الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو المقدمات والنهايات "22"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول المثل العربى القديم «على نفسها جنت براقش»، وها هو محمد مرسى وجماعته يقضون على أنفسهم بهذا الإعلان الدستورى المشين الذى صدر فى الثانى والعشرين من نوفمبر ٢٠١٢، ليكون بداية لمنحنى السقوط السريع، والذى انتهى فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣، وقد توقفنا فى المقال السابق عند احتشاد المئات من شباب الإخوان عصر ذلك اليوم، الخميس ٢٢ نوفمبر أمام دار القضاء العالى بأوامر مباشرة من مكتب الإرشاد، والذى كان قد استحدث نظامًا جديدًا للحشد يتوافق مع المعطيات التكنولوجية، حيث بات استخدام الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة هو أسرع وسيلة للجمع، وكان الإخوان قبل ذلك يعتمدون على الأوامر المباشرة لرؤساء الشُعب ومنهم إلى مسئولى الأُسر، وفى ذلك اليوم بدأ مكتب الإرشاد فى بعث هذه الرسائل منذ الواحدة ظهرًا، وفى غضون ثلاث ساعات تجمع المئات، وهم لا يعلمون السبب ولكنه الولاء الذى يحتم عليهم السمع والطاعة دون نقاش أو جدال، وعندما وصلوا إلى المكان المحدد قيل لهم إن قرارات مهمة سيصدرها الرئيس مرسى عند المساء، وعلينا أن نستبقها بتأييد مطلق لها، كى نرهب كل من تسول له نفسه الاعتراض عليها، وقيل لهم أيضًا إن هذه القرارات ستقضى بإعفاء النائب العام من منصبه، وظهرت اللافتات التى تم طبعها وتحضيرها صباحًا، ووزعوا عليهم قطعًا مجسمة من الصابون واللوف كإشارة رمزية إلى التطهير، وبدأوا فى ترديد الهتافات المضادة للقضاء والنائب العام ولبعض الإعلاميين، وسرعان ما تسرب خبر هذه التظاهرة إلى القنوات الفضائية التى قامت على الفور بنقلها لا سيما أن التليفزيون المصرى نفسه قد فعل ذلك حتى جاءت السادسة مساءً ليطل علينا عبر الشاشات المختلفة ياسر على المتحدث الرسمى باسم الرئاسة، وهو يتلو الإعلان الدستورى والذى جاء نصه كالآتى: «بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى ١٣ فبراير ٢٠١١ وعلى الإعلان الدستورى الصادر فى ٣٠ مارس ٢٠١١ وعلى الإعلان الدستورى الصادر فى ١١ أغسطس ٢٠١٢. ولما كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ قد حملت رئيس الجمهورية مسئولية تحقيق أهدافها، والسهر على تأكيد شرعيتها وتمكينها من إجراءات وتدابير وقرارات لحمايتها وتحقيق أهدافها وخاصة هدم بنية النظام البائد وإقصاء رموزه، والقضاء على أدواته فى الدولة والمجتمع والقضاء على الفساد واقتلاع بذوره وملاحقة المتورطين فيه وتطهير مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية مصر وشعبها والتصدى بمنتهى الحزم والقوة لرموز النظام السابق ـ ولاحظوا هذا الكم الهائل من الألفاظ المكررة والمترادفة والتى تدل على عدم مراجعة الصياغة بشكل كافٍ وتدل أيضًا على ضعف المعنى ـ المهم أن المقدمة انتهت الى القرارات التالية: «المادة الأولى: تعاد التحقيقات والمحاكمات فى جرائم القتل والشروع فى قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب التى ارتكبت ضد الثوار بواسطة كل من تولى منصبًا سياسيًا أو تنفيذيًا فى ظل النظام السابق، وذلك وفقًا لقانون حماية الثوار وغيره من القوانين، المادة الثانية: الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢ حتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، تكون نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أى جهة قضائية، المادة الثالثة: يعين النائب العام من بين أعضاء السلطة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب»، وأما المادة الرابعة: فنصت على مد عمل لجنة الدستور لشهرين آخرين، وأما المادة الخامسة فكان نصها: «لا يجوز لأى جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور»، وجاء فى المادة السادسة أن لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة ٢٥ يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر، وبناء على هذا الإعلان الدستورى، فقد تم عزل المستشار عبدالمجيد محمود لأنه عين ٢٠٠٦ وأصدر مرسى قرارًا جمهوريًا بتعيين المستشار طلعت إبراهيم نائبًا عامًا، وهذا ما أعلنه ياسر على أيضًا، والذى اختتم تلاوة القرارات الجمهورية بصرف معاشات وتعويضات لكل المتوفين والمصابين فى أحداث ٢٥ يناير وما بعدها، وذلك لضمان ولاء البعض لهذه القرارات التى لم يعرف تاريخ مصر شبهًا لها، فقرارات الرئيس محصنة ولا يجوز لاحد أن يطعن عليها، وبذا فقد وهب نفسه سلطة مطلقة وأصبح من حقه أن يفعل أى شىء وكل شىء، أما مجلس الشورى فلا يجوز حله ولو بحكم قضائى، وقد أدى هذا الإعلان الدستورى إلى حالة من الغضب العام فى الشارع المصرى، كما أدى إلى استقطاب شديد وحاد بين المصريين فصاروا ما بين مؤيد ومعارض، وعلى الفور اجتمعت القوى السياسية المعارضة فى مقر حزب الوفد، وكان من بين المتواجدين حمدين صباحى ومحمد البرادعى وأيمن نور وجورج إسحاق وعمرو موسى وغيرهم ليعلنوا رفضهم التام لهذا الإعلان ودعوا إلى تشكيل جبهة لإنقاذ مصر.. وللحديث بقية.