الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جدل حول قرار أمريكي بتوسيع الضربات في الصومال

مخاوف من سقوط ضحايا مدنيين

حركة الشباب المجاهدين
حركة الشباب المجاهدين الإسلامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الجيش الأمريكى لن يكون مضطرًا لتبرير الدفاع الشرعي عن النفس لشنّ ضربات جوية
صمت الجهات الرسمية الصومالية.. والبعض اعتبر الصمت الرسمى تواطؤًا مع الولايات المتحدة
عبدالله فارح: حال سقوط مدنيين ستكسب حركة الشباب المجاهدين مزيدًا من الأنصار
أثار إعلان إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عبر وزارة الدفاع «البنتاجون»، توسيع الصلاحيات الممنوحة للجيش الأمريكى لتنفيذ ضربات فى الصومال ضد متمرّدى عناصر «حركة الشباب المجاهدين» الإسلامية، المرتبطة بتنظيم القاعدة، حالة من الجدل بشأن التداعيات المحتملة على صعيد المشهدين السياسى والأمنى للصومال ولمنطقة القرن الإفريقى بشكل عام.
ففى حين ترى الولايات المتحدة أن لديها الحق فى محاربة «الإرهاب» المتمثل فى حركة الشباب المجاهدين فى الحالة الصومالية، يرى مراقبون أن توسيع العمليات قد يؤدى لزيادة أعداد الضحايا الذين يتساقطون على هامش القصف الذى تنفذه الطائرات بلا طيار، كما فى اليمن وباكستان وأفغانستان وغيرها، وهو الأمر الذى قد يخلق مناخًا أكثر ملاءمة للعنف بل وزيادة تمدد الحركات المسلحة بدلًا من القضاء عليها.
وبحسب تقارير صحفية، فإن مسئولا فى وزارة الدفاع الأمريكية قال، الخميس الماضى، إنّ الجيش الأمريكى بموجب الصلاحيات الجديدة لن يكون مضطرًا لتبرير الدفاع الشرعى عن النفس لشنّ ضربات جوية، وسيكون قادرًا على شنّ قصف يتخذ طابعًا هجوميًا إلى حد أكبر، مضيفًا أن تلك الصلاحيات ستعطى مزيدًا من الاستقلالية فى اتخاذ قرار بشنّ الضربات إلى قائد القوات الأمريكية فى إفريقيا الجنرال توماس والدوز.
وبحسب بيان، قال جيف ديفيس، المتحدث باسم البنتاجون، إن الرئيس ترامب وافق على اقتراح من وزارة الدفاع لتنفيذ أعمال إضافية لدعم قوة الاتحاد الإفريقى فى الصومال «أميصوم»، مشيرا إلى أن هذا الدعم سيتيح زيادة الضغط على حركة الشباب المجاهدين. وقال خلال مؤتمر صحافى فى البنتاجون إنّ مزيدًا من استقلالية القرار سيسمح للجيش الأمريكى بـضرب أهداف بشكل أسرع» وبأن يكون «تفاعليّا» لحد أكبر. 


صمت رسمي
فى إزاء الإعلان الأمريكى، لم يصدر أى تعليق من قبل الجهات الرسمية الصومالية، سواء الحكومة التى صادق البرلمان على تشكيلتها الأربعاء الماضى برئاسة رئيس الوزراء حسن خيرى، أو رئيس الجمهورية المنتخب حديثا محمد عبدالله فرماجو.
بعض الصوماليين المنددين بقرار الولايات المتحدة اعتبروا الصمت الرسمى لسلطات بلادهم بمثابة تواطؤ مع أمريكا، التى يرون أنه لا يحق لها التدخل عسكريًا فى بلادهم ولو بحجة مكافحة الإرهاب، مشيرين إلي أنه ينبغى على السلطات إيجاد بديل عن التدخل الأمريكى، مثل تقوية القوات الصومالية وتسليحها لفرض سيطرة الدولة على كامل التراب الصومالى.
لكن فى المقابل يرى الخبير الصومالى جبريل الكتبى، مدير المركز الصومالى للدراسات الأمنية، فى تصريحات لـ «البوابة» أن «القرار الأمريكى يأتى فى إطار الخوف من التمدد الإقليمى لتنظيم داعش، من خلال انضمام محتمل لأعداد هائلة من مقاتلى الشباب لتنظيم الدولة، وعليه فإن الغارات الأمريكية المحتملة لا شك أنها ستلحق ضررًا كبيرًا بالحركة، ومن شأنها أن تؤدى إلى تقليل حدة الهجمات المباشرة التى كانت تشنها الحركة على معسكرات أو مواقع تابعة للحكومة الصومالية أو القوات الإفريقية، وهو ما يفسر الصمت الرسمى. 


