الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ميثاق شرف القضاء على الغلاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ظل الحراك الذى تقوم به الدولة فى الأيام الأخيرة، بهدف النهوض بالاقتصاد المصرى من عثراته التى وقع فيها على مدار العقود الماضية، ومع ارتفاع أسعار المحروقات، وقرارات تعويم الجنيه، الذى يتزامن مع صخب إعلامى يزيد من حدة التوتر فى الشارع. وسط كل هذه التفاعلات الحاصلة، نجد أن مصر فى أشد الحاجة الآن لميثاق شرف بين كل الأطراف المذكورة ليعيد للشارع اتزانه.
نعم، مصر تحتاج إلى ميثاق شرف يعزز من الترابط بين قطاعات وفئات مختلفة ومتضادة فى المجتمع، نحن فى حاجة إلى ميثاق شرف بين التجار والمستهلكين، وبين الإعلاميين والصحفيين، وبين المسئولين والمواطنين، ليكون هذا الميثاق بمثابة طوق نجاة يخرجنا من ظلمات البحر الهائج الذى نسبح فيه، ويعيد الهدوء والاستقرار المفقودين فى المجتمع، ويجعلنا نخطط للمستقبل بخطى واسعة، وأعصاب باردة.
وأهم «ميثاق شرف» قد يحدث تغييرًا فى الشارع المصرى، هو قرار رئيس الحكومة بتشكيل لجنة من بعض الوزراء والخبراء لوضع آلية جديدة لتحديد هامش ربح المنتجات والسلع، المحلية والمستوردة، وربط ذلك بنظام متطور بالتنسيق مع اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام للغرف التجارية، وإعداد دراسة تفصيلية عن كيفية تطبيق «ميثاق الشرف» هذا، لتحديد هامش ربح يلتزم به الجميع، بعدها تقدم هذه اللجنة تقريرًا مفصلًا بنتائج أعمالها وتوصياتها إلى رئيس الجمهورية ليتخذ قراره المناسب.
وهذا القرار، على الرغم من أهميته، إلا أنه قد يلاقى معارضة من البعض، بأن يتهموه أنه عودة إلى النظام الاشتراكى القديم، الذى عملت به مصر فى الماضى، وكان يسمى «التسعيرة الجبرية»، قائلين إنه يتعارض مع النظام الاقتصادى الحر الذى تعمل به مصر الآن، وبعيدًا عن هذا الانتقاد، يبقى سؤال مهم: هل نحن فعلًا قادرون على تطبيق هذا الميثاق؟ أم أن اللجنة المشكلة من أجل إنجازه ستنتهى مثلما انتهت لجان كثيرة غيرها دون أن تنتج جديدًا؟ فالمواطن المصرى ينظر إلى هذه اللجنة أنها طوق نجاة لجيبه من ارتفاع الأسعار، التى طاشت ولا يستطيع أحد إيقافها، وقد طال الغلاء سلعًا دون داعٍ، ولا علاقة لها بأى أزمات «إحدي هذه السلع على سبيل المثل هى الأسمنت الذي ارتفع سعر الطن فيه بشكل غير مبرر». ففى اعتقادى أن هذه اللجنة إذا أراد الله لها أن تنجح ستكون نجدة عاجلة للمواطن المصرى الغلبان، وهى فكرة عبقرية من الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحاول بشتى الطرق وقف الارتفاع الجنونى للأسعار.
وهذا «الميثاق» يكشف لنا مدى انعدام الضمائر لدى كثير من التجار ومحتكرى السلع الكبار، الذين طفحوا بجشعهم على الباعة الصغار، بعد أن أصبح الغالبية منهم ينظرون إلى مصالحهم الخاصة ومكاسبهم الضخمة دون النظر إلى المستهلك المطحون.
فبعض صغار التجار يرفعون الأسعار بحجة ارتفاع سعر الدولار، رغم أن السلعة التى يبيعها لم يصلها أو يمسها سعر الدولار، والبعض الآخر يقوم بتخزين السلع على أمل مضاعفة أرباحه بعد قرار تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار. هذا الميثاق لا يجب أن يتوقف دوره عند حد تطبيقه على الجميع، بل يجب محاسبة كل من يخرج عنه حسابًا عسيرًا وسريعًا، وبعقوبات مغلظة، حتى يكون عبرة لغيره ممن يمصون دماء المصريين. وعلينا أن نأخذ بتجارب دول سبقتنا فى هذا الطريق، بإصدارها قوانين مغلظة ضد كل محتكر أو مغالٍ فى سعر السلع، وقد وصلت أحكامها لعشر سنوات وأكثر. نحن فى أشد الحاجة لأن يفعّل القانون بحذافيره فى هذا الوقت، ويطبق على الجميع، الكبير قبل الصغير، كى تستقيم الأمور وتستقر الأوضاع فى البلاد إن شاء الله، ونعبر بمصر من هذه الأزمة التى تحتاج إلى تكاتف الجميع.