الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بالتفاصيل.. دعارة ومخدرات ومنشطات في حفلات "بول بارتي" الشبابية

على عينك يا تاجر.. ودعوات عبر «فيسبوك» للاشتراك

 حفلات «بول بارتى»
حفلات «بول بارتى»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إحدى الصفحات: خد حبيبتك وانزلوا البسين ملط وعبر لها عن حبك
أدمن صفحة: أنشطتنا تحظى بتأمين من الشرطة والهدف «الحرية والسعادة.. وتنشيط السياحة»
التذكرة تبدأ من 500 جنيه شاملة المشروبات الروحية و«الفياجرا» ومعظم المشتركين دون العشرين
ليس استسلامًا لنظرية المؤامرة، ولا ترديدًا للمقولات المعلبة بأن العالم «ترك ما وراءه وما أمامه» واستغرق في التدبير لإسقاطنا، لكن الثابت والمؤكد أن هناك بالفعل محاولات مسعورة لذلك.
وليس سعيًا لفرض الأخلاق على الناس بالقوة الجبرية، ولا استغراق في العويل على ما صارت إليه الأمور من فوضى في ظل انفلات مواقع التواصل الاجتماعى، واستخدامها لترويج الفساد والإفساد في مجتمعنا الذي يمكننا «حتى الآن» أن نجزم بأنه أكثر ميلًا إلى المحافظة.
إنها مواجهة مع حقيقة يبدو السكوت عنها خطرًا داهمًا، كما أن التضخيم منها خطر أيضًا.
في الآونة الأخيرة ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعى بصفحات تدعو إلى حضور حفلات الـ«بول بارتى».. فما تلك الحفلات؟ وماذا يحدث فيها؟
مبدئيًا.. الـ«بول بارتي» هي حفلات يقبل عليها مراهقون ومراهقات لممارسة الجنس وتعاطى الخمور والمخدرات، وتشمل قائمة «الإغراءات» توزيع منشطات جنسية على الراغبين، والهدف المعلن قضاء وقت ممتع بعيدًا عن الرقابة والقيود.
هذا ما تقوله الصفحات المنتشرة على «فيس بوك»، والكارثى أن بعضها يبلغ عدد المشتركين فيه ٣٠٠ ألف شاب، وهو رقم لا يعنى بالضرورة أنهم جميعًا يحضرون تلك الحفلات، لكن المؤكد أن لديهم شغفًا بمتابعتها، ومن ثم فإنهم يمثلون فرائس سهلة يمكن اصطيادهم لدخول عالم الدخان الأزرق والإدمان والعلاقات الجنسية غير المشروعة وبالطبع الأمراض المنقولة عبر الاتصال الجنسى وإلى آخر قوائم الموبقات.
من تلك الصفحات واحدة «نتحفظ على ذكر اسمها» تروج لما تقول إنه سياحة.. لكن ما نوعية تلك السياحة؟
المنشورات على الصفحة تحدد ذلك، فالسياحة المقصودة هي حفلات «بول بارتي»، والدعوات كلها تدور حول «تعال أنت وصديقتك لقضاء وقت ممتع متحرر بعيدًا عن الرقابة»، وتضم الصفحة صورًا لحفلات سابقة، تشمل فيما تشمل صور شباب وفتيات في أوضاع «حميمية» وبنات يرقصن وهن «نصف كآسيات»، أو «نصف عاريات» أيهما أقرب.
وكتبت الصفحة حرفيًا «النهارده الخميس وجبنا لك مكان هادى في مصر الجديدة علشان لو حابب تصالح مراتك في مكان ضلمة.. وهو عند شيراتون الأكاديمية البحرية.. وخليك ناصح واقف على اليمين مش على الشمال علشان اللى جاى عكسك مينورش في وشك.. ويشوفك وانت بتصالح مراتك.. خلى الأكاديمية البحرية على إيدك الشمال وامشى لحد آخر الشارع واقف في أي مكان هناك.. وبننصحك تسيب تكييف العربية شغال والموتور شغال وتقفل الأنوار».
أليست تلك دعوة علنية للدعارة، أو على الأقل لممارسة فعل فاضح بالطريق العام؟
وإذا كان المنشور السابق يدعو إلى «مصالحة الزوجة» هذا مع التحفظ عما وراءه، فإن منشورات أخرى تتحدث عن ترشيح أماكن لقضاء وقت مع «الصاحبة».. بل إن هناك منشورات أخرى تطالب المعجبات بالصفحة بتسجيل اسمها على «الملابس الداخلية» للفوز بيوم شامل الخدمة في أحد فنادق الجونة.
