الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

محمد الباز يكتب: حوار الخديعة "2".. إبراهيم منير.. الإخواني الكاذب يتحدث عن سمعة الجيش

 الكاتب الصحفي محمد
الكاتب الصحفي محمد الباز و إبراهيم منير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى واحد من التفسيرات التى لا تقف على قدمين، ذهب بعضهم إلى أن إبراهيم منير الذى يطلقون عليه نائب المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية، ما خرج بحواره وتلميحه إلى المصالحة ـ التى لم تكن كذلك على الإطلاق ـ إلا من أجل صناعة أزمة، يصر على ما قاله، ينتقده الإخوان، يتجاوزون فى حقه، يعلن انفصاله عن الجماعة، التى لم يعد لها مستقبل على الإطلاق لا فى مصر ولا فى خارجها. 
التفسير على حاله هذا يغفل بعدا مهما للغاية، وهو أنه ليس المتعاطفون مع الإخوان هم المغيبين فقط، وليس شباب الإخوان هم الذين يعيشون فى غيبوبة وحدهم، فشيخ الجماعة وقياداتها أيضًا يعانون من نفس الغيبوبة وذات الغفلة، إذ يعتقدون أنهم قادرون على المواجهة، والعودة مرة أخرى إلى المشهد السياسى، وكأن ثورة لم تقم ضدهم، وكأن شعبا لم ينتفض ضدهم، وكأن حالة من الكراهية المطلقة تخلقت تجاههم، فلن ينسى الشعب المصرى لجماعة الإخوان أن أعضاءها حاولوا سرقته، ولما فشلوا بدأوا فى قتله. 

كان يمكن أن أتجاهل تماما ما قاله المدعو إبراهيم منير، فما دمت أرى أنه يعيش فى غيبوبة، وتلفه الغفلة، فما الفائدة إذن من اشتباك مع ما يقوله؟ . 
أقول لكم ما الفائدة، إننا أمام جماعة فعليا فقدت كل شىء، جعلنا ظهرها للوراء، ومن الطبيعى جدا أن تظل تدافع عن نفسها حتى اللحظة الأخيرة، وكلما أدركت أن أنفاسها الأخيرة أصبحت كل ما تملك، استخدمت كل ما لديها من حيل وأساليب شيطانية للانتقام. 
كان واضحا من اللحظة الأولى لثورة الشعب فى ٣٠ يونيو، أن المعركة بين الإخوان والجيش ليست هى المعركة الوحيدة، معاركها مع كل فئات المجتمع واضحة ومكشوفة وتفاصيلها لا تخفى على أحد. 
لم يخف الشعب مشاعره ولا رأيه ولا موقفه من الإخوان، وقبل أن يدخل مرسى قصر الاتحادية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢ بأيام، تخلقت حركات معارضة ضده، لم تكن معارضة على أرضية اتفاق، يسعى أصحابها إلى مساعدة الرئيس الجديد فى المضى قدما فيما يخطط له ويريده، ولكنها معارضة تعمل على أرض التناقض الواضح والحاد والشامل، هدفها خلع الرئيس من منصبه طال بذلك الزمن أو قصر. 
على العكس تماما وقف الجيش المصرى على الحياد، تعامل باحترافية شديدة، فمحمد مرسى هو الرئيس الذى جاء بانتخابات، حدث فيها ما حدث، لكن فى النهاية لابد من احترام النتيجة، تعاون الجيش معه من اللحظة الأولى، وبدا هذا واضحا فى تقديم التحية العسكرية له على أرضية معسكر الهايكستب حيث تسليم السلطة من قبل المشير محمد حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة والفريق سامى عنان رئيس أركان الجيش. 

