأن نعيد لهؤلاء الشباب وغيرهم من مهن وفئات أخرى كرامتهم واعتزازهم بأنفسهم، وأن نستفيد بدراساتهم، وخاصة أنهم فى عمر العطاء والإنتاج، وعلى السادة الأفاضل المتفرغين لمهاجمة مشيخة الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر الرجل الخلوق والعالم المستنير الدكتور أحمد الطيب الذى يترفع عن الرد على الذين يحاولون النيل منه، رغم أن وطنية فضيلة الإمام ملء السمع والبصر، ولولا حبه لهذا الوطن وتفانيه فى خدمته وأهمية وخطورة دوره لما حاربه الإخوان وحاولوا إسقاطه بمؤامراتهم المتعددة التى أفشلها جميعا بصلابته وحكمته وضميره اليقظ، وما زالت تحاك المؤامرات ضده رغم سقوط الإخوان، لنرى أن إسقاط الأزهر هدف وغاية للجهات الخارجية التى تعلم تأثيره على مدار السنوات، وتعرف جيدا دوره فى التوعية وحشد الشعب لمقاومة الاستعمار، والتصدى لحملات التتار والصليبيين والحملة الفرنسية والاحتلال البريطانى، ولولا إدراكهم لأهميته لتُرك فى حاله كالعديد من المؤسسات الهامة التى لا تقوم بدورها، ومع ذلك تأمن شر حتى الانتقاد! على هؤلاء المدعين للثقافة أن يراجعوا أنفسهم وكفانا تطاولاً وتشويهاً من أناس لم يقدموا لهذا الوطن بعضا مما قدمه الأزهر ورجاله.