«كل يوم هنرشحلكم أماكن جديدة تخرجوا فيها.. وعلشان بكره السبت ولسه في ناس عندها إجازة والشباب خلصوا الامتحانات وقاعدين فاضين نقترح عليكم تروحوا........... هناك ممكن تركن عربيتك في هدوء وتستمتع بالرومانسية مع الخمور والسماء الصافية».
«تعال أنت وصحبتك فيه عندنا شيش وويسكى وشامبانيا وفواكه بالتلج وفياجرا ومشروبات منشطة».
وتمضى الدعوات إلى «المتعة» فتقول واحدة أخرى «النهارده نص الشهر وقبل المرتب ما يخلص صفحتنا بتقول لك لو صاحبتك قافشة منك خدها من إيدها واعملها مفاجأة في المكان الرومانسى ده وبعد ما تصالحها خدها وزقها في البسين وانزل عبر لها عن حبك ليها.. صفحتنا بتقولك الكلام الرومانسى مش بيطلع غير وانت قالع في البسين».
هكذا تمضى الأمور بعيدًا عن الرقابة من قبل أجهزة الدولة، حتى أن الصفحة التي نحتفظ باسمها ونعلن استعدادنا لتقديمه للجهات المختصة تزعم أن جميع نشاطاتها تجرى تحت حراسة الشرطة.. «هناك حفل بول بارتى في أحد أحياء القاهرة الراقية بنقول لك متخافش خد صحبتك وانزل البيسين ملط عشان تعرف تطلع كل مشاعرك معاها واشرب درينك كل ده عشان تروق نفسك ومتخافش الحفل مؤمن من شرطة السياحة».
وبالاتصال بأحد المسئولين عن تنظيم حفلات «بول بارتي» قال إن الحفلة المقبلة ستكون بداية الشهر المقبل وثمن التذكرة ٥٠٠ جنيه شاملة الخمور والمخدرات والفياجرا، مضيفا «ده أحسن سعر في مصر.. فيه حفلات تانية أغلى كتير».
ومضى زاعمًا: حفلات «بول بارتي» تقام منذ وقت طويل للأجانب في المدن السياحية كالغردقة وشرم الشيخ والعين السخنة أو الفيلات المستأجرة داخل القاهرة الكبرى بعد استخراج الموافقات والتصاريح الأمنية.. ويتم الدفع بأعداد كبيرة من «البودى جارد» لحماية المشاركين في الحفلات.
ويضيف «سعر الحفلة للأجانب يبلغ ٣٥٠٠ جنيه، لكن هذا السعر لا يناسب الشباب في مصر فقررنا أن ننظم حفلات اقتصادية، في أماكن راقية، ينعمون فيها بالحرية والراحة ويتحررون من القيود».
وهناك صفحة أخرى تدعو في الظاهر لبعض الأماكن السياحية ولكن عندما تتفحص منشوراتها لن تجد صعوبة في اكتشاف أنها صفحات لممارسة الدعارة وتعاطى الممنوعات.
تلك الصفحة تعرض كمية واسعة من الصور الفاحشة لفتيات يرتدين البكينى ويتراقصن ويحككن أجسادهن بشباب، وتعلن أماكن تجمعات المعجبين بها في القاهرة والساحل الشمالى.
والغريب أكثر أن «الأدمنز» تركوا أرقام هواتفهم لمن يرغب في التواصل، الأمر الذي دفع محرر «البوابة» إلى استقصاء الأمر، فإذا بالصوت الذي جاء من الطرف الآخر يؤكد أن حفلات «بول بارتي» تقام في أحد الأماكن بالتجمع الخامس، في القاهرة الجديدة، ويمكن الانضمام إليها عبر سداد الرسوم بواسطة بطاقات الائتمان أو خدمة «فودافون كاش»، وما أن يسدد «الغاوي» ثمن «الغواية» يصله رقم الحجز باسمه.
ولا يقتصر الأمر على السداد الإلكترونى، حيث يستطيع الشاب الالتقاء بمنظمى الحفل في مكان بوسط البلد لسداد المال نقدًا، غير أن هذا الأمر ليس متاحًا للجميع، فهناك مخاوف من «البصاصين» وفقًا لتعبير الأدمن الذي طلب عدم ذكر اسمه، بعد أن أكد أن عدد التذاكر محدود والراغبين في الحضور كثيرون جدا، فإذا كنت جادًا فأسرع حتى تسعد بالوقت الممتع والحرية المطلقة في «بول بارتي».
