الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نظرة إنسانية على الإرهاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعاني مصر من موجات الإرهاب التي تضرب أغلب بلدان الكرة الأرضية، في شرقها وغربها، إلا أن العالم يتكاتف فيما بينه في التصدي لهذه الظاهرة، وتعمل مصر وحدها في حرب القضاء عليه سواء في سيناء أو في أي منطقة تسعى هذه الكيانات الارهابية الوصول إليها، ويقدم رجال الجيش والشرطة أرواحهم ودماءهم في سبيل هذه الحرب المقدسة التي تستهدف القضاء على كل أعداء الإنسانية والحياة من أرباب الشيطان.
ومساء الإثنين شهدت ألمانيا حادثة إرهابية في برلين على غرار ما شهدته نيس في فرنسا العام الجاري، وبالتزامن تم إغتيال السفير الروسي في أنقرة على يد شرطي تركي، وعلىى الفور مات السفير، وراح ضحية حادث برلين 9 مواطنين أبرياء، وبعدها بدقائق أعلنت سويسرا عن مقتل شخص وإصابة 2 آخرين إثر عملية إطلاق نار على مركز إسلامي في زيورخ.
الإرهاب لا يعرف ديانة، ولا يفرق بين دم المسلم والمسيحي وهو ما شهدته مصر في تفجير محيط مسجد السلام وتفجير الكنيسة البطرسية، لكنه يعرف جيدا ماذا يريد، وماذا يستهدف، ضرب الوحدة الوطنية ولحمة الشعب مع الجيش في هذه الحرب التي تبتغي نشر الفوضى وعدم الاستقرار في بلادنا، إلا أن الشعب هو من يتصدى لمثل هذه المؤامرات التي تريد النيل من وحدته.
القوانين ليست كافية وحدها لحماية المجتمع من الاختراق الأمني، كما أن الإجراءات الأمنية لا تكفي وحدها أيضا لفرض الاستقرار، ولا شعارات التسامح والتعايش التي تتبناها الدولة وبعض الجهات المدنية لحفظ استقرار المجتمع وحماية أمنه وحياة أشخاصه، وهو ما جعل الرئيس يطالب أكثر من مرة بضرورة تجديد الخطاب الديني للتخلص من الأفكار والقواعد التي يستند عليها الإرهابيين في قتل المسلم أو المسيحي بغير حق ليصل بذلك الى الجنة والحور العين.
إن ما نحتاجه بشكل عاجل هو ترسيخ قيم المنطق القائم على حوار العقول وليس المتوارث والتعامل معه كثوابت غير متجددة أو قابلة لذلك، بالاضافة للووعي المدرك أن التعايش والتسامح ليسا ضرورة زمنية مؤقتة، بل هما حاجة إنسانية فطرية، ولا يستطيع الإنسان الاستغناء عنهما الإنسان، على أن يبدأ ذلك من خلال ترسيخ هذه القيم والمفاهيم في عقول الطلبة في كافة مراحل التعليم.
بطبيعته يتمتع الشعب المصري بالوعي المكتسب من موروثه الثقافي الممتد من آلاف السنين وحضارته التي قامت على فنون الحياة، إلا أن الأفكار الوهابية التي طرأت علينا غيرت من شأن هذه القيم، لتحدث شرخا في جدار الحياة المصرية، لذا أصبح من الضروري أن نعلم الطلبة لأنهم المستقبل، أن وعي المجتمع و إدراكه عقليا وقناعته بالتعدد والتنوع واحترام مختلف الآراء كسنة إلهية، هو الحارس الأمين على استقرار المجتمع وأمنه.
حينما تهاجم مواقع التواصل الاجتماعي بشكل ممنهج الدولة وكافة مؤسساتها، والتشكيك في رموز الدولة، وتتهمهم بالوقوف وراء العمليات الارهابية، دون أن تتخذ الدولة خطوة وإجراءات ضدهم فان ذلك من شأنه نشر مثل تلك الأفكار وترسيخها في عقول النشئ الجديد، وهو ما ينذر بكارثة في المستقبل، لذلك يجب على الدولة محاربة هذه الظاهرة التي يستهين بها البعض، لأن نتائجها في المستقبل كارثية، وهو ما يراهن عليه أعداؤنا، لأنهم يؤمنون بتحقيق الفكرة، ولا يهتمون بـ"متى" على قدر اهتمامهم بـ"كيف" يتحقيق ذلك، سواء في القريب أم في البعيد.
وعندما تجد البعض يتفاخر بسعادته بتوجيه الارهاب ضربات لدور العبادة أو لمؤسسات الدولة، ولم تقم السلطات الأمنية بالقبض عليهم في الحال مثلما تفعل فرنسا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة تجاه من يرتكب مثل هذا الجرم، فأننا نكون قد قصرنا في حربنا على الإرهاب، لأن هذه الأفعال جرم لم تلتزم الدولة تجاه مواطنيها بالتصدى له، رغم تأثيره غير المباشر في وجدان وشخصية الشباب، على أن تتحول هذه الأفكار فيما بعد الى نمط حياة اكتسبه البعض بسبب اللا مبالاه تجاه هذه الظاهرة.
تودع مصر كل يوم شهداء جددًا جراء العلميات الارهابية، لرجال ضحوا بحياتهم ودمائهم وأرواحهم من أجل أمننا واستقرار الدولة، إلا أن بعض الجهات المسؤلة عن أمن المعلومات رغم نجاحها في سرعة التوصل لمرتكبي حاث تفجير الكنيسة البطرسية في أقل من 24 ساعة، إلا أنها لا تلتفت بالشكل الكافي للخطر الذي يسببه إنتشار التطرف والأفكار المعادية للانسانية في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تعد هذه الأفكار بذرة و نواه للعنف والإرهاب، ليتمكن من تحقيق أهدافه فيما بعد بسبب تعاملنا معه بوجهات نظر إنسانية قد تؤدي إلى إزهاق أرواحنا فيما بعد إذا لم نتصدَّ لهذا الخطر الذي يمتلك قدرة الوصول للجميع.