وحتى اللحظة الأخيرة أراد الجيش الذى أعلن قائده الجديد الفريق أول عبدالفتاح السيسى أنه لن يسمح بإراقة الدماء أو الاعتداء على المصريين، أن يحافظ على تماسك المجتمع ويمنع الاقتتال الأهلى، والتاريخ شاهد على ذلك. 
فى ٢٣ يونيو ٢٠١٣ أعلن المجلس العسكرى عن مهلة أسبوع ليجتمع الفرقاء السياسيون على كلمة واحدة، وكانت المهلة فى حقيقتها موجهة إلى الرئيس وجماعة الإخوان التى كانت تواجه بمعارضة حادة وطلبات محددة على رأسها إعادة النظر فى حكومة هشام قنديل الإخوانية، وإعادة الدكتور المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام إلى منصبه، وتعديل بعض مواد الدستور المختلف عليها. 
لم يلتقط الإخوان المسلمون الرسالة، اعتقدوا أن المهلة التى يسوقها المجلس العسكرى موجهة إلى المعارضة التى لم تكن تملك إلا هتافا واضحا هو يسقط يسقط حكم المرشد، فواصلت الجماعة غيها وإصرارها على موقفها، وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد. 
فى ٣٠ يونيو كانت هناك مهلة أخرى، ٤٨ ساعة منحها المجلس العسكرى كبراح أخير للجماعة ورئيسها، لكن أحدا لم يستمع ولم ينصت، ولم يحاول حتى أن يجبر الكسر الذى وقع، وانتهت المهلة بفرصة تاريخية منحت لمحمد مرسى أن يتحدث إلى الشعب المصرى عبر التليفزيون، ولو كان هناك من يخطط للانقلاب عليه لمنع من الحديث إلى الناس مساء ٢ يوليو ٢٠١٣، إلا أنه أضاع هذه الفرصة أيضًا، لما يقرب من ساعة يردد كلاما تافها مثله عن الشرعية التى لم يكن يعترف له بها لحظتها إلا هو ومن يتبعونه فى جماعته. 
حتى عصر ٣ يوليو ٢٠١٣ كان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح السيسى يرى ضرورة الاستفتاء الشعبى على بقاء مرسى من عدمه، لكن المعارضة التى اجتمعت على قلب رجل واحد وكان فى مقدمتها محمد البرادعى رأت أنه لابد من عزل محمد مرسى الآن وليس غدا. 

لم يخطط الجيش للانقلاب على محمد مرسى إذن، لم يسع إلى السلطة، كان يريد أن يصلح ما اعوج ويجبر ما انكسر، لكن الجماعة التى كانت تسارع إلى السقوط فى الهاوية تجاهلت معطيات الواقع وواصلت فيها، وأعتقد أن السيسى الذى ظل مترددًا حتى اللحظة الأخيرة فى قبول ترشحه للرئاسة، ما كان ليفعل ذلك لولا الضغط الشعبى الهائل عليه، والذى رأى أصحابه ضرورة أن يكمل جميله، فقد انحاز إلى الشعب ضد الإخوان، ولابد أن يستكمل مواجهتهم مع الشعب، فقد أدرك الناس أن الجماعة التى تم خلعها من الحكم، لن تصمت ولكن ستعاود الانتقام بأشرس صوره وأحط مستوياته. 
يعرف الإخوان المسلمون جيدا أن الجيش المصرى يقف على قلب رجل واحد، يساندون القيادة السياسية التى تضع خدمة الوطن على قمة أولوياتها، ولذلك فهم يسعون إلى شق الصف وزرع الفتنة وتأليب المتحالفين على بعضهم البعض. 
لقد فشلت الجماعة الإرهابية فى كل محاولاتها لاستعادة ما كان لها من سلطة. 
بعد عزل محمد مرسى قاموا بمظاهرات فى كل المحافظات إلا أن مظاهراتهم فشلت تماما بعد أن حاصرهم الشعب فى بيوتهم، وحال بينهم وبين الخروج، وكانت أيام الجمعة تشهد ما يشبه الكر والفر بين أعضاء الجماعة والشعب فى الشوارع، أرادوا أن يشعلوا الشوارع بالهتاف، إلا أن الشعب وقف لهم بالمرصاد. 
اعتصموا فى رابعة العدوية ونهضة مصر وكان تخطيطهم واضحا، فقد أرادوا أن يقولوا للعالم إن هناك ما يشبه الدولة فى رابعة، عقدوا اجتماعا لمجلس الشورى هناك، وشكلوا حكومة، وأرسلوا الرسائل للعالم بأنهم لا يزالون موجودين، إلا أن الفض الذى أمرت به النيابة ونفذته قوات الشرطة بمساندة قوات الجيش وبتأييد شعبى جارف، أفقدهم ورقة مهمة كانوا يلعبون بها فى مواجهة الشعب الذى رفض المساومة والابتزاز. 
هرب منهم من هرب ولجأوا إلى عدة دول كونوا فيها منصات إعلامية بدعم دولى هائل، جعلوا منها ساحات حروب ضد مصر وكل ما يحدث فيها، لكن تأثيرهم الإعلامى كان ضعيفا ومتهافتا، فلم يكن هناك شىء حقيقى واحد يقولونه، فانصرف عنهم الناس، لأنهم أدركوا كذبهم وإفكهم وافتراءهم. 
تواصلوا مع الجهات الدولية والبرلمانات العالمية، عقدوا جلسات مطولة للتحريض ضد مصر، وهو تحريض استخدموا فيه كل أساليبهم الرخيصة، اصطنعوا الأكاذيب وسوقوا لها بإصرار، ودارت معركة دبلوماسية شرسة لعب فيها الرئيس شخصيا دورا كبيرا من خلال جولاته الخارجية، حتى أفقدناهم هذا السلاح، الذى لم يترددوا فى استخدامه لفرض كل العقوبات على مصر. 
لجأوا للشائعات، سخروا كل منصاتهم على شبكات التواصل الاجتماع، لبث شائعات هدفوا منها لتصدير القلق إلى الشعب المصرى والإيقاع بينه وبين نظامه مرة، وبينه وبين حكومته مرة، وبينه وبين جيشه مرة، وقد أثر كثير من الشائعات، حتى انتبهت الحكومة إلى هذا السلاح الحقير، فبدأت فى تفنيد شائعات الإخوان أولا بأول، حتى فقد هذا السلاح قوته، وبدأ الناس يتعاملون مع كل ما يصدر عن الجماعة على أنه مجرد أكاذيب لا يجب الالتفات لها.