■ بعدئذ.. يبقى السؤال، أين دور أجهزة الدولة من هذه الدعوات المرعبة؟ ماذا تفعل لوقف العمليات الممنهجة أو غير المرتبة لجر الشباب إلى براثن الرذيلة والمخدرات؟
- هذان سؤالان يجيب عليهما مصدر بوزارة الاتصالات قائلا: «من المستحيل تتبع هذه الصفحات وغلقها تلقائيا من قبل مباحث الإنترنت.. وإذا قفلنا صفحة هيفتحوا غيرها بعدها بـ٥ دقائق، ولو المباحث بتراقب كل الصفحات دى فإحنا محتاجين جيش يراقب كل صفحات الفيس بوك».
ويحمّل المصدر ذاته الأسرة المسئولية، معتبرًا أن الدول التي لجأت إلى حجب الصفحات نجح الشباب فيها في ابتكار تقنيات لكسر البروكسى واختراق الحظر، ما يعنى أن الحظر مجرد قرار صورى، لا يجدى نفعًا، ومن ثم فالأسرة هي المسئولة من قبل ومن بعد.
لكن هذا لا يمنع أن يكون للدولة دورها، وفى هذا الإطار يجب على المواطنين مساعدتها، أو كما يقول المصدر ذاته: «المواطنون يبلغون عن حالات احتكار السكر، بغرض ضبط الأسواق، فلماذا لا يبلغون عن تلك الصفحات لشرطة الإنترنت من أجل ضبط الأخلاق»، مشددًا على أن الدولة لا تتهاون مع الدعوات إلى الانحلال، غير أن فرضية قدرتها على مراقبة جميع ما يُنشر على شبكة الإنترنت هي فرضية مستحيلة.
ويقول إنه في حال ورود بلاغ بصفحة ما فإن الإجراء الذي يتخذ هو غلقها ومن ثم ملاحقة القائمين عليها، وتحويلهم للنيابة وفقا لقانون جرائم الإنترنت.
وتعتبر الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق أحد روافد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالقرار الوزارى رقم ٤٠٥ لسنة ١٩٨٢ وتم إنشاء إدارة البحث الجنائى للإدارة في ٢٠٠٢ تحت مسمى إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات بالقرار الوزارى رقم ١٣٥٠٧ لسنة ٢٠٠٢ وتختص الإدارة بمكافحة صور الجرائم التي يتم ارتكابها من خلال الإنترنت والتحقيق في جميع جرائم السب والقذف والتشهير والخيانة الزوجية والنصب وسرقة كروت الائتمان والتسوق الشبكى والتعدى على الملكية الفكرية والتعدى الجنسى على الأطفال.
وتقول الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، إن هذه الممارسات الشاذة تخرج عن سياق العادات وثقافتنا الشرقية المحافظة على القيم والتقاليد.
وتعلق أستاذ علم الاجتماع على صور هذه الحفلات.. وكيف أن الشباب والفتيات يرتدون ملابس عارية، قائلة: إن تواجد مثل هذه الأفعال المشينة في الآونة الأخيرة ظاهرة بشعة في مجتمعنا المصرى وظاهرة «بول بارتي» ليست الأولى من نوعها، فهناك مؤشرات مرعبة على أن هناك قوى ما تريد سحب الشباب إلى منظومة قيم وعادات وتقاليد بالغة الخطورة على هويتنا الثقافية والحضارية المصرية.
وطالبت الدكتورة هالة منصور بمحاسبة القائمين على تنظيم مثل هذه الحفلات التي تزرع في المجتمع الفسق والفجور والرذيلة، قائلة: «هذه ظواهر مزلزلة وعواقبها الوخيمة على الأخلاق ليس ممكنا وقفها»، مشيرة إلى أن الشباب ينضمون إلى تلك الحفلات من منطلق حب التقليد أو التأثر الثقافى بالقيم الغربية، والمؤسف أن الأسرة لم تعد تتولى مسئوليتها التربوية ما أسفر عن تفسخ واضح في المجتمع.