مخاوف من سقوط مدنیین
من جانبه، قال الكاتب الصومالى عبدالله فارح، فى تصريحات خاصة لـ «البوابة»: إن «القرار فى مجمله يندرج تحت نشاط الولايات المتحدة فى القرن الإفريقى، وخصوصًا الصومال التى تنشط فيها، وتنفذ ضربات جوية، وعمليات أرضية من حين لآخر، سواء من خلال قوة أمريكية، أو باستخدام قوات مكافحة الإرهاب التى أسستها فى أغلب ولايات الصومال، لكن الجديد فى هذا القرار هو إعطاء صلاحيات واسعة للجيش الأمريكى وقياداته، وتغيير قواعد الاشتباك، والتخفيف من القيود التى وضعها الرئيس الأمريكى السابق بعد ارتفاع نسب المدنيين الذين يسقطون بسبب ضربات الطائرات بدون طيار». 
وأوضح عبدالله فارح أن «محللين أمريكيين أشاروا إلى أن القرارات الجديدة تعطى الإذن بضرب الأهداف المشبوهة، دون تحمل عناء التثبت والتنسيق مع الجهات المختصة، وكمثال على ذلك تمر الصومال اليوم بموجة جفاف تدفع لكثير من البدو للتنقل المستمر من مكان لآخر، بحثًا عن الماء والمرعى، وقد يتحركون فى مناطق مصنفة كمناطق قتال تنشط فيها حركة الشباب، وهذا قد يعرضهم لضربات جوية، خصوصًا إذا علمنا من خلال تجارب سابقة تسرع القيادات العسكرية الأمريكية فى تنفيذ الضربات بحثًا عن إنجازات سريعة».
وأشار الكاتب الصومالى إلى أن «القرار مرتبط بحملة ترامب، إذ إنه يحاول أن ينجز بعض الشيء فى وعوده التى تتعلق بمكافحة الإرهاب فى الخارج، لاسيما بعد المعارضة العارمة لسياسته التى يواجهها فى الداخل الأمريكى، ولهذا فعّل الجيش الأمريكى أنشطته فى اليمن، ويبحث عن إنجازات أخرى فى هذا المجال فى الصومال، مستغلا ضعف الدولة وغياب التغطية الإعلامية ووجود قوات إفريقية على الأرض، ولهذا قرر الخوض فى حرب لا تستند إلى معايير أخلاقية تحمى المدنيين».


نتائج عکسیة
وحول التداعيات المتوقعة حال تنفيذ القوات الأمريكية ضرباتها طبقًا للصلاحيات الجديدة الممنوحة من قبل الرئيس دونالد ترامب، قال عبدالله فارح إن «التداعيات المتوقعة برأيى هى نتائج عكسية لهذه العمليات فى حال سقوط مدنيين، حيث ستكسب حركة الشباب المجاهدين مزيدًا من الأنصار».
ودلل «فارح» على رؤيته لحدوث نتائج عكسية حال سقوط مدنيين بالقول: «حين دخلت القوات الإثيوبية العاصمة مقديشو منذ سنوات، لمحاربة حركة الشباب المجاهدين ارتكبت مجازر فى حق المدنيين من خلال القصف العشوائى، ما أدى لصعود نجم حركة الشباب والتفاف الناس حولها، بل كان هذا العصر الذهبى للحركة، واليوم تواجه الحركة تضييقًا وانحسار نفوذ كبيرين، بعد أن خسرت أغلب المناطق، وبعد أن فقدت مصادرها الاقتصادية والظهير الشعبى، وانحسرت عملياتها فى تفجيرات انتحارية، ولذا فإن أى مواجهة معها لا تكون حذرة، قد تكون سببًا فى تعاطف الشعب واستعادة النفوذ».


إعادة الأمل
قرار الرئيس الأمريكى المنتمى للحزب الجمهورى دونالد ترامب توسيع عمليات بلاده العسكرية فى الصومال أعاد إلى الأذهان عملية «إعادة الأمل» التى قامت بها القوات الأمريكية فى العام ١٩٩٢ فى عهد الرئيس الجمهورى جورج بوش «الأب»، حيث دخل قرابة ٣٠ ألف جندى أمريكى إلى الصومال، بناء على قرار أممى بدعوى محاربة الجماعات المسلحة وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.
ولم تمض أشهر قليلة على دخول القوات الأمريكية للصومال حتى دخلت فى مواجهة عنيفة مع عناصر الميليشيات الصومالية المسلحة بقيادة الجنرال محمد فرح عيديد، والذى أصدر مجلس الأمن الدولى قرارًا بإلقاء القبض عليه وأراد الأمريكيون تنفيذ القرار، لكن أتت الرياح بما لم تشته سفن الأمريكان، حيث تحول الوجود الأمريكى فى الصومال بمثابة كابوس للجنود فقد قتل فى آخر مواجهة بين الطرفين فى ٣ أكتوبر ١٩٩٣ ثمانية عشر جنديًا أمريكيا وجرح أكثر من ٨٠ آخرين، كما أسقطت طائرتان مروحيتان من طراز «بلاك هوك»، ووقع أحد طياريها فى الأسر، كما سجلت الكاميرات وقتها الحدث المدوى والذى اعتبر علامة فارقة فى تلك الحرب وهو مشهد سحل جثث الجنود الأمريكيين فى شوارع مقديشو.
ورغم أن قرار «ترامب» يتمثل بشكل أساسى فى ضربات جوية تنفذها غالبا طائرات من دون طيار، إلا أن التدخل البرى غير مستبعد فى حال فشل القوات الإفريقية المتمثلة فى «أميصوم» وقوات الحكومة الفيدرالية فى السيطرة على الوضع الميدانى.