الآن تلجأ الجماعة إلى سلاح جديد تماما، وهو الإيقاع بين الجيش وقيادته. 
وهنا أعود مرة أخرى إلى حوار إبراهيم منير نائب ما يسمى مرشد الإخوان العام الذى أجراه معه موقع «عربى ٢١» المناصر كليا للجماعة والممول كليا من قطر، وأتوقف أمام فقرة واحدة منه يقول فيها نصا: «هناك شرفاء داخل المؤسسة العسكرية، وأنهم قد يؤدون دورا مهما خلال الفترة المقبلة»، مؤكدا أن دور هؤلاء الشرفاء وإن تأخر لظروف معروفة، فلا ينبغى أن يتأخر لتصحيح سمعة جيش الشعب المصرى متلاحقا مع كل قواه الوطنية، وأن يكون الهدف هو حماية الدولة المدنية واحترام كل شرعيتها، وأهمها دور الجيش فى حماية حدود الوطن كما يحدده الدستور». 
هذه الفقرة المكثفة شديدة الخطورة، تستدعى اشتباكا واضحا معها، وهو اشتباك أضعه هنا فى نقاط محددة. 
أولا: يحاول إبراهيم منير الإيحاء بخبث شديد أن هناك تحركات داخل المؤسسة العسكرية ضد النظام الحالى، وهذه التحركات يقوم بها من سماهم الشرفاء، وهى كلمة من كثرة استخدام الإخوان لها أصبحت مبتذلة وممولة، فمن يتوافقون معهم فيما يريدون يصبحون شرفاء، ومن يعارضونها ويقفون فى طريقهم ليسوا كذلك. 
ثانيا: هذه المجموعة التى تتحرك ضد النظام تقف عقبات كثيرة فى طريق تقدمها، لكنهم يجب ألا يتأخروا أكثر من هذا، وفى هذا تحريض واضح من مسئول إخوانى، يحاول من خلاله أن يصنع فتنة داخل صفوف الجيش، فهو يستنهض من يتخيل أنهم يتحركون بالفعل، رغم أن هذا ليس إلا خيالا فى عقله المريض. 
ثالثا: المفارقة التى تستدعى السخرية تماما، هى أن إبراهيم منير يستنهض من يتخيل أنهم يتحركون داخل المؤسسة العسكرية لإنقاذ سمعة الجيش المصرى، وكأن سمعة هذا الجيش تعنيهم، أو يخافون عليها. 
وهنا لابد من الإشارة إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية منذ اللحظة الأولى لثورة ٢٥ يناير وهى تخطط لتفكيك الجيش المصرى، كانت تعرف أنه الجهة الوحيدة المنظمة فى البلاد التى يمكن أن يلجأ إليها الناس لإنقاذهم من الفوضى والخراب الذى أعقب الثورة، ولما كانت الجماعة طامعة تماما فى الحكم، فقد رأت أنه من الضرورى شن حملات استباقية ضد الجيش وكل من ينتمى إليه وكل ما يمثله.