ويقول الدكتور طارق عنانى، أستاذ الطب النفسى، إن ظاهرة «بول بارتي» وقبلها حفلات عبدة الشيطان تظهر الاشتراك في عنصرى انضمام الصغار من المراهقين إليهما، فمعظم المشتركين في الحفلات لا تزيد أعمارهم على ٢٠ عامًا، كما أنهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية من الأثرياء، هذا إضافة إلى أن نسبة منهم من أبناء المغتربين الذين تركوا أبناءهم في مصر وحدهم للدراسة الجامعية.
ويضيف «إذا كنا نحذر من التطرف الذي يرفع شعار الدين، والذي أسفر عن ظهور الجماعات التكفيرية والإرهابية، فإننا يجب أن ننتبه إلى التطرف الذي يعادى الدين، فمصر الوسطية لا تقف على الطرف المتشدد مع أو ضد الدين، والمؤكد أن الأخلاق هي صمام أمان هذا المجتمع».
ويضيف «من الملاحظ أيضا أن معظم المشتركين بالحفلات من خريجى المدارس والجامعات الأجنبية ما يدفع إلى التساؤل عن منظومة القيم التي تروج لها التعليم الأجنبى في مصر، وكذلك ما دور المؤسسات الرقابية وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالمى لضبط محتوى القيم التي يغرسها التعليم الخاص في البيئة الاجتماعية».
وقال «نظرًا لأن الشباب الذين يقبلون على بول بارتى ينتمون إلى الفئات الاجتماعية الثرية فإنهم لا يقدرون قيمة المال، والأكثر من ذلك بل والأغرب أننى من واقع عملى لمست لدى قطاع كبير منهم رغبة مرضية في تدمير الذات».
وأشار دكتور طارق إلى خطورة الفراغ والملل لدى هؤلاء الشباب وهو الأمر الذي جعلهم يفرغون طاقتهم في هذه الحفلات وغيرها من التقاليد الغريبة على المجتمع المصرى والعربى، ورغبة منهم أيضا في المغامرة وكسر حاجز الخوف والخجل ما يساعد على إقامة هذه الحفلات. 
ويرصد أيضًا عامل التقليد الأعمى للقيم الغربية قائلًا: «من دون تهويل ولا تقليل، هناك غزو ثقافى يستهدف عقول شبابنا، وهناك مساع لتمرير أفكار مدمرة إلى الأجيال الناشئة، وهو الأمر الذي لن نستطيع مواجهته إلا بتضافر جهود المؤسسة الدينية والإعلام والأسرة، وإذا أخل طرف من الأطراف الثلاثة بواجباته فلنتوقع المزيد من الكوارث».
ويرى أن الشباب الذين يرتبطون بمجموعات تروج لـ«بول بارتي» هم شخصيات مزاجية فقدوا البوصلة الأخلاقية ويمرون بمرحلة من «التوهان»، لكن هذا لا يعنى أن هؤلاء الشباب ضاعوا للأبد فمن الممكن إعادتهم إلى جادة الصواب بالنصح المتزن العاقل، هذا مع ملاحظة أن معظمهم سيعود إلى القيم الأصيلة للمجتمع ما أن ينضج، ذلك أن متاعب ومسئوليات الحياة لن تسمح لهم بالاستمرار في العبث. 
وأضاف أن حفلات الفجور في مصر وراءها محرك خارجى، مشيرًا إلى أن هناك مساعى موجودة لتغيير الذوق العام منذ سنوات وليس الآن فقط، حيث نجد أن الموضة خير مثال على ذلك، فقد توسعت عمليات تصدير الملابس التي لا تناسبنا بسعر رخيص فيقبل عليها المستهلكون خاصة الشباب المراهق، فبمجرد أن تنظر إلى الشباب والفتيات في الشارع تجدهم يرتدون ملابس غريبة لا تناسب مجتمعاتنا وقد لا تفرق بين الشاب والفتاة سواء في طريقة اللبس أو التعامل. 
ويقول كلها تقاليد غربية يقوم بها الشباب دون وعى أو فهم لطبيعتها فبعضهم يلبس ملابس مدونة عليها شعارات باللغة الإنجليزية لا يعرف معناها وقد تمثل سبًا للديانات السماوية أو تدعو إلى العنصرية الدينية أو السياسة أو شعارات لجماعات منبوذة وتمارس الشذوذ، موضحًا أن الحرب لم تعد بالسلاح والرصاص إنما هي حرب ثقافات وهدم حضارة وقيم المجتمعات ومن ثم اختراقها والسيطرة عليها.