هناك من يرى أن شباب الثورة هم أول من نحتوا هتاف «يسقط حكم العسكر» بعد أحداث مارس ٢٠١١، وهى الأحداث التى وقع فيها صدام بينها وبين قوات الجيش تم احتجازهم على أثره فى المتحف المصرى، وأجريت كشوف عذرية على بعض البنات اللاتى تم احتجازهن. 
لكن ما لدى من معلومات أثق فى مصادرها أن هذا الهتاف تحديدا تم نحته فى اجتماع لمكتب الإرشاد، حضره خيرت الشاطر بعد الإفراج عنه فى بدايات مارس ٢٠١١. 
كانت وجهة نظر خيرت الشاطر أن هذا الهتاف يمكن أن يضع المجلس العسكرى فى خانة اليك، فالجيش لا يؤيد أن يتورط فى العمل السياسى، لكن الظروف التى شهدتها مصر يمكن أن تجعل الناس يلجأون إليه، ويطلبون منه أن يتحمل المسئولية، وعليه فلابد من إحراجه، ونشر هذا الهتاف فى كل الفعاليات، حتى يشعر المجلس العسكرى أن الشعب لا يرغب فيهم. 
طلب خيرت أن يقوم شباب الإخوان فى التواجد ضمن فعاليات شباب الثورة ممن لا ينتمون إلى الجماعة وترديد هذا الهتاف، وبعد ذلك سيلتقطه الآخرون وسيروج له الإعلاميون، فتصبح المواجهة بعيدة عن الإخوان المسلمين. 
خلال سنة حكم الإخوان اللعينة حاولت الجماعة التحرش بالجيش ومؤسساته أكثر من مرة، أساء المرشد لقيادات الجيش ثم اعتذر، وقام إخوانى تافه بإلقاء قصيدة فى الاحتفال بعيد الأم تضمنت طعنا فى جنود الجيش ثم اعتذر، وحاول مرسى أن يلعب فى المؤسسة العسكرية بالإيقاع بين قياداتها، لكن كل ذلك فشل. 
الجماعة تعرف ترابط المؤسسة العسكرية إذن وتعرف أنها لا يمكن أن تعود مرة أخرى إلى السلطة إلا إذا أزاحت الجيش من طريقها، ولذلك لا يمكن أن نعتبر ما قاله إبراهيم منير إلا حلقة فى سلسلة استهداف الجماعة لوحدة الجيش وتماسكه، وهو ما لن يحدث لهم أبدا. 
رابعا: يحاول إبراهيم منير بمنهجه الفاسد ومنطقه المعوج أن يوحى بحرصه على أن يقوم الجيش بالعودة لدوره مرة أخرى، وهو الدور الذى حدده له الدستور، وهو أن يقوم بالدفاع عن الحدود، وما لا يعرفه هذا المأفون، أنهم بإرهابهم حولوا كل شارع وكل بيت فى مصر باستهدافهم له إلى حدود، يقف الجيش عليها لحمايتها من إرهابهم. 
لم تعد الحدود هى الحدود المعروفة جغرافيا، فعندما يكون الوطن كله مستهدفا من الإرهابيين وعلى رأسهم «الإخوان المسلمين»، فكل مصر حدود، وها هو جيشنا يدافع عنها بدمه، وهو ما يرتضيه ونرضى عنه، بقى فقط أن تصمت الجماعة القاتلة لأنها لن تنجح أبدا فى صنع الفتنة بين جيش وشعب تلاشت الحدود بينهما.